أدعو لانشاء لجنة لتفادي الطعن

خصنا رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان في إنطلاقة الجريدة الجديدة بمقابلة شاملة تطرق فيها إلى عدد كبير من المحاور السياسية أبرزها قانون الانتخاب والحوار الوطني وقضية النازحين والتعيينات الادارية والعلاقات اللبنانية- السورية.

وكشف الرئيس سليمان عن عزمه القيام بتحرك سياسي وديبلوماسي موسع في الأيام القليلة المقبلة تجاه الاتحاد الاوروبي وبعض الدول العربية على أن يشمل التحرك رئيس الحكومة ووزير الشؤون الاجتماعية وسواهما من الجهات المعنية بملف النازحين بما يتوافق مع الشرعية الدولية وإيفاء النازحين بما يحتاجونه من دعمٍ وإغاثة.

وفجّر رئيس الجمهورية في حديثه قنبلة من العيار الثقيل تتصل بالنقاش الدائر حول قانون الانتخاب مسجلاً ملاحظاتٍ عديدة حول مشروع القانون الارثوذكسي وداعياً مجلس النواب لتشكيل لجنة من الحكماء والدستوريين سواء من داخله أو خارجه لدرس أي قانون ومدى توافقه مع الدستور اللبناني.

وأكد الرئيس سليمان السير في التعيينات الادارية في مجلس الوزراء وفق الآلية المعتمدة مجدداً رفضه أي خرق لها أو خروج عن مضمونها مؤكداً ضرورة الاسراع في تعيين مجلس عمداء الجامعة اللبنانية متسائلاً كيف يمكن التوافق على تفريغ 600 أستاذ جامعي وعدم التوافق على تعيين 20 عميداً في الجامعة، داعياً وزير الاعلام من ناحية أخرى لرفع الأسماء المتعلقة بتعيين مجلس إدارة تلفزيون لبنان إلى مجلس الوزراء في أقرب وقت ممكن لاتخاذ القرار المناسب بالتعيين.

ورأى الرئيس سليمان أن رؤيته الوحيدة لمعاودة الحوار الوطني بعد مقاطعة بعض الأطراف السياسية الجلسة الأخيرة إلغاءها هي الحوار ثم الحوار ثم الحوار.

وفيما يلي تفاصيل الحوار الذي أجرى في القصر الجمهوري في بعبدا بعد ظهر الثلاثاء:

البداية من قانون الانتخاب، ما هي قراءتكم للنقاشات الجارية حول هذا الملف الوطني الهام لا سيما بعدما قيل عن إتفاق القوى المسيحية على مشروع اللقاء الارثوذكسي؟

أريد أن أنوه باجتماع اللجنة النيابية الفرعية الذي إنعقد الثلاثاء في ساحة النجمة لبحث قانون الانتخابات، فالكل عاد ليقتنع بضرورة العودة للتلاقي والتواصل في هذا الملف وهذا أمر مهم، ولا يجوز أن نرى كيف أن الدول العربية تتقاتل للوصول إلى مرحلة تخوض فيها الانتخابات فهل يمكن أن نتراجع نحن إلى الخلف؟

لذلك، من الضروري أن تُبذل كل الجهود وإبقاء كل الاتصالات قائمة للتوصل إلى التوافق حول قانون الانتخاب. وأتمنى أن يتركز البحث حول القانون الذي حولته الحكومة أي قانون النسبية لدرسه وتعديله بما يرضي ويبدد هواجس بعض الطوائف أو الكتل أو الأحزاب، بحيث نتدرج من خلال القانون بإتجاه النسبية الكاملة فيما بعد. فلينطلقوا من القانون الذي وضعته ويعدلوا تقسيم الدوائر أو الأمور الأخرى. من الممكن التفكير مثلاً بأن يكون قانوناً مختلطاً أو صيغ أخرى ممكن المحافظة عليها من خلال روحية هذا القانون.

وأدعو أن يكون أي قانون يتم التفكير به متوافقاً مع روح الدستور، ولذي الثقة بأن المجلس النيابي، الذي هو سيد نفسه سيسعى للقيام بهذه الخطوة، وأتوقع من الرئيس بري أن يقوم بذلك، من خلال تشكيل لجنة دستورية في المجلس النيابي للنظر في دستورية القانون الذي سوف يعتمد كي لا يتعرض لاحقاً للمراجعة لأن المجلس الدستوري مهمته الأساسية مراجعة دستورية القوانين، وهناك العديد من الجهات التي يمكن لها أن تطلب رأي المجلس الدستوري أكان عشرة نواب أم رئيس مجلس الوزراء أم رئيس مجلس النواب أم رئيس الجمهورية.

هل تتلمسون مقترحات إنتخابية مخالفة للدستور؟

نعم، هناك مقترحات إنتخابية مخالفة للدستور ومنها مثلاً مشروع اللقاء الأرثوذكسي الذي هو غير متوفر الآن في تفاصيله بين أيدينا. قد يكون هناك بعض الأمور الايجابية في هذا المشروع كالنسبية على الدائرة الواحدة، إلا أن التفاصيل غير واضحة. لذلك، أجدد القول أنني أتمنى ألا يكون هذا الاقتراح أو الستين معدلاً أو الدوائر الصغرى أو أي طرح آخر غير مخالف للدستور كي لا يتعرض للطعن لاحقاً.

لقد حفظ الدستور لبنان في هذه الفترة الصعبة جداً التي هي غير مسبوقة تاريخياً رغم ان هناك معاناة جدية في الأمن والاقتصاد والسياسة، ودستور الطائف لا يجوز الابتعاد عنه إطلاقاً في قانون الانتخاب أو في أي قانون آخر.

إنني أرى أن المخرج الأمثل من الانقسام الحاد يكون من خلال مناقشة مشروع القانون الذي أقرته الحكومة وتطويره ليقترب من أن يكون مختلطاً بين النسبي والأكثري بما يلاقي هواجس الجميع.

هل هناك أي إتصالات جدية تجري في هذا الاتجاه لتكريس هذه الصيغة الانتخابية؟

هناك العديد من الاتصالات السياسية التي تجري في هذا الاتجاه بعيداً عن الضجيج وليس بعيداً عن الاضواء بمعنى أنها ليست سرية، وهي تجري مع القوى التي لديها تأثير إن كان على مستوى السلطة التشريعية أو التنفيذية للوصول إلى توافق في نهاية المطاف حول قانون جديد للانتخاب يحظى بموافقة وقبول كل الأفرقاء.

هناك تلويح من بعض الأصوات حول عدم ملاءمة الظروف السياسية الراهنة لاجراء الانتخابات، ما رأيكم؟

نحن متمسكون بإجراء الانتخابات النيابية في موعدها دون أي تأجيل، وليس مسموحاً التفكير بتأجيل الانتخابات، إذ أن هناك إمكانية لاتفاق جميع الأطراف على الذهاب للانتخابات لاجرائها في مواعيدها، وليس هناك أي مبرر لعدم إجراء الانتخابات.

هناك من يتهمكم بالسعي لانتاج مجلس نيابي يمدد ولايتكم الرئاسية؟

ليس من السهل في لبنان أن يخيط رئيس الجمهورية مجلساً نيابياً على قياسه لكي يحصل على الثلثين ويمدد ولايته الرئاسية، كل ما يحكى عن التمديد غير قائم إطلاقاً ولا أساس له من الصحة. رئيس الجمهورية له حلم واحد وهو تسليم الجمهورية بشكل طبيعي سياسياً وأمنياً وإدارياً وإقتصادياً في موعد إنتهاء ولايته.

هذا في المواعيد الدستورية، أما بالنسبة للاحلام الكبيرة والخطط التي لدينا فقد يكون هناك استحالة في ظل الظروف الراهنة أن نطبقها وننفذها جميعها لكن على الأقل أن نستطيع في وضع بعض الأمور منها على السكة كما جرى الأمر في موضوع قانون النسبية الذي يجب يوماً ما أن يقر بشكل كامل، إلا أنه الآن يمكن أن يتم وضعه في الإطار المختلط وبعد ذلك نذهب إلى مجلس الشيوخ الذي يراعي المناطقية والدائرة الفردية في التمثيل لنرجع لاحقاً في الإنتقال إلى النسبية دائرة واحدة وهي تكون خشبة الخلاص التي تتلاقى مع روحية الطائف.

وهناك أيضاً اللامركزية الإدارية وقد كلفنا لجنة لإنهاء كل تحضيراتها لرفع مشروع اللامركزية انسجاماً مع تطبيق ما نص عليه الطائف. كما انه لا بد ولا غنى بعد الإنتخابات أن يتم مراجعة بعض الإشكالات الدستورية، مع التأكيد بأنه ليس في السياق الذي يعزز صلاحية سلطة على الأخرى. أن الطائف في التوزيع الذي وضعه ممتاز لكن في بعض الأماكن الأمور لا تمر بسهولة فتتعثر، هذه العثرات لا بد من معالجتها، فإذا كانت في وجه مجلس النواب نلغيها، وإذا كانت في وجه مجلس الوزراء نلغيها، وإذا كانت في وجه القضاء نلغيها، وإذا كانت في وجه رئيس الجمهورية نلغيها. هناك أمور مربكة لا يمكن حلها لذلك لا بد من إعادة النظر في الدستور لإصلاح هذه القضايا التي تسبب ارباكاً على صعيد أداء وعمل السلطات والمؤسسات الدستورية.

الحوار الوطني: ما البديل؟

عنوان آخر مهم في البلد هو الحوار الوطني الذي حصل فيه تطور سلبي الأسبوع الفائت من خلال إعلانكم إلغاء جلسة الحوار الوطني. ما البديل في ظل إصرار بعض القوى على مقاطعة الحوار؟ وما هي رؤيتكم لمعالجة هذا الواقع؟

الحوار ثم الحوار ثم الحوار. ليس هناك لديّ رؤية سوى ذلك. وكل الأسباب التي نرى أن تعيق الحوار لا تكفي لأن نلغي أو تقاطع الحوار، بل على العكس، فإن أسباب الاضطراب القائمة تستوجب الحوار. ولا أفهم ما علاقة الحكومة بالحوار، ورئيس الحكومة الحالي يشارك في طاولة الحوار ليس لأنه رئيس حكومة وهو سيبقى مشاركاً حتى لو لم يعد في موقعه. لذلك، ليس هناك من رابط بين إستقالة الحكومة ومقاطعة الحوار.

لقد سبق ورفضت مقاطعة الحوار من قبل قوى الثامن من آذار عندما رفعت عناوين شهود الزور وسواها، واليوم أكرر موقفي الرافض لمقاطعة الحوار من أي طرف. لقد عقدنا ثلاث جلسات للحوار وطرحت فيها مسائل مهمة منها إعلان بعبدا الذي هو مطلب قديم لحياد لبنان ويجب تثبيت هذا الاعلان ووضع آليات تطبيقية لتأكيد الحياد، وأيضاً هناك مسألة التصور الاستراتيجي وبالأمس سمعت كلاماً مهماً وإيجابياً للسيد حسن نصرالله قال فيه فلتضع الدولة إستراتيجية لحماية النفط. فالتصور الذي عرضته على هيئة الحوار تناول خطة الدفاع في البر والبحر والجو، وكنت قد أشرت في مقدمة الخطة إلى المخاطر والمطامع الاسرائيلية في النفط اللبناني.

لذلك، وريثما يستكمل الجيش قدراته الدفاعية ويزود بالسلاح والعتاد لتنفيذ هذه الاستراتيجية، يمكن لنا الاستفادة من سلاح المقاومة وفقاً لحاجة الجيش على أن تناقش آلية إتخاذ القرار بإستعمال السلاح والذي يجب أن يكون للدولة اللبنانية، فالأسلوب بحاجة إلى نقاش تقني. وإذا كان مطلوباً ومقبولاً وضع إستراتيجية للنفط فمن المنطق أن يكون مقبولاً وضع إستراتيجية للبر والجو أيضاً وفق الكلام الذي سمعناه. وهذا يتطلب أيضاً العودة إلى طاولة الحوار للبحث في هذا الموضوع ولجعل هذا الخيار جزءاً من الثوابت.

هناك من يرى أن المسألة تحتاج إلى قرار إقليمي كبير ليس متوفراً حتى اللحظة؟

الحق علينا كلبنانيين في هذا المجال. ما هو القرار الذي يمنعنا من الاتفاق فيما بيننا، وإذا قررنا نحن التوافق كلبنانيين فمن يمكن له أن يمنعنا؟ نحن نستطيع أن نتخذ القرارات التي نريدها عندما نحزم أمرنا ونتوافق ولا أحد يمنعنا عن القيام بذلك. قلنا بالحياد في المسألة السورية لأنه الموضوع الأكثر إلحاحاً، وطبقنا الحياد رغم المخالفات التي تحصل والتي أرفضها تماماً وأدعو للامتناع عنها نهائياً إن كان بالكلام العالي النبرة والتوتير والتحريض أو بالفعل من خلال إرسال المسلحين والسلاح من هذه الجهة أو تلك.

يجب ألا نتدخل في هذا الموضوع إطلاقاً، ولقد أعلنا موقفنا والكل يتفهمنا، وحتى السوريين يجب أن يتفهمونا لأن هذا الموقف هو الذي يحمي لبنان، وكل موقف يحمي لبنان لا يمنعنا أحد من إتخاذه.

هناك من تحدث عن طائرة أيوب التي شكلت برأيه خرقاً لاعلان بعبدا، فكيف السبيل للتعاطي مع هذه الاشكاليات؟

المشكلة الأساسية أن إسرائيل لم تتركنا يوماً دون إنتهاكات وخروقات، وعند مراجعة هذا الملف يتبين الكثير من النقاط لكنني كنت أفضل أن يبقى عمل المقاومة سرياً، وإذا أعلن فيجب على الأقل إطلاع رئيس الجمهورية قبل إعلانه إذا لم نقل قبل إطلاق الطائرة المذكورة. ولا أرى أن كان يجب على إيران الدولة الصديقة والشقيقة أن تعلن عن حصولها على الصور في حين أن رئيس الجمهورية اللبنانية لا علم لديه بالموضوع. أما في كل ما يخص إسرائيل فموقفي واضح ولا لبس فيه.

هل هناك برأيكم طريقة لاقناع القوى المقاطعة للحوار بالعودة عن قرارها؟

يقتضي ذلك، وأنا أعتقد أن تقدمهم خطوة في إتجاه اللجنة النيابية ومناقشة قانون الانتخاب، يقتضي أن تليها خطوات أخرى، والمجال مفتوح لعرض أي موضوع للنقاش يوافق عليه المشاركون.

صيغة حكومية جديدة؟

هل هناك إمكانية للبحث في صيغة حكومية جديدة قبل موعد الانتخابات النيابية؟

المسألة تتوقف على تلاقي اللبنانيين، وكان هناك مقاطعة للنقاش حول قانون الانتخاب وذللت، ويمكن أن ينسحب هذا الأمر على المسألة الحكومية إذا ما حصل تفاهم حوله. أما القول بأن هذه الحكومة لا تستطيع إجراء الانتخابات، فلا أعتقد أن هذا طرحاً مقبولاً، ومعظم الحكومات التي نظمت الانتخابات في السابق كانت تشبه هذه الحكومة. لطالما فضلت شخصياً حكومة الوحدة الوطنية، وهذه قاعدة ثابتة بالنسبة لي، ولكن هذا الأمر منوط بالدستور والآليات الدستورية.

النازحون: حملة دولية قريباً

رافق ملف النازحين السوريين إلى لبنان حملة واسعة، ما هي رؤيتكم للتعاطي مع هذا الملف بعدما أقرت الحكومة الخطة الخاصة به؟

لا شك أن هناك مشكلة في ملف النازحين، والمشكلة ليست انسانية، فهذا الأمر حسمناه منذ اليوم الأول، وأنا شخصياً حسمته فقلت نحن لا نرفض لاجئاً أو نازحاً إلى لبنان وفقاً للشرعية الدولية وشرعة حقوق الإنسان، ولا نعيد شخصاً لأسباب سياسية. هذه النقطة حسمناها وكل الأطراف التزموا بها بعد أن جرى حولها لغط في البداية.

المشكلة هو في قدرة هذا الوعاء اللبناني على استيعاب أعداد النازحين الكبيرة. هنا طبعاً لدينا أزمة، وهذه الأزمة لا تضر فقط لبنان بل تضر أيضاً النازحين أنفسهم، فعند تزايد أعداد النازحين فوق قدراتنا ويتطور الموضوع إلى اشكالات أمنية وحاجة معيشية ومشاكل اجتماعية خانقة هم أيضاً سيتضررون مثل ما ستضرر لبنان.

لذلك الحكومة وضعت خطة شاملة ونحن حريصون أن تنفذ وهناك تحرك لتنفيذها، وهنا يجب العمل على تخفيف عبء النازحين عن الكاهل اللبناني وذلك عن طريق ثلاث وسائل:

أولا- استيعاب الدول الصديقة والعربية العدد الذي يفوق قدرة لبنان أن كان من الموجودين أو من الممكن أن يأتوا، وذلك لمساعدتنا في تخفيف الأعداد عن لبنان.

ثانياً – ضبط عملية النزوح، في الداخل أي التنقل، والدخول على الحدود أي للتأكد من أن الداخل هو فعلاً بحاجة إلى نزوح وذلك ضمن سياق الإلتزام بمبادئ الشرعية الدولية دون اي مخالفة.

ثالثاً – تأمين التمويل، والمقصود هنا التمويل الخارجي للتمكن من إغاثة هؤلاء النازحين خصوصاً المحتاجين جداً منهم.

هذه النقاط الثلاث تنطبق على فحوى الخطة التي وضعها مجلس الوزراء، وهذه الخطة ستترافق مع تحرك لبناني دبلوماسي على صعيد رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والوزراء المختصين من وزير الخارجية ووزير الشؤون الإجتماعية. طبعاً هناك لقاءات عربية قريبة بالكويت والسعودية والقاهرة والإتحاد الأوروبي وربما سيكون هناك تحرك باتجاه الأمم المتحدة أما في نيويورك وإما في أي مكان آخر وربما يكون أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون في الكويت آواخر هذا الشهر حيث سيكون هناك متابعة معه لهذا الموضوع بشكل دقيق بكل وضوح وصراحة. القضية بالنسبة إلينا بأننا لن نتخلى عن النازحين ولن نتركهم للظلم والبرد والجوع بل إننا نحاول بكل جهودنا أن نؤمن لهم اجواء أفضل وهذا هو المطلوب في هذا الملف.

الأزمة السورية ولبنان: ماذا بعد؟

واضح أن الأزمة السورية نحو مزيد من التفاقم خصوصاً بعد الخطاب الأخير للرئيس السوري، إلى أين برأيكم؟

أتمنى أن يتمكن السوريون من الوصول إلى حل قريباً، وهذا الحل أنا لا أدعي بأنني أعرفه، لكن عندما تحدثت مع رؤساء الدول والأمين العام للأمم المتحدة ومع المبعوثين الدوليين سواء كوفي أنان أو الأخضر الإبراهيمي شددت دائماً على ضرورة إيجاد في أسرع ما يمكن حلاً سياسياً في سوريا من دون تدخل أجنبي عسكري، وبأن هذا الحل من المفضل أن يكون برعاية الأمم المتحدة على أن يتضمن آليات تؤدي إلى اتفاق السوريين على الدستور ويجرون الإنتخابات ويحققون الديمقراطية على شكل واسع. ولا زلت أرى بأنه لا سبيل في سوريا إلا بهذا الحل.

ونحن في لبنان نتألم لما يجري في سوريا التي نتمنى أن تبقى قوية، فسوريا خلال هذه الأزمة قد تعرضت لإضرار كبيرة ونحن كلبنانيين نعلم مدى تداعيات هذه الأضرار التي حصلت في لبنان طيلة الحرب الاهلية ولغاية الآن لم نستطع النهوض منها. فأنا شخصياً أتألم كثيراً عندما أرى أن سوريا الدولة التي كانت قوية وطليعية في التصدي لإسرائيل أن يحصل فيها ما يحصل. وأتمنى أن يعود الجميع إلى ضمائرهم فيجتمع السوريون ويجدون حلاً لما يحصل لديهم.

أعتبر أن علاقة لبنان بسوريا تكون جيدة عندما لا تتدخل سوريا بشؤون لبنان وعندما لا يتدخل لبنان في الشأن السوري لمساعدة هذا الفريق ضد الفريق الآخر، نساعد انسانياً نعم، لكن أن نساعد فريق على حساب فريق فهذا أمر مرفوض وخاطئ، أما خارج هذا الأمر كله تكون العلاقة بين لبنان وسوريا علاقة طبيعية وودية.

وأنبّه بأن العلاقة مع سوريا ليست مرهونة بنظام لبناني أو حكومة لبنانية وليست مرهونة بنظام سوري أو حكومة سورية، فهذه العلاقة هي أقوى من ذلك بكثير ويجب أن تبقى كما هي قوية وقد نص عليها اتفاق الطائف في العلاقة المميزة بين لبنان وسوريا ولم ينص أبداً بين هذه الحكومة اللبنانية أو الرئيس اللبناني وبين الحكومة السورية أو الرئيس السوري بل نص فقد على أن يكون هناك علاقة مميزة بين لبنان وسوريا وهذا ما يجب دائما التنبه إليه كي لا يغرب هذا الأمر عن بال أحد في أي تصرف، لذلك لا يزال قرار الحياد هو أهم قرار.

مصالحة بريح

ما الخطوة التالية في بريح بعد إزالة ما كان يعيق المصالحة النهائية؟

أرى أن ما تحقق في بريح ممتاز، لأننا عندما نرى كل التشتت حولنا ومحاولة عكسه علينا، نجد أننا نجتمع في بريح وهذه مهمة بدأت في بيت الدين سنة 2010 حيث وضعنا بروتوكول مصالحة في قاعة المحكمة في بيت الدين، وكان وليد بك جنبلاط والوزير شهيب ولجنة العودة في بريح المؤلفة من الدروز والمسيحيين، وكنت راعياً لهذا البروتوكول، وسرنا في هذا الاتجاه رغم التشكيك الذي حصل. وكانت النتيجة أنه في ظل هذا الظرف الصعب، شكلت بريح مثالاً يحتذى. لذلك، أذكر اللبنانيين أن لا شيء أبداً يستحق أن تقاتل فيما بيننا.

لقد دفعنا الكثير ثمن دميقراطيتنا وخضنا سنوات طويلة من الحروب والفتن، علينا ألا ندفع ثمن ديمقراطية غيرنا، بل علينا مساعدتهم للوصول إلى الديمقراطية سلمياً وبالنصح السياسي، ولا نريد أن نقدم لبنان فدية على مذبح ما سمي بالربيع العربي. لدينا دستور هو الطائف أوجد لنا تركيبة سياسية جيدة، علينا تحسين أداءنا، وإذا كان من مطبات وعوائق فبإمكاننا إزالتها بالتفاهم.

هذا الخطاب التصالحي يتلاقى في مكان ما مع مواقف وليد جنبلاط والرئيس نجيب ميقاتي، فهل سيترجم ذلك بكتلة نيابية تحد من الانقسام العميق بين 8 و 14 آذار؟

أقول أن على 8 و 14 آذار البحث في قانون إنتخاب وتشكيلات حكومية تعزز ما يسمى الوسط ويؤمن تعزيز الصيغة اللبنانية التي ربما كنا نخجل بها في وقت من الأوقات في حين أنني أرى أنها ستكون معتمدة في دول العالم في زمن العولمة بعد الاختلاط الذي يجري في الدول في كل المجالات، إذ أنها ستصبح ضرورة للعالم الجديد المتعدد الخاضع للعولمة.

لذلك أقول أنه لدينا فرص كثيرة موجودة، وأنا أعطيت غطاء سياسياً للقضاء وللأمن وللسياسة الخارجية، وضمن هذه العناوين يمكننا أن نستمر وأن نتخذ المواقف التي اتخذناها، ولا لزوم لأن نسفك الدماء لنبرهن لأي كان أي أمر.

كلما كان وضعنا مستقراً ومستقلاً يمكننا تقديم خدمة لجيراننا وخاصة السوريين، ودون تمييز بين موال أو معارض، أنا أقول خدمة الشعب السوري، والشعب السوري هو من كافة الأطراف.

وكلما كان لدينا استقراراً ونمواً وأمناً كانت لدينا القدرة على خدمة هؤلاء الناس بصورة أفضل، لأنه غداً حين تنتهي الأزمة ويأتي الناس إلى السياسيين ليسألوا ماذا فعلت وماذا قدمت حين كنا في أزمة، هذا ما يجب أن نتذكره دائماً.

متى ستستكمل التعيينات الادارية التي بدأتم بها؟

كانت العقدة آلية التعيينات، اليوم هناك آلية مطبقة يتم اعتمادها، وأخذت بالأسماء الصالحة لتعيينهم محافظين، يجب أن تأتي هذه الأسماء إلى مجلس الوزراء لإصدار هذه التعيينات بدون مواربة أو محاصصة، فأنا لن أقبل بأي تعيينات من خارج تلك الآلية.

موضوع سلسلة الرتب والرواتب وملف الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية إلى أين؟

سلسلة الرتب والرواتب محقة ويجب إقرارها، ولأن على كل واحد منا أن يتحمل اليوم مسؤولية التسرع بإقرار أي أمر يأتي وبالاً على الموظفين، لأنهم معنيين بهذه المسألة، لكن سوف تقر هذه السلسلة.

أما بالنسبة لتفرغ الأساتذة الجامعيين، من حق الأساتذة أيضاً أن يتفرغوا، لكن إذا كان بإمكاننا تعيين ستمائة إستاذ في جلسة مجلس الوزراء، يمكننا تعيين مجلس عمداء الجامعة، وهذه هي الطريقة السليمة لمعالجة ملف الجامعة، وعدم تعيين العمداء لا يلغي حق الأساتذة بالتفرغ، ولكن من الأفضل لهم ولكي يشعر كل منهم أنه تعين عن حق وعن كفاءة، أن يتم تعيين مجلس عمداء للجامعة، وفق الآلية المعتمدة والتي ينص عليها قانون الجامعة، فهل يمكن لمجلس الوزراء أن يعين ستمائة أستاذ وضعهم مماثل للفئة الأولى ولا يمكنه تعيين عشرين عميد لكليات الجامعة؟

كي لا يشعر أي أستاذ أنه مستحق ولم يتم تفريغه، من الأفضل أن يتم تعيين مجلس عمداء الجامعة، ليستكمل ما تم إنجازه في ملف التفرغ وحينها يوافق مجلس الوزراء على قرارات التفرغ.

ماذا عن تلفزيون لبنان وتعيين مجلس إدارة جديد له؟

موضوع التلفزيون كغيره من المواضيع المرتبطة بالتعيينات، وللأسف هو خاضع أيضاً لعملية التنافس على الحصحصة، وأنا مع أن يرفع وزير الإعلام الأسماء لتعيين هذا المجلس بأسرع وقت، وتلفزيون لبنان يجب أن يعود ليحتل المكانة الأولى أو بين الأوائل في الإعلام في لبنان، ما دخلت السياسة أمراً إلاَّ وأفسدته، فحين نتناتش على الأعضاء نفسد القضية.

السابق
كتلة المستقبل: نرفض اعتماد مبدأ النسبية
التالي
أيّها المسيحيون: الحكم ليس بعدد النواب… بل بالسلاح