هوية الحروب التكفيرية !!

ليس في اسرائيل اليوم حروب أهلية، ولا عصابات مسلحة، ولا عمليات تفجير وتخريب من أي نوع كان، والعنف الوحيد هو ذلك الذي تمارسه الدولة ضد الفلسطينيين تحت الاحتلال. ويتحدث القادة الاسرائيليون اليوم بخيلاء واستعلاء يتجاوز أحياناً لغة الخطاب السياسي للدول العظمى! ومع ذلك فالمفارقة صارخة في الكيان الصهيوني لأن المزاج المسيطر على المجتمع الاسرائيلي هو نقيض ذلك تماماً، ويعكس مشاعر كآبة حادة، وخوف من المستقبل، وقلق على المصير. وتعبر عن هذه الحالة جمهرة من الكتّاب والدارسين والمحللين والعلماء وأساتذة الفكر السياسي واختصاصيين استراتيجيين أمضوا الجزء الأكبر من أعمارهم في الخدمة العسكرية من مختلف الاختصاصات، والعديد من المؤرخين… والحالة السائدة بين القيادة النرجسية التي تمارس غطرسة القوة في تعاملها مع الداخل والخارج من جهة، والمجتمع الاسرائيلي بمختلف مكوّناته هي أقرب ما تكون الى الانفصام في الشخصية من جهة ثانية.

عبّر العديد من المفكرين الاسرائيليين عن اعتقادهم بأن القيادة الحالية في اسرائيل تمثّل نموذجاً عن القيادات المتعاقبة التي تعيش حالة إنكار للمتغيرات التي حدثت في المراحل الأخيرة من العقود الستة ونيّف التي عاشها الكيان الصهيوني منذ التأسيس والى يومنا هذا. والقيادات الاسرائيلية المتعاقبة تصرّ على الانتماء الى الزمن التي كانت تخوض حروبها التوسعية داخل فلسطين وخارجها على أراضي الآخرين وتنجز المهمة في أيام أو في زمن قصير قياسي. في حين يرى الرأي العام الاسرائيلي أن هذا الواقع تخطاه الزمن وطرأت حقائق جديدة تصر القيادات على عدم رؤيتها أو عدم الاعتراف بوجودها، أو التهوين من عواقبها… وذروة هذه الحالة هي ما تمثله حكومة المتطرفين الراهنة في اسرائيل، والتخوف من أن يقودها جنون العظمة الى مغامرات تهدد الكيان الصهيوني بأفدح الأخطار المصيرية.

الفكر الصهيوني خضع لتحولات متعاقبة وصل بعد الآباء المؤسسين الى اعتماد التطرف الديني لشدّ عصب اليهود في العالم، وقام بتصدير هذا التطرف الديني الى المحيط العربي والإسلامي، وحرص على تغذيته بكل الوسائل العلنية والسرية بهدف إثارة الفتن التكفيرية داخل المجتمعات العربية والإسلامية، وذلك كنوع من الحروب المستترة للحماية الذاتية من الأعداء. ويتنبّأ بعض المفكرين اليهود بأن الحروب التكفيرية التي يعيشها بعض العرب والمسلمين اليوم هي نفسها ستكون الحتمية التاريخية التي ستعيشها اسرائيل مستقبلاً!..  

السابق
عوفاديا يوسف: إيران وحزب الله سيميتهم الرب قريبا !!
التالي
قائد الجناح العسكري بسوريا: ماهر الأسد ميت سريريا