هل يتخطى الإبراهيمي الوقت الضائع؟

من أهم محطات تحرك المبعوث الدولي الأخضر الإبراهيمي بشأن إيجاد الحلول السياسية المناسبة للأزمة في سورية، لقاؤه مع الرئيس بشار الأسد الأسبوع الماضي، حيث وصفت مصادر دبلوماسية عربية وبعض أعضاء الوفد المرافق للإبراهيمي هذا اللقاء بالإيجابي والمريح جداً، والأمر نفسه ينطبق على لقائه مع وزير الخارجية، وليد المعلم.

وكشفت المصادر الدبلوماسية، عن أن الإبراهيمي لا يملك أفكاراً جاهزة، ولكنه ما زال يتلمس الطريقة الملائمة والخطوة الأولى في سبيل تكريس وترجمة أي حل يمكن التوصل إليه، إلى واقع ملموس، ومن الواضح أن الموضوع السوري بالنسبة إليه، موضوع صعب ويحتاج إلى جهود استثنائية خصوصاً في ظل وجود مناخ عربي غير مستقر، والإبراهيمي حسب المصادر نفسها، تشكلت لديه قناعة راسخة، بأنه لا يمكن إيجاد الحلول السياسية إلا من خلال الحوار، مع ضرورة أن يأخذ بعين الاعتبار كل المعطيات المتوافرة لدى الحكومة السورية، من أجل خلق توليفة وصيغة حل ترضي جميع الأطراف المعنية، في الأزمة السورية داخلياً وخارجياً.

وأوضحت المصادر الدبلوماسية، بأن الرئيس بشار الأسد، كعادته، كان صريحاً وشفافاً للغاية، في حديثه مع الإبراهيمي، لناحية الحفاظ على الثوابت الوطنية السورية التي لا يمكن التخلي عنها تحت أي ظرف، وأهمها الحفاظ على وحدة سورية وشعبها ومؤسساتها، واحترام إرادة الشعب السوري في خياراته، بالإضافة إلى تأكيد الرئيس الأسد، أنه لا جدوى ولا إمكانية لقيام ونجاح أي حوار سياسي، طالما هناك جهات دولية وإقليمية وعربية تتدخل في الشأن السوري، وتدعم المسلحين الإرهابيين بالمال والسلاح، ودخول المجموعات الإرهابية والتكفيرية بالآلاف إلى سورية عبر الحدود المجاورة، وعلى وجه الخصوص من تركيا ولبنان والأردن، ومن دون الحصول على ضمانات جدية من تلك الجهات والدول، لا يمكن لأي حوار أن يبصر النور، أو يؤدي فعلاً إلى خروج سورية من محنتها وإلى مساعدة شعبها.

وأشارت المصادر الدبلوماسية إلى أن الأخضر الإبراهيمي من جانبه أكد عدم خضوعه لأي محور سياسي دولي أو إقليمي أو عربي يمكن أن يمارس ضغوطاً عليه، خلال تأديته لمهمته في سورية، وهو يمارس دوره ومهمته كممثل للأمين العام للأمم المتحدة فقط، وهو لذلك يتحاور ويتواصل مع جميع الأطراف على الصعيد الدولي، وعلى مستوى قوى المعارضة الداخلية والخارجية.
وفي تقدير المصادر الدبلوماسية، أن الإبراهيمي يحتاج إلى ما يقارب الأسابيع الثلاثة لكي يبدأ بتقديم رؤيته حول كيفية الحل السياسي في سورية، وإن كان أعلن أثناء زيارته العاصمة السورية، وبعد لقائه الرئيس الأسد، أن مبادرة كوفي أنان والنقاط الست وبيان مؤتمر جنيف ستكون منطلقاً لتحركه السياسي واتصالاته مع الجهات الدولية والإقليمية، والعربية المعنية.

وتقول المصادر الدبلوماسية إن القيادة السورية تصر على أن يكون مبدأ الحوار مع قوى المعارضة التي ترفض التدخل الخارجي، وليس مع المجموعات المسلحة والإرهابية، التي أعلنت وهاجمت مهمة الأخضر الإبراهيمي، ولذلك فإن التركيز في تحرك الإبراهيمي يجب أن ينصب باتجاه الدول المعنية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية، باعتبارها رأس الأفعى في تآمرها على سورية، وباقي الدول الإقليمية والعربية، هي أداة بيد الولايات المتحدة لتنفيذ أجندتها في المنطقة، وفي سورية على وجه التحديد.

ونقلت المصادر الدبلوماسية عن مصادر غربية قولها، إن الغرب يرى في مهمة الإبراهيمي محاولة لملء فراغ الوقت الضائع، لأن كل التقارير تشير إلى وجود عمليات تسليح كبيرة، وإمداد بالمال والرجال بصورة متزايدة، بالإضافة إلى تزايد عمل المخابرات الأميركية، بهدف استمرار النزف في سورية، بانتظاراستحقاق الانتخابات الرئاسية الأميركية، ولكي تتبلور الصورة أكثر من خلال ما ستؤول إليه الاتصالات الأميركية الروسية، حول الوضع السوري.  

السابق
مهمة انقاذ سوريا في مأزق مزدوج
التالي
ميشال عون: دروس في الزعامة