المخطوفون اللبنانيون وعنجهية حزب الله

من المضحك المبكي، لا بل من الامور المحيرة، أن تصبح قضية المخطوفين اللبنانيين في سورية ضرباً من ضروب اللعب والتسالي… وأغرب من ذلك العجز اللبناني عن حل هذه القضية رغم كل إبداعات التفاوض حول تبادل الاسرى التي خبرناها مع قائد حزب الله باعتزاز في مراحل عدة خلال السنوات الماضية وسمع العالم وشاهد نجاحاتها. ولم يكن غياب مؤسسات الدولة عن عملية التفاوض غير المباشر مع الاسرائيليين عاملاً سلبيًا في نجاحها، وليس القصد ان غياب الدولة كان سبب نجاحها.

قال الزميل فداء عيتاني، الذي التقى الخاطفين، بل ربما بات مصدرا لنقل رسائلهم الاعلامية، ان ما يريده الخاطفون يعلمه السيد حسن نصرالله . وكان الخاطفون قبل أيام طالبوا على لسان ابو ابراهيم بمفاوض غير مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم بصفته شخصية شيعية (كما اشترط الخاطف) يُفترض أنها مكلفة رسميًا من السيد حسن نصرالله، كما يعلم اي لبناني. وان كان رئيس الجمهورية أسماه رسمياً لهذه المهمة. وعلّل ابو ابراهيم سبب الرفض بأنّ اللواء ابراهيم سلم 14 سورياً الى الاجهزة الامنية في لبنان وانه يعتبره، بسبب ما قام به، غير مؤهل للعب دور المفاوض او الوسيط، ناهيك عما حكي عن أن أحداً وشى له بألا يتفاوض مع الرجل، وهو ما دفع ابو ابراهيم الى اختيار النائب عقاب صقر او العميد المعروف وسام الحسن.

النائب صقر لم يصدر عنه اي تعليق ولا يعرف ما اذا كان الرجل متابعاً لهذه القضية بسبب ما يشاع عن ملاحقة. وربما يستحيل ان يقوم بمثل هذه المهمة، لا سيما انه لايستطيع العودة الى لبنان كما يسري لأنه "مهدد بالقتل". اما العميد الحسن فبالتأكيد ما هو الا موظف يلتزم بما تقرره الحكومة ولا يحق له التصرف رفضا او قبولا في معزل عنها، كما لا يحقّ له أن يصرّح حتى استناداً الى صفته الرسمية.

من الواضح ان الخاطفين يريدون مبادرة ما من السيد حسن نصرالله، وان المخطوفين يناشدون الدولة حتى باتوا اخيراً يناشدون قطر وتركيا والسعودية للعمل من اجل اطلاقهم بعدما فقدوا الأمل بدولتهم. والجدير ذكره ان المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى، لشدة اهتمامه بهذه القضية، لم يعقد اي اجتماع لهيئتيه التنفيذية والتشريعية لبحثها.

في المقابل هدد الشيخ عباس زغيب، المكلف من حزب الله كناطق اعلامي باسم القضية، بأنه "سيستضيف"، أسوة بأبو ابراهيم، أتراكاً وقطريين.. وما الى ذلك من تهديدات وتنبيهات طالت رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والغريب انها لم تطل رئيس مجلس النواب…

بربكم لو كان كلام زغيب في مجال الاشادة بدور الدولة هل كان نسي الرئيس بري: "إنو وقت الغنم شي وحين الغرم شي تاني؟ انو هلأ صارت الدولة برأسين وسليمان وميقاتي هنّي الدولة؟ يا عيب الشوم وين صرنا. انو مهمة نقد الرؤساء اتركها للشيخ قبلان او السيد حسن او مش قد المقام؟".

على أي حال اذا كان البعض يعتقد أن احدًا سيتقدم، من القيادة الشيعية التي هزمت جبروت اسرائيل، ليتحاور او يرد على خاطفين مثل ابو ابراهيم، "متآمرين على سورية وعلى خط المقاومة". هل تريدون ان تهبطوا بالسيد حسن نصرالله الى هذا المستوى ومع خاطفين لعوبين سلسين كأبو ابراهيم. هيهات أن يكون لكم ذلك …. لا تطمح أن يخاطبك او يفاوضك في هذه القضية يا ابو ابراهيم غير اللواء ابراهيم او الشيخ عباس زغيب او رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، بعد إذن الشيخ زغيب طبعا.

الرئيس بري صامت لا احد يعرف بعد حكمة هذا الصمت. ربما يعلم الشيخ زغيب ان ما يقوم به بري من جهود على هذا الصعيد كبيرة جدا لذا خصّ الرئيسين سليمان وميقاتي بالاتهام بالتقصير.

اعتقد ان احدى السيدات من عائلات المخطوفين قالت كلمة معبرة وتختصر مستوى اداء الحكومة والقيادات اللبنانية في هذه القضية: "لو ان رفيق الحريري لا يزل حيّا لكان المخطوفون خرجوا من أسرهم ….". أعتقد ان هذه السيدة كانت تدين جميع المعنيين لبنانيا في هذه القضية وهي رسالة الى ابن رفيق الحريري سعد مفادها: "إقتدِ بأبيك، ففي هذه المواقف يبرز معدن الرجال وكفاءتهم… وكفى بالله شهيدا".

السابق
جنبلاط والنسبية
التالي
الافراج عن مرافق سماحة وسائقه وسكرتيرته بسند اقامة