غريب: نريد مجانية التعلم بمستواها الجيد

لم يكن يدري الشاعر أحمد شوقي حين كتب بيته الشعري الشهير "قم للمعلم وفِّه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا" أنه وفي لبنان سوف يوجد أكبر استثناء لكلامه، ففي بلد الحضارة والتقدم الذي يتغنى به الكثير، بلد الرقي والمعرفة، سوف يحرم المعلم وقدوة المجتمع من حقوقه، وسيصبح التعليم كغيره من القطاعات ضحية التقسيم الطائفي والمذهبي.
في عيد المعلم، أين هي حقوقه، وما هو الواقع الذي يعيش فيه معلموا لبنان؟ هل تأخذ الحكومة اللبنانية على عاتقها تطوير القطاع التعليمي وتنميته، هذه النقاط وغيرها توجهنا بها الى رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي في لبنان الأستاذ "حنا غريب" الذي شرح مطولاً لـ(شؤون جنوبية) مطالب المعلمين والتحديات المفروضة عليهم.

السياسة لم تترك المعلم وشأنه!
أشار غريب في بداية حديثه الى سبب تردي التعليم الرسمي في لبنان، بقوله: "إن المعلِّم لدينا في لبنان محروم من حقوقه لأسباب تتعلق بالسياسة، والمشكلة الأساسية موجودة في الدستور، حيث تعطي المادة العاشرة الحق للطوائف أن تبني مدارس لها ولا تعطي حقاً للطفل بالتعلم، وبالتالي تعتبر الناس رعايا في طوائف ولا تأخذ من حقوقها الا ما يقرره الراعي او الأمير، ما يجعل التعليم الرسمي في لبنان في هذه الحالة من التخلي من قبل كل الحكومات المتعاقدة."
وأضاف غريب:"التعليم الرسمي كحق من حقوق الطفل الأساسية يجب أن يكون مجانيا إضافة إلى إلزاميته، لم يضعوا كلمة مجاني في الدستور لأنه لا إمكانية لتأمين مجانية التعليم إلا من خلال التعليم الرسمي، وفي حال حصل هذا يضطر قادة الطوائف إلى إقفال مدارسهم، وبالتالي فإن الحكومات والدستور يعتبرون التعليم سلعة وليس حقاً، بخلاف كل الدول العربية، وعلى هذا الاساس يعامل المعلم والتلميذ والأهل، فلا نجد الدستور يؤمن تكافؤ الفرص على مستوى نوعية التعليم للطفل، ونلحظ التمييز في مستويات المدارس الموجودة، الى جانب الفرز الطائفي والمذهبي الموجود، فلكل طائفة مدارسها الخاصة.

حقوق المعلم ومطالب الرابطة
أضاف غريب الى أن أبرز المطالب التي تسعى الرابطة الى تحقيقها هي:" أن يكون التعليم الرسمي في لبنان من مستوى التعليم في نخب المدارس الخاصة، بحيث تنتفي مقولة أن التعليم الرسمي للفقراء والخاص للأغنياء، فنحن ضد هذه المقولة، ونريد مجانية التعليم المقرونة بالمستوى الجيد".
كما تطرق غريب الى مطلب مهم جداً يحاكي واقع المجتمع اللبناني وما به من مشاكل، حيث أكد على المساعي "لتوقيف المحاصصة، فكل فريق يأتي الى السلطة يشرع بتحقيق مآربه الخاصة، فالقوى السياسية جميعاً تسعى الى ان تحضر جماعتها الى الادارة عبر نقلها لأساتذة تابعين لها من مدرسة الى أخرى، وتأمين خدمات عن طريق التعاقد، وصولاً الى بناء فرع ثانوية لا حاجة لها، وبالتالي فإن الواسطات والتدخلات تضر بالمدرسة الرسمية ونحن نطالب اقله الحد من التدخلات والضغوط السياسية أي ايجاد حصانة للقرار التربوي".
وقد شرح غريب مشكلة مهمة يعاني منها الأساتذة المتعاقدون وهي: "أن المتعاقد بدلاً من اعداده اولاً وإدخاله الى المدرسة بعد خضوعه لإمتحان يثبت جدارته، يجري إدخاله وإعداده 15 سنة عبر ممارسته للتعليم في المدرسة وبعدها يخضع للإمتحان وفي بعض الأحيان تكون النتيجة أنه راسب، وهذه المشكلة نواجهها الآن في التعليم الابتدائي حيث يجدر اجراء الامتحان من البداية ليدرك المعلم مصيره والنتيجة، فهناك حوالي 11000 متعاقد في التعليم الاساسي، و2000 متعاقد في التعليم الثانوي، يطالبون بوقف سياسة التعاقد الوظيفي التي تضر بمصلحة التلميذ أولاً.
هذا فضلاً عن تشغيل المعلم المتعاقد بالسخرة، بدون تعويض نقل، أو ضمان صحي وإجتماعي، وعدم وجود الاستقرار الوظيفي، والوضع الاقتصادي الرديء يضطره الى البقاء في الوظيفة، لذلك يسافر المتعلم في لبنان، بسبب الرواتب المتدنية، حيث تهاجر الطبقة المثقفة إلى دول الخليج واوروبا، حملة الكفاءات تهاجر لأن النظام الاقتصادي والاجتماعي قائم على فكرة مغلوطة، أن الهجرة الى الخارج تدر علينا أموالاً وأن الكوادر تزيد القيمة المضافة ونحن نستفيد من الاموال التي يرسلها المغتربون، ولكن هذه الاموال اصبحت تساوي الى حد ما الاموال الخارجة من لبنان في الاعمال البسيطة التي تزاولها الأيدي العاملة المصرية والسودانية و….

رفضٌ وإهمال
وقد أكد غريب الى أن الطبقة الاقتصادية ورجال السياسة في لبنان، لا تريد ان تكون قطاعات التعليم والمدارس، والصناعة والزراعة من القطاعات المنتجة، اضافة الى إهمالها للقطاع المهني والتقني.

ويضيف غريب: "نحن بحاجة الى تحرير القرار الاقتصادي من التبعية للخارج، نحن مجتمع قائم على الاستهلاك والمضاربات المالية والعقارية، والرابطة تتحرك اليوم من اجل تحسين الرواتب، هذه قضية وطنية، فنحن نتوجه الى المتعلمين لنقول لهم لا للهجرة، ابقوا في أوطانكم."

الحركة النقايبة
"تاريخ الحركة النقابية في لبنان مليء بالتحركات، نحن لا خيار لدينا إلا الإضراب والاعتصام" كما يؤكد حنا غريب، هذه المرة الأولى التي بنفذ فيها تحرك على غلاء معيشة حوالي 12 إضراباً، و60 اعتصام، بدون جهود تذكر للسلطة لمعالجة الوضع.
وعن تمويل سلسلة الرتب والرواتب من تعويضات المتقاعدين، كان لغريب إنتقاد حاد، فقد وجه كلامه الى الوزير محمد الصفدي الذي وضع مشروع تمويل 620 مليار على حساب المتعاقدين والأرامل والأطفال العجز، "فما هذه السلسلة العظيمة التي تمول على حساب المتعاقدين، وتستثني أموال الفساد والهدر والسرقة، فأنت أيها الوزير مغتصب لأملاك بحرية ونهرية، "فالزيتونة باي" لمين؟ ادفعوا منكم على حساب الفساد والهدر" وأتركوا المواطن المسكين وشأنه.
وفي الختام، وجه رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي في لبنان،" نداء بمناسبة عيد المعلم، فحيا المعلم بألف تحية، وحيا جهود المعلمين والحركة النقابية الديمقراطية التي يقومون بها، لاسيما جهود هيئة التنسيق النقابية التي سوف نستمر في حمل المشعل حتى تحقيق المطالب، وتحقيق الانتصار، ربما تعود هذه الشمعة لتضيء كل العتمة، ونؤكد أن مصلحة الطالب هي من أولوياتنا ونحن حريصون عليها".
  

السابق
هل ينجح صيادوالأسماك في صيدا بتصحيح مسار النقابة؟
التالي
المحكمة الخاصة بلبنان: نتطلّع إلى مساعدة الشعب اللبناني