بري وحزب الله لعون: اخترت الأسوأ

لان المكتوب يُقُرأ من عنوانه، ليس متوقعا لجلسة المجلس الدستوري الثلاثاء المقبل ان تُحدث تغييرا انقلابيا في المعادلة التي أرساها أطراف الصراع بين مؤيّد للانتخابات ومحبّذ للتمديد.

في كواليس «الثنائي الشيعي» عدم تفهّم لـ«عناد» الرابية في إجراء الانتخابات «رغما عن أنف إرادة نيابية كاسحة، تمثلت بـ108 نواب (بمن فيهم من تغيّبوا عن الجلسة من المؤيّدين) وافقوا على اقتراح التمديد لمجلس النواب».

لكن ما يرى عون انه قادر على تحقيقه انتخابيا من خروق في بعض البقع المسيحية الصعبة، لا سيما البترون، يرى حليفاه انه لن يتمكن من تحقيق ذلك من دون سواعد حلفائه المسيحيين، وعلى رأسهم «الطاشناق». الحزب الارمني سبق ان أبلغ المعنيين بأنه غير جاهز للمنازلة. بقية الحلفاء وضعهم ليس أفضل حالا. ثمة في الوسط الشيعي الحليف من يقولها كما هي «خيارنا (التمديد) يحمي ميشال عون!».

لكن بغض النظر عن اختلاف الحسابات بين الحلفاء، ثمة حرص من جانب عين التينة والضاحية على عدم «تكبير المشكل» مع ميشال عون، وتصنيفه في خانة الخلاف في وجهات النظر، مع التأكيد «على القدرة على تنظيم هذا الخلاف لمنع حصول مزيد من التوتر».

لا يرى حليفا الرابية في كل ما قدّماه تخليا عن الزعيم المسيحي الاول. لذلك تعود الذاكرة بهما الى مداولات الدوحة في العام 2008، حيث سار «حزب الله» و«حركة أمل» مرغمين بخيار ميشال عون في اعتماد «قانون الستين» معدلا، برغم معارضتهما له. وهي معارضة كادت تدفع بالرئيس بري الى مقاطعة جلسات «شيراتون الدوحة».
«توأمة الخيارات» استكملت حين أعطى الرئيس بري والسيد حسن نصرالله موافقتهما على «المشروع الارثوذكسي»، ولاحقا ببصمهما على الحرم المسيحي على «قانون الستين».

لكن عند الوصول الى مفترق الخيارات الصعبة، اختار عون الأسوأ لا السيئ برغم قوله العكس. واذا كان منطق «الجنرال» قائماً على أساس انتخابات مهما كلّف الامر وجرّ الجميع اليها، فعندها قد يُجابه بمنطق آخر مفاده «وجود أي حكومة أفضل بكثير من لا حكومة».

في السياق نفسه، لم تجد الضاحية وعين التينة حرجا في إبلاغ عون، مباشرة أو بالواسطة، بأنه في سياق أي قانون انتخابي «فإن الكتلة الشيعية لن تهتزّ».
وللمفارقة فإن النسبية التي قد تؤدي الى تذوّق «الثنائي الشيعي» للمرة الاولى طعم الخسارة، كانت ولا تزال تشكّل المطلب الاساس لدى «أمل» و«حزب الله»، بتأكيد أوساطهما.
ضمن هذا المنطق، لم يهرب الحليفان الشيعيان من الانتخابات. وبميزان المصالح، فإن الاستحقاق أصلا لن يغيّر في التوازنات القائمة، «لذلك فبدلا من تمديد هذا الواقع لأربع سنوات، فإن الاقتراح الذي أقرّ في مجلس النواب يقلّصه الى عام وخمسة أشهر. هنا تكمن مصلحة 8 آذار وميشال عون»، يؤكد المقرّبون من الرئيس بري.

وبالاضافة الى إشكالية العودة الى انتخابات على أساس قانون رُجِم ليل نهار، من قبل عون وفريقه، بحجارة قضم الحقوق المسيحية، فلا يجد حليفا «الجنرال» تبريراً لتمسّكه بانتخابات في ظل ظرف أمني وسياسي أقل ما يمكن أن يقال فيه إنه بالغ التعقيد والخطورة.

وتحرص أوساط بري على التأكيد «أن لا خيط يربط بين الموقف من الانتخابات وقرار مقاطعة أعضاء المجلس الدستوري الثلاثة للجلسات والذي أتى على اثر رفض رئيس المجلس الاستماع الى إفادة رؤساء الاجهزة الامنية بشأن الظروف الامنية التي شكّلت محور الأسباب الموجبة للتمديد».

وتضيف الاوساط «في اللحظة التي ستتمّ الاستجابة فيها الى الكتاب الخطي الذي وجّهه الأعضاء الثلاثة الى القاضي عصام سليمان للاستماع الى الامنيين، فإنهم سيشاركون حتما في جلسة الثلاثاء. وهذا الامر لا يزال مدار بحث».

لكن ماذا عن سيناريوهات ما بعد جلسة الثلاثاء؟ تؤكد أوساط «الثنائي الشيعي» أنه في حال قبول الطعن سيتمّ الالتزام بهذا المعطى الدستوري. مع العلم أنه حتى الساعة لم يحصل أي نقاش بين «قوى 8 آذار» وميشال عون بشأن شكل التحالفات الانتخابية.

أما في حال عدم قبول الطعن فالتمديد، كما توضح الأوساط عينها، سيفتح النقاش مباشرة على الوضع الحكومي. «الشرط الاول لهذا الفريق قائم على معادلة «حزب الله» مكوّن أساسي لا أحد يستطيع تجاوزه». يلاقيه من المصيطبة عدم وجود رغبة بإقصاء الحزب. هذا كان موقف تمام سلام قبل أن تصمت محركات التأليف الحكومي.

منذ إقرار التمديد، توقفت تقنياً لغة الكلام في الصيغة الحكومية على خط المصيطية – عين التينة – الضاحية. لكن هذه المحطة شكّلت ايضا تجديدا لثقة «الثنائي الشيعي»، كما تقول أوساطه، بالرئيس المكلّف تمام سلام لاستكمال مهمّته «حيث لا نزال نرى أن لديه المؤهلات لرئاسة الحكومة المقبلة».

وما تمّ الاتفاق عليه مسبقا بين الطرفين لناحية «قواعد التشكيل» سيستأنف قريبا، وفق تطوّر الأمور، من خلال لقاءات تفيد المعلومات بأنها ستحصل قريبا، تحديدا على خط بري – سلام.

ويلفت مقرّبون من بري الانتباه الى أن الحركة والحزب لم يلفظا تعبير «الثلث المعطّل»، بل تحدثا عن تمثيل وفق الأحجام النيابية، أما توزيع الحقائب فمسألة ثانوية.

السابق
فضل شاكر في قفص الإتهام!
التالي
مسؤول روسي: المعلومات الأميركية حول استخدام النظام السوري السلاح الكيميائي ملفقة