باسم مغنية: لستُ أهبل

تُعتبر تجربة الفنان اللبناني باسم مغنية الأبرز مقارنة مع تجارب أبناء جيله، فإلى جانب كونه ممثلاً في الأساس، إلا أنه خاض إلى جانب التمثيل في مجالات أخرى مختلفة ومتنوعة بينها الغناء، الكتابة، الإخراج والعمل الدعائي.
مغنية يؤكد في حوار مع «الراي» أنه لا يصرّ على البحث عن الفرص، بل ينتظر أن تأتي إليه، وهو مقتنع بأن الفنان الذي يسعى وراء عمل أو دور تنقص قيمته. ويشير إلى أنه ليس على عجلة من أمره، بل يفضل أن تصله فرصته الكبيرة «على طبق من فضة»، وهي فرصة حصل عليها من بلده بانتظار فرصة عربية تحفظ قيمته ونجوميته وتقدّر موهبته كممثل من الدرجة الأولى.
ويرى أنه اجتهد كثيراً من أجل تقديم أغنيات بمستوى جيد لحناً وكلاماً، ويقول: «لو أن أغنياتي عُرضت على فنانين كبار لكانوا اشتروها وأدوها، ولا شك في أنهم كانوا قدّموها بطريقة أفضل»… وإلى تفاصيل الحوار:

• ربما تُعدّ تجربتك الأبرز والأغنى مقارنة مع تجارب الممثلين الآخرين، فإلى جانب التمثيل خضتَ مجالات الغناء، الكتابة، الإخراج والعمل الدعائي، فهل فعلتَ ذلك إيماناً منك بأن الفنان يجب أن يجرّب كل المجالات، أو لأنك تملك الموهبة في كل تجربة خضتَها؟
– في البداية أحبّ أن أوضح مسألة وهي أن التمثيل ليس بعيداً عن الإخراج، أملك موهبة الإخراج وقد تعلمت من كل المخرجين الذين عملتُ تحت إدارتهم، بالإضافة إلى أنني درست الاختصاص في الجامعة. أما بالنسبة إلى الغناء فأنا أحبه كثيراً وكنت أحلم دائماً بأن أصبح مغنياً، ولكنني أدرك جيداً أن ليس كل ما يحلم به الإنسان يمكن أن ينجح فيه، وأنا متأكد أن 70 في المئة من الناس يحبون أن يصبحوا ممثلين، وأنه حلم بالنسبة إليهم ولكن ليس بالضرورة أن يكونوا جميعاً بارعين في التمثيل.
وإذا غنيتُ فهذا لا يعني بالضرورة أنني مطرب ماهر ولكن في الوقت نفسه عندما اقتحمتُ المجال فعلت ذلك بوعي، ولم أكن ابن 17 ودخلتُه «عن هبل» وعشوائي، بل لديّ اسم «نظيف» في مجال التمثيل، والتجارب الغنائية التي قدمتها، بالرغم من أنها متواضعة غنائياً ولكنها مفعمة بالإحساس والجهد وقد اجتهدت كثيراً من أجل تقديم أغنيات بمستوى جيد لحناً وكلاماً، وقلتُ أكثر من مرة لو أن أغنياتي عُرضت على فنانين كبار لكانوا اشتروها وأدوها، ولا شك في أنهم كانوا قدّموها بطريقة أفضل، لكنني متأكد من أنني أديت أغنياتي الثلاث بإحساس عالٍ جداً، وهذا لا علاقة له بتقنية وجمال الصوت لأنه يولد مع الإنسان، فهناك عدد كبير من الفنانين يفتقدون الإحساس في صوتهم. كما أنني جسدت أغنياتي في كليبات تتميز بأفكار جديدة وصورة جميلة، وأعتقد أن عدداً كبيراً من الفنانين يتمنون مثلها. لا أسعى إلى أن أكون مطرباً وأن أغني في حفلات ولكن كلما سنحت لي الفرصة لتقديم أغنية جيدة فلن أتأخر أبداً.
• أشرتَ أكثر من مرة إلى أن كبار الفنانين يتمنون أغنياتك وكليباتك، فهل سمعتَ هذا الكلام من بعضهم أو أنك تقدّر هذا الأمر شخصياً؟
– بل أنا أقدّر ذلك! لستُ «أهبلاً» ولا أتحدث عن أغنياتي بشكل إيجابي لمجرّد أنها لي، بل أنا أعيش في الجو وتربطني صداقات بكبار الفنانين الذين استشرتُهم وكلهم أكدوا لي أن أغنياتي «مرتبة وحلوة».
• وهل تعتبر أن أغنياتك أضافت أم لم تضف شيئاً إلى مسيرتك الفنية؟
– بل هي أضافت إليّ عربياً، ومن خلالها صار اسمي معروفاً في العالم العربي، لأن الكليبات اللبنانية تُبث فضائياً أكثر من المسلسلات، وقد التقيت أخيراً بمخرج سوري قال لي إنه «سمع باسمي» من خلال فيديو كليب، مع أن الناس يلحقون بي عندما أسير في شوارع سورية، كما أخبرني بأن تمثيلي يظهر من خلال الأغنيات المصورة، ويبدو أن جمهور الأغنية أكبر من جمهور الدراما في العالم العربي، ومن خلالها انتشر اسمي أيضاً في مصر وتونس والجزائر.
• وهل عوّض هذا الأمر في مكان ما، لناحية أنه أمّن لك انتشاراً عربياً لم يحققه لك التمثيل؟
– نعم، حتى الذين ألتقيهم من مصر، يقولون لي نحن لا نعرفك كممثل، ولكن هذه هي المرة الأولى نشاهد فناناً يغني بكل هذا الإحساس.
• وهل يحزنك أنك وصلتَ إلى الجمهور العربي كمغن وليس من خلال مهنتك الأساسية التمثيل؟
– كنت أتمنى لو أن كل الأعمال التي شاركتُ فيها وصلت إلى كل الجمهور العربي، لكن أعمالنا لا تتابَع في الدول العربية، كما أن الفكرة المكوَّنة عن الفن اللبناني والتمثيل اللبناني ليست جيدة.
• وماذا يقولون عنهما؟
– أخيراً تمكنت أنا ومجموعة من الممثلين اللبنانيين من فرض أنفسنا على الخريطة العربية. في العام 2005 عندما بدأتُ بالغناء صار الجمهور العربي يتابع أخباري على المواقع الإلكترونية، واليوم أصبحنا معروفين في مصر والخليج والمغرب العربي لأن لهجتنا محبوبة في الخليج ودول المغرب العربي، لكن قبل هذه الفترة نحن كممثلين لم نكن معروفين في مصر، لأن لدى المصريين كماً كبيراً من المسلسلات، وبمجرد أن ينتهي مسلسل يتابعون غيره بينما عندنا حين ينتهي مسلسل لبناني نضطر إلى متابعة مسلسل أجنبي أو عربي. أما السوريون، فهم يعرفوننا بحكم علاقتنا الجغرافية وقربنا من بعضنا، وحتى المحطات اللبنانية مشاهَدة عندهم من دون «ساتلايت».
• دخلتَ مصر منذ العام 1998 من خلال مسلسل «امرأة من زمن الحب»، فهل أنت راضٍ عن وجودك فيها؟
– عدم وجودي في مصر يعود إلى قرار مني لأنني نجم في بلدي وأرفض أن أكون مجرد «سنيد» في مصر، إذ لا ينقصني شيء، وعندما يقرر أحدهم أن يعطيني عملاً يرضي طموحي كفنان، يمكن أن أشتغل في أي بلد كان.
• هناك ممثلون كثر غيرك أصبحوا نجوماً في مصر، لماذا لم يتحقق هذا الأمر معك حتى الآن؟
– لأنني وجدت أن الشيء الذي يصلنا على مهل أفضل بكثير من الشيء الذي نسعى إليه. الفنان الذي يسعى وراء عمل أو دور تنقص قيمته، وأنا لست على عجلة من أمري، وأريد أن تصل فرصتي الكبيرة على طبق من فضة وهذه الفرصة حصلتُ عليها في بلدي وأنا سعيد بها.
• وماذا عن مشاركتك في مسلسل «رابعة العدوية»؟
– هذا المسلسل يروي سيرة حياة رابعة العدوية، التي تتعرف خلال حياتها على أشخاص كثر وتنتقل من مكان إلى آخر، وأنا ألعب دور شاب يتمنى الزواج منها منذ بداية المسلسل وحتى نهايته. ويُعتبر دوري أساسياً من بين أدوار الممثلين الشباب المشاركين في العمل.
• هل هذا هو الدور الذي يرضيك والذي كنتَ تنتظرَه من مصر أو أنك وصلتَ إلى مرحلة يجب أن تتواجد فيها في الدراما المصرية ولو بدور أقل من الذي كنت تطمح إليه؟
– لو أنني تصرفت وفق ما تقولين لكنت فعلت ذلك قبل فترة بعيدة. مسلسل «رابعة العدوية» ضخم جداً وأطلّ فيه من خلال حلقات عدة.
• هل ترى أن السياسة تُفسد الفن، وكيف تنظر إلى مقاطعة جمهور يؤيد جهة سياسية معينة لعمل فني يُحسب على جهة أخرى كما حصل مثلاً مع مسلسل «الغالبون»؟
– «الغالبون» ليس عملاً سياسياً بل عمل وطني يتحدث عن المقاومة، والصدفة هي التي جعلت الشيعة هم الذين يقاومون وربما لو أن الدروز أو المسيحيين هم الغالبية في الجنوب لكانوا هم من لعبوا هذا الدور ودافعوا عن بلدهم. العمل تناول حقبة زمنية تمتد بين عامي 1882 و2000، ولكن ثمة أموراً لم يتم التطرق إليها وأنا لدي انتقادات عليها وأعتبر أنه كان يجب الإضاءة عليها. إلى ذلك، فإن عدد الممثلين السنّة والمسيحيين الذين شاركوا فيه أكثر من عدد الممثلين الشيعة، كما أن عدداً كبيراً منهم لا يتوافق رأيهم السياسي مع مضمون العمل، ولكنهم شاركوا فيه لأنهم ممثلون في النهاية. لنفترض أنه عرض عليّ تقديم دور القديس مار شربل فهل أرفضه لمجرد أنني مسلم؟ لقد شاركت في الكثير من الأعمال التي تتناول الدين المسيحي وتم عرضها على تلفزيون «Tele Lumiere». نحن ممثلون، ومن المعروف أن هند رستم قدمت دور الراهبة وهي مسلمة، وربما ألعب أنا دور راهب في يوم ما وقد يكون دور حياتي. ومن يفكر بغير هذه الطريقة يكون طائفياً، ولذلك لا يمكن القول إننا نرفض المشاركة في مسلسل «الغالبون» لأنه يتحدث عن حزب معيّن، إذ إن من ينتمون إلى هذا الحزب قاوموا العدو في النهاية، بصرف النظر إذا كنت معهم أو ضدهم، عدا عن أن العمل يحكي عن حقبة زمنية معينة تماماً كما حصل في مسلسل «باب الحارة» الذي تحدّث عن مقاومة الشعب السوري للاحتلال الفرنسي.  

السابق
اضراب عن الجنس!
التالي
أحمد حلمي: على جثتي