الديار: الصفحة السابقة التجاذب السياسي الحقيقي ظهر

استمرت الاتصالات السياسية بين كل الاحزاب بالنسبة لتأليف الحكومة، وحصل عصر امس تطور لافت في الموضوع الحكومي عبر زيارة قام بها وفد 8 آذار الذي ضم الوزيرين علي حسن خليل وجبران باسيل والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين خليل والنائب كريم بقرادونيان والوزير السابق يوسف سعادة وقد وصفت مصادر المجتمعين بأن الاجتماع سادته اجواء الود والصراحة التامة حيث طرح كل فريق وجهة نظره وأكد الرئيس سلام للوفد بأن كل ما يقال وكُتِب عن التسريبات ليست صحيحة وهي مجرد تخيلات من قبل أصحابها، مؤكداً انه جاء لحل المشكلة لا ليفتح مشكلة جديدة، وأنه حريص على العلاقة مع كل مكونات 8 آذار بما فيها حزب الله والتيار الوطني الحر.

كما ان قوى 8 آذار أكدت لسلام بأنها سمّته بالاستشارات وبأنها حريصة بالتعاون معه لكنها فوجئت بالتسريبات وبالأسماء وأنه على الرئيس سلام أن يفاتح قوى 8 آذار بمن تريد في الحكومة ومن هم ممثلوها وهذا حق طبيعي لكل المكونات السياسية في البلاد. وتمسكت قوى 8 آذار في الاجتماع بحكومة سياسية في هذا الظرف وأكدت التعاون الى اقصى الحدود مع الرئيس سلام الذي تمسك بحكومة من تكنوقراط وغير المرشحين للإنتخابات وغير حزبيين لكن هذه الأسماء لا يجب ان تشكل استفزازاً او تحدياً لأي فريق سياسي. وعلم ان الاجتماعات ستتوالى مع الرئيس المكلف خلال الساعات القادمة بعد ان ينقل ممثلو 8 آذار لقياداتهم ما حصل في الاجتماع ويتلقون تعليمات جديدة.

وتؤكد المعلومات ان موضوع الأسماء لم يُحسم بعد وكذلك موضوع توزيع الحقائب، لكن اللقاء بين الرئيس المكلف والوزير باسيل هو الأول منذ تكليف سلام ولذلك يوضع في الخانة الايجابية.

هذا مع العلم ان التواصل مع الرئيس سلام كان قد بدأ منذ عصر ليل امس الاول عبر اتصالات ولقاءات وتحديداً مع الوزير علي حسن خليل موفداً من الرئيس نبيه بري كما ان النائب وليد جنبلاط أوفد الوزير وائل ابو فاعور للرئيس المكلف ناصحاً إياه بالتروي وبأنه يرفض أن يشارك بحكومة لا يتمثل فيها الثنائي الشيعي حزب الله وحركة امل. وهذا الموقف أبلغه جنبلاط ايضاً الى الرئيس نبيه بري مؤكداً له انه فوجئ بالاسماء المسربة وبأنه لا يقبل بها.

تقول المعلومات ان رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان نصح ايضاً الرئيس المكلف بالتروي وبالتواصل مع كافة المكونات السياسية في البلاد والتشاور معها كي لا تنفجر الامور في حال جاءت حكومة لا تحظى برضى المكونات السياسية وبغطائها. وتقول المعلومات ان الرئيس سلام اقتنع بوجهة نظر رئيس الجمهورية وجنبلاط وأنه يعمل بموجبها لذلك فهو يقوم بجوجلة الاسماء لكن الطبخة ليست ناضجة حتى الآن وهي بحاجة لمزيد من الدرس والتشاور.

وكان اللافت الموقف الذي أعلنه مستشار الوزير طلال ارسلان سليم حمادة الذي انتقد بشدة الاجتماع الذي حصل بين 8 آذار والرئيس ميقاتي، مؤكداً ان هذا اللقاء لا يمثل الحزب الديمقراطي ولا يعبر عن وجهة نظره بخصوص تشكيل الحكومة وقال "من له هكذا نوع من الاصدقاء ليس ملزماً بالخصام مع أحد"، هذا مع العلم ان الجفاء هو بالاساس بين النائب طلال ارسلان والعماد ميشال عون والذي تفاقم في الايام الاخيرة، خصوصاً بعد ان اعلن النائب فادي الاعور انفصاله عن الامير طلال ارسلان والحزب الديمقراطي والتزامه بتكتل التغيير والاصلاح.

وتقول المعلومات ايضاً ان اتصالا هاتفياً كان قد جرى منذ فترة بين العماد عون وارسلان وجرى فيه عتاب شديد وان النقاش وصل الى درجة الحدة كما حصل خلاف بين ارسلان ومستشار الوزير باسيل السيد سيزار أبي خليل.

على صعيد آخر ورغم الاجتماعات والاتصالات فإن رئيس الحكومة المكلف يلوذ بالصمت المطبق حول الاسماء والتركيبة واذ هو يتحدث مع الجميع بانفتاح بشأن السياسة ووضع لبنان والاقتصاد وغيره الا انه لم يبحث اي اسم مع اي جهة للدخول للحكومة بل ما زال بصدد بحث مبدأ تشكيل الحكومة وعلى اي اساس.

يبدو ان تمام سلام يحضر مفاجأة بعد اسبوع او عشرة ايام اذ يعلن تركيبة الحكومة الجديدة بعدما يكون حقق بعض الدعم ويعلنها كأمر واقع، واذا تم رفضها فسيعتذر وعندها تقع البلاد في أزمة حكم وأزمة دستورية كبيرة لا تريدها كل الدول باستثناء اسرائيل، في سر سر اعماق سلام كلمة سر قالتها الخليج له اعمل بهدوء ولا مانع من دخول ممثلين قريبين من حزب الله ولكن ليسوا اعضاء في حزب الله لكن الاساس ان تضع حدا للدخول الايراني على الساحة اللبنانية من خلال حزب الله ودول الخليج ستدعم الدولة اللبنانية اذا مشت باتجاه سيادة لبنان واعادة تعزيز قوة الدولة بدعم خليجي كبير.

وتناقش تمام سلام وسعد الحريري ومسؤول سعودي كبير عن المرحلة الماضية واعتبروا ان الرئيس اميل لحود لم يقم ببناء الجيش ولم يبن الا اجهزة امنية تابعة له بشكل جعل الدولة ضعيفة واعطى تسهيلات كاملة لحزب الله فأصبح حزب الله كأنه دولة اكبر من الدولة اللبنانية.

اذالك فإن خطة 14 آذار مدعومة من دول الخليج ان يسعى سلام لرفع يد ايران عن لبنان وبناء الدولة بمؤسساتها بشكل لا يفرض حزب الله مواقفه على حكومته والا يرضى سلام بأن تفرض حركة 8 آذار رأيها على الحكومة. وان دول الخليج ستساهم تدريجيا في مساعدة حكومة سلام على النهوض وعلى اثبات ان النائب الآتي من 14 آذار والمدعوم منها وخاصة المدعوم من الخليج جعل من لبنان قوة اقتصادية واجتماعية وسياسية هامة دون الغرق في مشكلة سلاح المقاومة الذي هو شأن كبير اكبر من حجم حكومة يؤلفها الرئيس سلام حتى ضمن قناعة السعوديين فإنهم يفكرون كذلك.

لكن اركان 14 آذار مع مسؤولين خليجيين وسعد الحريري عقدوا اجتماعا موسعا وتم الاتفاق على ان المبدأ يجب ان يكون تعزيز الدولة والجيش وقوى الامن الداخلي وبذلك عندما تصبح الدولة اللبنانية هامة وقوية يصبح مركزها اهم من مركز حزب الله. في حين اليوم ان حزب الله يهيمن ويسيطر على مؤسسات الدولة وانه طوال 18 سنة منذ تسلم لحود قيادة الجيش وحتى تركه القصر الجمهوري كانت الدولة تعود الى الوراء وتضعف وكان حزب الله تزداد قوته بمعرفة الرئيس لحود والاجهزة الامنية.

وان لحود كان همه ابعاد المسيحيين كليا من دربه مثل امين الجميل وعون وجعجع طالما ان اميركا سلمت زمام الامور لسوريا في لبنان بعد مؤتمر مدريد 1991 ولذلك تصرفت سوريا بأنها هي التي تقرر ومن هنا انطلق الرئيس لحود لإضعاف الدولة وفسح المجال امام حزب الله ليصبح هو الدولة القوية وان 14 آذار تنتظر من حكومة تمام سلام ولاحقا بعد الانتخابات من الحكومة التي قد تأتي من 14 آذار بأكثريتها تحجيم حزب الله من خلال تعزيز الدولة وتقوية كل الخدمات التي تقدمها الدولة للمواطنين خاصة في الجنوب والبقاع وبهذه الطريقة تكون قد بدأت بالخطة الحقيقية لسحب يد ايران عن لبنان.

في هذا المجال تمام سلام ميّال الى هذا الموقف، لكنه لن يأخذ الامور بتسرع وردة فعل فهو سيقول في بيانه الوزاري كما قال لاحد المستشارين انه مع مقولة الشعب والجيش والمقاومة لكن سيضيف عبارة في ظل الدولة المركزية الواحدة التي تأخذ قرارات الحرب والسلم والسيادة على كل الارض اللبنانية، ثم ان تمام سلام سيسعى مع دول الخليج الى تفعيل نشاط الطائفة السنية بمدارسها وكتبها ومناهجها اضافة الى دعم حكومة الرئيس تمام سلام كي تنجح وتؤكد ان الحكومة اللبنانية التي تأتي منسجمة مع دول الخليج تنجح وتصل الى بناء لبنان وان الحكومة التي تأتي بدعم ايراني مثلما حصل مع حكومة الرئيس ميقاتي تفشل ولا تقوم بأي مشروع طوال سنتين وبالنتيجة يستقيل رئيس الحكومة منها. ولذلك فإن تمام سلام يسعى الى حكومة من 14 وزيراً والرئيس سليمان يدعمه في هذا الاتجاه اما الرئيس بري لا يقبل وعون وحزب الله حتى يرفض فيما 14 آذار ستعلن رفضها لكنها في الحقيقة تكون موافقة على حكومة الرئيس تمام سلام.

انما الامور السياسية تنكشف بسرعة ويبدو ان 8 آذار بدأت تتحسس من مسألة اخفاء الاسماء وطرح اسماء لأنها لا تريد ان تقع في تجربة السنيورة والحريري، وحتى تجربة مثل تجربة الرئيس ميقاتي. وحزب الله بالذات يريد سحب التشنج السني الشيعي ولكنه لا يريد ان يصل عنوان سحب التشنج الشيعي السني الى ان يتم فرض مشروع اميركي من حلف الناتو على لبنان وعزل حزب الله والوصول الى المقاومة لتضييق الخناق عليها سياسيا وقضائياً في ظل اقتراب بدء المحكمة الدولية تحت الفصل السابع وبظل النظام السوري ومشاكله المستمرة وبظل موقف مصر والاردن والخليج ضد حزب الله، لأن المعلومات السرية تقول بأن اميركا تسعى بكل جهدها لوضع حزب الله على لائحة الارهاب.

الرئيس بري قال انه من خلال محادثاته مع تمام سلام ومع فريق تيار المستقبل ومع حزب الله والجميع هو يضمن ان سلام سيؤلف حكومة وحدة وطنية ولن يخرج عن هذا المبدأ. وان هذا هو عهد التعاون بينه وبين تمام سلام وجنبلاط والرئيس سليمان، والاربعة مجمعين على تأليف حكومة وحدة وطنية ولا يمكن تأليف حكومة لون واحد او ابعاد جهات معينة عن الحكومة طالما ان المواقف الاربعة ترفض هذا الامر، ولا يمكن ان تتألف حكومة اذا كان مركز واحد من هذه المراكز يرفض تشكيلها لذلك تمام سلام اذا اراد تشكيل حكومة وحدة وطنية فسينجح اما اذا كان عليه شروط خليجية صعبة فالوضع سوف يتأزم وستكون الحكومة مشلولة لمرحلة طويلة ربما الى نهاية عهد الرئيس سليمان.

يجد المراقب ان الاطراف كلها ليس عندها ثقة بالوعود والاتفاقات بعدما تم اسقاط حكومات عدة وبعد الخلاف ضمن الحكومات وهذه الاجواء المسيطرة حيث لا ترى ان هنالك ثقة في كلام الاطراف مع وصول اليها معلومات متضاربة عن موقف الرئيس المكلف فإن تأليف الحكومة سيكون صعباً. انما معلومات الديار تقول ان الرئيس سلام سيمثل كل الاطراف وأن ليس هنالك كلمة سر بينه وبين الخليج لرفع يد ايران عن لبنان بل ان لبنان سيتعامل مع ايران من دولة الى دولة. انما الاقتراح الخليجي هو ان تكون علاقة ايران مع حزب الله تمر بالدولة اللبنانية وليس كما هي الآن بين دولة ايران ودولة حزب الله ولذلك على الرئيس تمام سلام تفعيل دور الحكومة التي سيؤلفها كي يكون هو الطرف الأساسي كرئيس مجلس الوزراء في علاقة ايران وحزب الله.

موقف جنبلاط

الموقف الحاسم عند وليد جنبلاط هو انه لن يقبل بأي حكومة لا يكون فيها حزب الله، ثانيا لن يكون في حكومة لا ترفع شعار الجيش والشعب والمقاومة، إنما الاساس هو ان تمام سلام يريد ان يقول مقولة الجيش والشعب والمقاومة في ظل امرة الدولة اللبنانية وليس اعتبار كل فريق مستقلا عن الآخر الجيش مستقل عن الدولة والشعب ليس شعب الدولة وان حزب الله دولة بحد ذاتها.

ويراهن مسؤولو الخليج على ان نظام الرئيس الاسد سيخرج من الحرب ضعيفاً للغاية اذا بقي الرئيس الاسد في الحكم، لكنهم يعتبرون ان قضية ايران وسوريا قريبا ستنتهي من خلال ضعف نظام الرئيس بشار الاسد وفرض روسيا واميركا عليه دخول الاخوان المسلمين في الحكومة وتعديل الدستور واعطاء الصلاحية لمجلس الوزراء في دستور شبيه باتفاق الطائف وعندها يكون رؤساء الاجهزة الامنية تابعين لوزير الداخلية ووزير الدفاع ولا يكون القائد عليهم الرئيس بشار الاسد بل الحكومة عبر التصويت او الاكثرية فيها.

على صعيد آخر بدأ السفير الايراني والسعودي عملهما بجدية كبرى واتصلوا بكل الاطراف ولقوا تجاوبا من اجل تأليف الحكومة بسرعة وابلغهم سفير السعودية وايران ان ايران والسعودية تريد ان ترى لبنان في ظل حكومة واحدة وسريعة ومنسجمة وعلى هذا الاساس يتحرك الرئيس بري بالنسبة للمهل وعلى هذا الاساس تم تحديد 19 ايار آخر مهلة بالنسبة للتعديلات وقانون الانتخابات وغيرها.

نشاط القوات اللبنانية

اثناء طرح قانون الانتخابات انشأ الدكتور جعجع ماكينة انتخابية كبيرة تشمل لبنان كله مع خرائط للطرق ولعدد السكان للوائح الشطب وكلها مع اختصاصيين على جهاز الكومبيوتر وكيفية استعماله، لوضع داتا المعلومات كلها على ان يتم نسخ كل يوم المعلومات على اسطوانه ووضعها في الخزانة لدى جعجع من اجل ان لا يدخل اليها احد باختراق الكتروني او ان يقوم احد بسرقتها.

ويقوم حزب القوات اللبنانية بتنظيم صفوفه وهو سيخوض المعركة من عكار الى الجنوب وعلى هذا الاساس تمنى على الرئيس سعد الحريري دعم مرشحي القوات اللبنانية في المناطق التي يؤثر فيها تيار المستقبل كي تفوز القوات اللبنانية بقوة ضخمة الى المجلس النيابي كما يخطط الدكتور جعجع اي الحصول على 12 نائباً. وهي تريد المطالبة بأفضل تمثيل لها ولا احد يتنازل عن تمثيلها. اما المشكلة فهي عودة جبران باسيل الى الطاقة وعودة نقولا صحناوي الى الاتصالات لذلك هناك كباش قوي بين الرئيس تمام سلام والعماد عون، فالرئيس تمام سلام يريدها حكومة تكنوقراط ويجزم بذلك مقابل وقف تهريب الاسلحة من لبنان وعدم وضع هذه المراقبة على الحدود مع سوريا بهذا الشكل وربما يشهد الاسبوع القادم تحركا جديا سيظهر فيه المنظر السياسي الحقيقي.
  

السابق
الحياة: المجتمع المدني ينشط لرفض الحرب اللبنانية في ذكراها ال38
التالي
النهار: 8 آذار تسأل سلام عن حكومة الانتخابات