بين كيري وعزام الأحمد.. أيهما أصدق

وسائل الإعلام «الإسرائيلية» وقبل أن يعود وزير الخارجية الأميركي جون كيري مجدداً إلى المنطقة احتلت صفحاتها الكثير من التسريبات والمقالات من أن الوزير كيري عندما قرر المجيء في جولته الأخيرة كان يضمن في جيبه ونتيجة للضغوط التي مارسها مسألتين الأولى المرونة في مواقف الطرفين الفلسطيني و«الإسرائيلي» من استئناف المفاوضات بينهما وتضييق هامش الشروط والشروط المقابلة والثانية تمديد المهلة الزمنية للوزير الأميركي في حال لم يتم تحقق شيء جدي على مسار استئناف هذه المفاوضات بين الجانبين. وقد استخدمت هذه الصحافة عبارة محددة في الإشارة إلى نجاح الضغوط الأميركية التي مارستها على رئيس السلطة الفلسطينية بقولها «لقد رقق كيري شروط الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن لاستئناف المفاوضات مع «إسرائيل».
في هذا الصدد تحدثت هذه الصحف عن قبول رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو القيام بمبادرة حسن نية تجاه السلطة ورئيسها والمتمثلة في الإفراج عن عدد من الأسرى الفلسطينيين القدامى والمعتقلين ما قبل أوسلو بعد الحصول على قرار من المجلس الوزاري المصغر في الحكومة «الإسرائيلية» على أن يستمر إطلاق سراحهم وعلى دفعات وفقاً لتقدم ما يسمى بعملية السلام والمفاوضات. بالإضافة إلى تجميد الاستيطان من خارج الكتل الاستيطانية والتي أصبحت بحكم الأمر الواقع. وتتابع الصحف القول: ـ هذا التنازل الذي سيقدمه نتنياهو سيقابله تنازل من جانب رئيس السلطة الفلسطينية والمتمثل في تخليه عن المطالبة باستئناف المفاوضات على أساس حدود العام 1967 كمرجعية للتفاوض.
فهل ما ذكرته هذه الصحافة من تسريبات يمثل حقيقة مداولات الأيام الأربعة والساعات التسع عشرة التي أمضاها الوزير كيري في لقاءاته مع كل من نتنياهو ثلاث عشر ساعة وأبو مازن ست ساعات في جولات مكوكية بين القدس وعمان ورام الله وباللغات الثلاث على حد ما قاله الوزير كيري؟
يأتي الجواب من مطار بن غوريون حيث صرح كيري للصحافيين قائلاً «أنا سعيد بإخباركم بأننا أحرزنا تقدماً حقيقياً في هذه الرحلة وأعتقد أنه بالمزيد من العمل فإن بداية مفاوضات الحل النهائي ستكون في متناول اليد». وتابع تصريحه بالقول «لقد بدأنا مع فجوات عميقة للغاية وقمنا بتقليصها بشكل ملحوظ» مؤكداً أن الفجوة تضيق بين الطرفين. وبحسب كيري «لدينا تفاصيل محددة ونعمل لمواصلتها ولكنني واثق للغاية بأننا على الطريق الصحيح وبأن الأطراف كافة تعمل بإيمان شديد بأننا سنصل إلى المكان الصحيح».
وما ذكره رئيس كتلة فتح البرلمانية عزام الأحمد في تصريحات «لسكاي نيوز العربية» يناقض في الجوهر ما صرح به الوزير الاميركي في ختام جولته حيث هاجم الأحمد الوساطة التي يقوم بها كيري من أجل استئناف المفاوضات الفلسطينية ـ «الإسرائيلية». موضحاً أن الجولة المكوكية الحالية للوزير الاميركي في المنطقة كشفت عن دور غير نزيه تلعبه الإدارة الأميركية في ملف المفاوضات بين الطرفين. وأوضح عزام الأحمد أن الوزير كيري لا يحمل معه شيئاً جديداً خصوصاً في ملفي الاستيطان وحل الدولتين. وتابع الأحمد: «أن مشكلة السلام في الشرق الأوسط هي الإدارة الأميركية قبل «إسرائيل». وأشار الأحمد إلى أن المبادرة التي تحدثت عنها وسائل الإعلام بخصوص دفع عملية السلام قدماً مصدرها وسائل إعلام «إسرائيلية» أو أميركية متهماً الإعلام العربي بالترويج لما تطرحه وسائل الإعلام «الإسرائيلية» والأميركية. واعتبر الأحمد إعلان «إسرائيل» موافقتها على بناء 930 وحدة استيطانية جديدة في مستوطنات القدس المحتلة رد «إسرائيلي» على جولة الوزير كيري وكان نتنياهو يقول له: ارحل من هنا. وشدد الأحمد على أن الإدارة الأميركية منحازة إلى «إسرائيل» مشيراً إلى أن الإدارة الأميركية تقف دائماً بالمرصاد للفلسطينيين مستفيدة مما تشهده بعض دول ما يسمى الربيع العربي من اضطرابات.
وفي ظل هذا الغموض الذي يكتنف الجولة الخامسة لوزير الخارجية الأميركية جون كيري والمداولات التي أجراها الأخير مع أبو مازن ونتنياهو والتي لم يتم الكشف عن فحواها لا يمكننا التكهن أين تكمن الحقيقة حول صحة التقدم من عدمه فبين تصريح الوزير كيري الذي أكد فيه إحراز تقدم ولو بسيط في مقابل ما صرح به الأحمد والذي أكد فيه أن لا جديد قد يحمله الوزير كيري واتهم دوره بعدم النزاهة.
وإذا كان ما يعزز الاعتقاد أن لا تقدم قد حصل فمرده لمسألتين الأولى أن المعارضة «الإسرائيلية» قد حمّلت رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو مسؤولية فشل جولة الوزير الأميركي في تحقيق أي تقدم ملموس في جهوده الهادفة إلى استئناف المفاوضات بين الفلسطينيين و«الإسرائيليين». وذكرت صحفة «جيروزاليم بوست الإسرائيلية» قول إسحاق هرتسوغ عضو الكنيس عن حزب العمل: ـ يجب على نتنياهو المجيء إلى الكنيست ليشرح أسباب مغادرة كيري من دون تحقيق تقدم كما أنه بحاجة إلى أن يخبر الجمهور بالخطوات الملموسة التي ينوي أن يقوم بها لكسر الفجوات ولكي يبدأ في محادثات مباشرة مع الفلسطينيين». والثانية النفي الذي قدمه رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو حول عدم تقديم أية تنازلات للجانب الفلسطيني من أجل تشجيعهم للعودة إلى طاولة المفاوضات. جاء ذلك في معرض رده على سؤال وجهته نائبة الوزير «تسيفي حوتبول» خلال الاجتماع الذي عقده حزب الليكود حول ما تم تسريبه من إشاعات تحدثت عن موافقة نتنياهو تقديم تنازلات والذي قال: خيمة المفاوضات لا زالت خالية ونحن ندرك بأننا نتجه نحو مفاوضات قاسية وصعبة لذلك ليس من المنطق الإعلان سلفاً وقبل بدايتها عن أية تنازلات وأنا ـ أي نتنياهو ـ لا أؤمن بالمفاوضات مع الذات ولا أنوي مفاوضة نفسي.

السابق
انقلاب مدني شعبي ينقذ مصر
التالي
الكتيبة الكورية تقدم مكتبة كوريا في العباسية