هل ينجح صيادوالأسماك في صيدا بتصحيح مسار النقابة؟

حتى كتابة هذا النص، لم تكن وزارة العمل قد بتّت بالطعن المقدم بنتائج انتخابات نقابة صيّادي الأسماك في صيدا التي جرت بتاريخ 13/1/2013 في مقر النقابة في صيدا. تقدمت بالطعن لائحة التغيير التي ضمت عناصر شابة من العاملين في صيد الأسماك، بسبب ورود أسماء بلغ عددها 75 اسماً في لائحة الشطب التي جرت على أساسها الانتخابات وهي لا صلة لها من قريب أو بعيد بالمهنة حسب ما جاء في كتاب الطعن.

العملية الانتخابية
وكان قد ترشح للمجلس التنفيذي للنقابة لائحة التضامن، وهي تضم أفراداً على علاقة بالعائلات وبالقوى السياسية المختلفة في المدينة وتحظى بدعم واضح من تيار المستقبل. في حين ضمت لائحة التغيير 12 شخصاً من العاملين في القطاع ومن عائلات مختلفة ومن أعمارشابة وهدفت الى الرغبة بتغيير الواقع الذي تعيشه النقابة حسب ما جاء في أحد بياناتها.
ضمت لائحة الشطب 262 عضواً اقترع منهم 242 عضواً مسجلاً في اللوائح، وأعلن عن فوز لائحة التضامن التي نال أعضاؤها ما بين 179 – 159 صوتاً، في حين نال أعضاء لائحة التغيير ما بين 78 – 63 صوتاً، وفي 15 كانون الثاني تقدمت هذه اللائحة بكتاب الطعن المذكور أعلاه.

مواقف الأطراف
يقول رئيس النقابة ديب كاعين: جرت الانتخابات بحضور الجميع، وكالعادة ربح القدماء وخسر الجدد. اشرفت وزارة العمل على الانتخابات، وجميع المندوبين وقعوا على محضر الانتخابات، وتبادلنا التهاني حتى مع الفريق الخاسر. وفوجئنا بعد يومين بتقدبم طعن بالنتيجة تحت حجة أن لائحة الشطب ضمت أسماء أشخاص ليسوابصيادي اسماك. السؤال لماذا لم يطعنوا قبل الانتخابات؟. يصمت كاعين لحظة، ويتابع إذا أهلهم لم ينتخبونهم فماذا أفعل لهم؟.
وعن كيفية الحصول على بطاقة بحري وبطاقة النقابة، أجاب بعفوية: كل ابن بحري يبلغ 15 عاماً نحضر له بطاقة بحري من رئاسة المينا وهي بطاقة تتيح له الخروج إلى البحر ومساعدة أهله وعند بلوغه 18 عاماً نعطيه بطاقة نقابة. يمكن وجد قسم منهم فرص عمل خارج البحر، فلا مشكل بالموضوع، مع العلم أن 6 – 7 أشخاص من الذين وردت أسماءهم هم خارج البلاد.

اتحاد نقابات عمال الجنوب
ويوضح رئيس اتحاد نقابات العمال والمستخدمين في صيدا والجنوب عبد اللطيف الترياقي موقفه قائلاً: سعينا كاتحاد نقابات و كتيار المستقبل إلى التوافق في انتخابات نقابة صيادي الأسماك، وضمت لائحة النقابة أسماء تحظى بتأييد الدكتور أسامة سعد، الدكتور عبد الرحمن البزري وتيار المستقبل. هذا لا يعني أننا لسنا ضد التغيير، بل نرى أن الظروف تفرض التوافق لكننا فوجئنا باللائحة الأخرى، لهم رأي آخر ولهم الحق بالترشح، وقد حضرت عملية الانتخاب وقد وقّع مندوبي اللائحتين على محضر الانتخاب بحضور ممثلي وزارة العمل. وكان التوقيع صريحاً ولم يتحفظ أحد على النتيجة.
ويضيف الترياقي: أحد أسباب الطعن، أن بعض من وردت أسماءهم في لائحة الشطب يعملون بمهنة أخرى، وهذا لا يخالف القانون وخصوصاً الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تفرض على الإنسان أن يعمل في أكثر من مهنة لتلبية احتياجات عائلته. والجميع يحمل تذاكر بحرية، وكان الأجدى الطعن بالأسماء قبل الانتخابات وعند استلامهم اللائحة من أمين السر.
ونفى الترياقي أن يكون للخلاف الناشئ أن بعد سياسي أو أنه وجه من أوجه النزاعات السياسية المحلية.
ويؤكد نائب رئيس الاتحاد أحمد المصري السعي للائحة توافقية تضم كل الأطراف: "لقد قمنا بالاتصالات اللازمة لتأمين لائحة ليست محسوبة على أي طرف سياسي،اكان المستقبل أو التنظيم الناصري. لكننا فوجئنا بالإعلان عن لائحة أخرى باسم لائحة التغيير، اتصلت بأحدهم وسألته إذا كانت اللائحة تحظى بدعم سياسي معين لكنه نفى جملة وتفصيلاً.
وعن رأيه بأسباب الطعن، بأن لائحة الشطب تضم أسماء غير قانونية، يجيب المصري بصراحة: حول هذه النقطة من حقهم الطعن، هناك أسماء غير قانونية ولايحق لها الانتساب للنقابة، ولكن ليس بالعدد الذي ذكره كتاب الطعن اعتقد أن عددهم ما بين 30 – 35 شخصاً ولا يحق لهم أن يكونوا بالنقابة.
ويضيف: على كل حال تحولت النقابة إلى مزرعة يستفيد منها بعض الأشخاص. وفي هذه اللحظة علينا انتظار نتائج التحقيق، ونرجو أن يأخذ مجراه الصحيح.

وزارة العمل
مدير عام وزارة العمل بالإنابة عبد الله رزوق يوجز موقفه: تسلمنا كتاب الطعن من دائرة الوزارة في الجنوب، وقد أحلتها إلى التحقيق وأنا بانتظار نتائج التحقيق لاتخاذ الموقف القانوني المناسب.
أما رئيس مصلحة النقابات المهتية المعني بالتحقيق علي غندور، فيعتذر عن إعضاء أي رأي حول الموضوع ريثما ينتهي التحقيق ويمكن عندها أن تعلن وزارة العمل موقفها الرسمي.
وأثناء فترة التحقيق تبين أن مخالفات قانونية أخرى برزت في انتخابات النقابة والتي لا تقف عند الطعن بنتائج الانتخابات فحسب بل تصل إلى مستوى إبطالها بأكملها، فقد تبين أن المقترعين بأكملهم لم يوقعوا على كشف الأسماء بعد الاقتراع وهذه مخالفة قانونية، كما أن أمين الصندوق لم يوقع على محضر الانتخاب، بالإضافة إلى أن أحد الفائزين في لائحة التضامن كان مسجوناً منذ فترة قصيرة وسجله العدلي يحمل حكماً قضائياً.
يقول مصدر قريب من لائحة التغيير أن المحقق غندور أبلغه أن مهمته تنحصر بالطعن المقدم على أساس الأسماء فحسب ولا له علاقة بالمخالفات الأخرى.

لائحة التغيير
ولكن لماذا هذه المعركة النقابية وفي هذه اللحظة بالذات؟
يقول عضو لجنة التغيير هشام العوجي: منذ 15 عاماً ونحن نسمع انتقادات الصيادين لقيادة نقابتهم، وكنا نهتم بالعمل ولسنا بحاجة للنقابة. ولكن قبل أربعة أعوام حصلت انتخابات صورية، أعطونا ورقة لإسقاطها في الصندوق. وكان كل من يقف بوجه القيادة يجري تهميشه، انتظرنا حتى حان الوقت، اكتسبنا وعياً جديداً، عرفنا كيف تستخدم القيادة صندوق النقابة للمنافع الشخصية، وكيف يتم التنسيب العشوائي ليستفيد المنتسبون من المساعدة السنوية، من صندوق سوق السمك".
وعن التحرك الحالي، يوضح العوجي: بدأنا التكتل والتحضير عندما بدأ العمل بمشروع الميناء الجديد، حين أقفل بوجهنا مورد الرزق الأساسي وهو الشاطئ الممتد من الجامع العمري الكبير حتى منطقة سينيق حيث تقع 7 نقاط أساسية لنمو السمك وصيده. بعض القيادات قدم مساعدات وزعت على الصيادين للتأثير عليهم، لكننا قررنا تشكيل لائحة جديدة وأسميناها لائحة التغيير.
وعن برنامجهم النقابي، يوضح العوجي: نريد الانتساب للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي منذ عام 1992 وهم يقدمون الوعود الكاذبة. ومنذ فترة طويلة ونحن نطالب النقابة بتأمين ونش لرفع الزوارق ولم يتم تأمينه حتى الآن. كذلك طالبنا بإنشاء صندوق التعاضد، وتحسين مداخيل النقابية، ومن جهة أخرى طالبنا بتنظيم وضع النقابة الداخلي، عن طريق عقد جمعية عمومية كل 3 أشهر، وبناء علاقة جيدة مع نقابات الساحل اللبناني، كما اقترحنا بعض المشاريع الذي يمكن تأمين مداخيل للنقابة، مثل موقف لزبائن سوق السمك، استثمار بعض مناطق المرفأ مثل سنسول الخشب.
وعن أسباب عدم الطعن قبل إجراء الانتخابات يوضح العوجي: رفض أمين السر نزيه سنبل اطلاعنا على لائحة الأسماء إلا مساء الجمعة 11/1/2013 أي قبل 36 ساعة من إجراء الانتخابات، ولم يعلق نسخة منها على باب النقابة وهذه مخالفة بحد ذاتها.
ويختم العوجي: بغض النظر عن نتائج التحقيق فإننا مستمرون بنضالنا لاسترداد النقابة وجعلها منظمة نضالية من أجل الدفاع عن مصالح صيادي الأسماك وليس لمصلحة أفراد عائلات أعضاء القيادة.

اللجان العمالية النقابية في الجنوب
وقد ورد على لسان البعض اتهام بحق عضو اللجان العمالية النقابية في الجنوب فادي غزلة وتحميله مسؤولية تشكيل لائحة التغيير والدفع بعملية الطعن. لكن غزلة يوضح دوره بالآتي: إنهم مجموعة من الشباب صيادي الأسماك انتفضوا ضد قيادة نقابية لا يعرفوا غيرها منذ ممارستهم المهنة، لكنهم لا يعرفوا دور النقابة وماذا تفعل؟. الآن باتوا يعرفون أن لهم حقوقاً كثيرة إذا توحدوا وتحركوا ويستطيعوا تحقيق العديد من المطالب مثل الضمان والتنسيق مع النقابات البحرية الأخرى. وكانت لهم ملاحظات على أداء النقابة مثل كيف يتم التنسيب، ما هو دورهم، كيف تدار مالية النقابة، كيف توزع المساعدات وكيف يستفيدون من الخدمات الصحية، وكان ما كان. ونحن بانتظار التحقيق ونرجو أن يكون إيجابياً.
فهل تستطيع وزارة العمل أن تحقق بالمخالفات جميعها وبالتالي تأخذ الموقف القانوني الصحيح، أم تستمر بالسياسة التي اتبعتها الوزارة منذ تسعينات القرن الماضي ،عندما ساهمت بتسليم النقابات وخصوصاً الجنوبية منها إلى أمراء الطوائف وأزلامهم؟
  

السابق
وزير الصحة يصدر قراراً لإخضاع العاملين في مجال المواد الغذائية للمعاينة السريرية
التالي
غريب: نريد مجانية التعلم بمستواها الجيد