قبلان: على رجال الدين من كل الطوائف التزام الخطاب المعتدل

ألقى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان خطبة الجمعة التي استهلها بحكمة للامام علي بن ابي طالب: "التودد نصف العقل"، وقال: "هذه العبارة لها معنى كبير ومغزى ذو تأثير يستدعي منا أن نتأمل في مضمونها، فنتقرب من الناس ونتواصل معهم ونتودد اليهم ونحاورهم ونشاورهم ونكون على مقربة منهم، فلا نزعجهم ولا نسيء اليهم، بل نتساهل معهم ونحسن معاشرتهم متمسكين بالكلمة الطيبة والحكمة البالغة ومتحلين باللين والشفافية، فلا نستفز أحدا، ونفتح قلوبنا للاخرين لنفتح معهم صفحة بيضاء نسجل فيها الخير لنكون على مسافة قريبة منهم، وخصوصا أن العنف عمل سيئ وباطل، مما يحتم أن نتعامل مع الآخرين بشفافية لنكون بخير وعافية، وخصوصا أن البلاد تعيش حالة اضطراب ومشاكسة، وعلينا أن نكون إيجابيين نتعامل بحكمة وعقلانية مع الامور، فنلتزم العقلانية ونبتعد عن كل إساءة ونرد بالحسنى في مقابل القبيح، لنكون عبرة وموعظة وحكمة لكل الناس، فالقرب من الناس لا يكون بالعنف والقوة، انما بخفض الجناح ولين الكلمة والتسامح وسعة الصدر لنكون كبارا في تصرفاتنا حكماء في عملنا نبتعد عن التشويش والكراهية والبغض".

وأكد "أننا نعيش في لبنان الفعل وردات الفعل، ولكن علينا أن نعيش مع الواقع، فنتحاور ونتشاور ونبتعد عن كل مكروه وباطل، لذلك نطالب كل رجال الدين من كل الطوائف بأن يلتزموا خطابا معتدلا لينا كريما له وقع ايجابي على المجتمع، يجمع ولا يفرق، ويلم الشمل ويوحد الصفوف بعيدا عن كل منكر وشر، فالمطلوب من رجال الدين من هذا الزمن الصعب ان يكونوا اطفائيين يعملون لمصلحة الناس ويتواصلون معهم بكل شفافية وكرامة، بعيدين عن الشر ملتزمين الحق. ان الاسلام دين عظيم، وهو رحمة وتعاون وانفتاح واعتراف بالآخر، وعندما نتعامل مع الآخرين بأخلاق فاضلة ولطف، فمن منطلق أننا مع الله الودود العطوف الرؤوف الحكيم، ونحن مع النبي الذي مدحه القرآن بأنه على خلق عظيم. إن النبي رجل متواضع حكيم وقف بالمرصاد بوجه الطغاة والظالمين، فكان له موقع في نفوس الناس، فهو كان يسمى الصادق الامين قبل الدعوة وبعدها، وعلى رجال الدين ان يكونوا مع الحق وينشروا الدعوة ويعظوا الناس بالحكمة والموعظة الحسنة، فيكونوا كراما وعلماء في منطقهم وحكماء في مواقفهم وتوجهاتهم".

وناشد "كل العلماء والمسؤولين أن يرحموا من في الارض ليرحمهم من في السماء، فيتقي الجميع ربهم في عباده وبلاده، فنتعامل مع الاخرين بما أمرنا الله تعالى بالدعوة الى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والكلمة الطيبة. فالعنف لا ينفع، وقد جربناه في لبنان، والعنف يستحضر العنف. ونحن نريد دولة تطمئن الشعب وتحافظ على شأنه وأمنه واستقراره، فلا يجوز أن يكون الأمن بالتراضي، لذا علينا أن نلتزم القانون ونحافظ على الوطن والشعب، لأننا نريد أن يحكم القانون بين الناس، فما نسمعه من هنا وهناك لا يمت الى الحقيقة، ونطالب الدولة بحزم أمرها وتنفيذ القانون على كل متفلت، وان يكون اللبنانيون في مصاف العقلاء، وعلى الدولة ان تنصف العمال والموظفن والمتعاقدين، فتكون بخدمة الناس، ولا يكون الناس بخدمتها، فلا تتعامل معهم بفوقية واستعلاء وتكبر، وعليها ان تكون منصفة مع اصحاب الحقوق، فتعطي كل ذي حق حقه".

وأكد "أن عدونا في لبنان هو اسرائيل التي اغتصبت الارض، فالمسلم أخ للمسلم وأخ للمسيحي، وكل المواطنين اللبنانين اخواننا، ونتعامل معهم في موضع المواطنة باعتبارهم أخوة وشركاء وأهلا، ونطالب الجميع بأن يتعاملوا معنا بخير وإحسان وفضيلة، وأطالب كل اللبنانيين، وخصوصا المسؤولين، بألا يكون الامن بالتراضي انما بالقانون، ويكون الجميع تحت سقف القانون، فلا يظلم أحد أحدا ولا يقطع أحد الطريق على أحد، لبنان يحتاج الى رجال الحكمة والعقلانية يبعدون الناس عن الشر الذي هو عمل الشيطان، وعلى الجميع أن يكونوا عند حسن الظن بهم، فيحفظوا لبنان بحفظ أهله، فالشعب يطالب المسؤولين بأن يكونوا حكماء بعيدين عن المنكر والبغي والضلالة، فيتعاونوا على البر والتقوى ولا يتعاونوا على الاثم والعدوان، وعلى اللبنانيين ان يتحاوروا ويتشاوروا ويأخذ كل طرف حقه".

وأشار الى "أن لبنان يحتاج الى محبتنا وتعاوننا، وعلى اللبنانيين أن يعملوا الخير ويبتعدوا عن الشر، على القوى الامنية في لبنان حزم الامر ووضع حد لكل مرتكب ومخالف للقانون، فنحفظ أمننا واستقرارنا ونتعامل مع مثيري الفوضى والفتن بحزم ونضع حدا لكل من يسيء الى كرامة الانسان وتعاون اللبنانيين".

وطالب اللبنانيين "بأن يحافظوا على وطنهم لأنه أمانة في أعناق المسؤولين والجيش وقوى الامن الداخلي وكل العقلاء، وعلى الجميع أن ينظروا حولهم فيتعظوا بما يجري في سوريا والعراق والبحرين، وعلى جميع المسؤولين في سوريا والبحرين والعراق ان يحكموا الضمير ويعودوا الى الدين ويعملوا بأوامر الله، بعيدين عن نواهيه، فيتحاوروا وينصفوا وينكونوا مع أهل الحق. إن حربنا فقط مع اسرائيل التي اغتصبت الارض وشردت السكان، وهي تحارب الانسان والانسانية وتنتهك المقدسات وتعتدي على كرامة الفلسطينيين".   

السابق
البزري:الدولة قادرة على حفظ الامن فما سبب غيابها سابقا؟
التالي
ريا الحسن: أي حكومة تشكل يجب أن يأتي معها عامل الثقة المفقود