اسرائيل لحزب الله وايران: الرد آت… ولكن

لا يمكن مجادلة اسرائيل. حزب الله هو الذي قام بعملية التفجير في بلغاريا. مقاربة تل ابيب، بعد اقل من 24 ساعة على العملية، كانت قاطعة. وبعيدا عن التلميح والاشارات والاحتمالات للمقاربة الابتدائية: حزب الله وايران هما المسؤولان، ويجب معاقبتهما

حمّل رئيس الحكومة الاسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ايران وحزب الله مسؤولية التفجير في منتجع بورغاس البلغاري اول من امس، والذي استهدف حافلة تقل سياحاً اسرائيليين، وأدى الى مقتل ثمانية وجرح العشرات. وقال إنه «حان الوقت لان يعلم العالم بأن ايران تقف وراء الإرهاب الدولي، وهي أخطر دولة في العالم، ويجب منعها من حيازة أخطر الأسلحة في العالم، وهي الأسلحة النووية». واضاف ان «حزب الله الذي يعتبر رأس حربة ايرانية، وممثلاً لإيران، هو من نفذ العملية في بلغاريا».
وتوعد نتنياهو بالرد على العملية، ومواصلة «العمل بكل قوة ضد الإرهاب الإيراني، واليد الإيرانية العابرة للقارات، والمتمثلة بحزب الله»، مشددا على ان «اسرائيل لن تركع في وجه الارهاب المنطلق من ايران».
وكان نتنياهو تلقى اتصالاً من الرئيس الاميركي باراك اوباما الذي شجب التفجير، وأكد على «أواصر التعاون المتين التي تربط الولايات المتحدة بإسرائيل». وبحسب مصادر سياسية إسرائيلية، شدد الجانبان على ضرورة التعاون في التحقيقات «وصولاً الى المرتكبين ومرسليهم». ونقل موقع «واللا» الاخباري العبري أن نتنياهو حذّر خلال المحادثة من أن «إيران وحزب الله يديران حملة إرهابية في أرجاء العالم، وإيران يجب ان تتحمل العواقب»، مؤكداً أن «المسألة تتعلق بعملية، قام بها حزب الله».
بدوره قال وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان ان إسرائيل تملك معلومات موثوقاً بها تشير إلى أن حزب الله يقف وراء التفجير. وأضاف في حديث للإذاعة الاسرائيلية ان «المعلومات لا يرقى اليها الشك، وتشير الى حزب الله والحرس الثوري الايراني».
رغم ذلك، أكدت مصادر سياسية وعسكرية اسرائيلية ان الرد سينتظر التحقيقات والأدلة الدامغة التي تشير بالفعل الى ايران وحزب الله، لافتة إلى أن الوضع في المنطقة متأزم في الاساس، ويوجد فيها اكثر من ملف ساخن من شأنه أن يشعلها، بدءا من المواجهة مع ايران على خلفية برنامجها النووي، مرورا بالازمة السورية وتطوراتها الاخيرة، وصولا الى لبنان، حيث الجهد الاسرائيلي منصب حاليا على منع وصول اسلحة استراتيجية سورية الى حزب الله.
ونعت صحيفة «معاريف» الرد الاسرائيلي قبل ولادته، مشيرة الى ان خيبة الامل ستواجه كل من ينتظر ردا اسرائيليا شديدا، او يربط العملية في بلغاريا بكلام قيل في الفترة الاخيرة لردع حزب الله، كما ورد في تصريح قائد فرقة الجليل العميد هرتسي هليفي، الذي هدد لبنان بدمار واسع ردا على اي شيء يقوم به حزب الله. وبحسب الصحيفة فان الرد الاسرائيلي سيكون سياسيا لجهة طابعه وإطاره، وسيحاول ان يرسم خطا هجوميا دبلوماسيا من واقعة التفجير في بلغاريا، للتصويب على ايران وقياداتها، واظهارها لمن لم يقتنع حتى الآن، بأنها دولة ارهاب ومصدرة للارهاب، اما الافكار عن الانتقام، الجماعية او الفردية، فعليها ان تنتظر.
وحفلت وسائل الاعلام الاسرائيلية امس بالخبراء والمعلقين والكتبة الامنيين والسياسيين، الذين اجمعوا على ان ايران وحزب الله يقفان خلف التفجير، الا ان الخلاف تركز على الرد المفترض، وأسلوبه، وإمكان تأجيله، كما تركز التعليقات على تفسير اسباب الفشل الاستخباري والامني للاجهزة الامنية في اسرائيل، التي اخفقت هذه المرة في حماية الاسرائيليين في الخارج. وقال محلل الشؤون العسكرية في صحيفة «يديعوت احرونوت»، رون بن يشاي، ان «العملية نفذت بأسلوب ايراني، ولا ينبغي بذل كثير من الجهد لمعرفة ذلك، الا ان السؤال الاكثر حضورا في الساعات القليلة الماضية، هو كيف ترد اسرائيل، وبقوة، كما هدد نتنياهو». وأشار إلى ان «الاوضاع في منطقة الشرق الاوسط، وحساسيتها المفرطة، بدءا من سوريا ولبنان وصولا الى الاردن ومصر، توجب على اسرائيل التفكير عميقا» قبل اقدامها على اي خطوة هجومية، مشددا على ان «الرد الاسرائيلي لن يكون عنيفا، لان ذلك سيؤدي الى الكثير من الضحايا في صفوف الاسرائيليين».
وكتب معلق الشؤون العسكرية في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، بان «البصمات واضحة جدا، ولا تحتاج الى دليل»، وأشار الى ان «التفجير كان انتقاما ايرانيا بتعاون مشترك مع حزب الله» رافضا ربط العملية بأي جهة اخرى، واضاف ان «التخمين الاستخباري بضلوع طهران وحزب الله منطقي جدا، اذ لا يتوقعن احد ان يكون تنظيم القاعدة يبحث عن اهداف يهودية في الخارج، كما ان حماس والجهاد الاسلامي لا علاقة لهما بالامر، فهذا هو اسلوب حزب الله، وتوجد سوابق على ذلك». وحذر هرئيل من اولئك الذي هللوا في كانون الثاني الماضي بعد اغتيال العلماء النوويين الايرانيين، «اذ كان عليهم ان يتحسبوا جيدا للرد الايراني»، محذرا من ان «الاسرائيليين امام موجة جديدة من العمليات، وعلى كل مواطن اسرائيلي ان يفكر مرتين قبل ان يتوجه للسياحة في الخارج».
وفي تصريح غير مسبوق، قال الرئيس السابق لمجلس الامن القومي الاسرائيلي، والمسؤول السابق في الموساد، عوزي اراد، انه «لا يمكن النظر الى التفجير في بلغاريا بشكل معزول، اذ اننا منذ سنوات في ديناميكية تصعيدية، حيث تنشط جهات عدة، واسرائيل هي احدى الجهات المبادرة في هذا التصعيد، علما اننا قبل سنوات قتلنا (المسؤول العسكري في حزب الله) عماد مغنية»، مشيرا الى ان «اسرائيل في صراع ضد ايران، ونحن طرف ناشط ولسنا طرفا غير فعال، اما الطرف الثاني فهو الجهة التي تدافع عن نفسها، وهذه هي ايران اللاعب القوي، الرادعة والمهاجمة في الوقت نفسه».
وقال انه في حال قررت اسرائيل الرد على عملية بلغاريا، فعليها ان تأخذ بالحسبان انه سيكون هناك رد على ردها، مشددا على ان «المسؤولين (الاسرائيليين) المعنيين بالموضوع، هم اشخاص أصحاب خبرة، وقادرون على تحمل المسؤولية، ويعرفون عبر الماضي، عندما دفعنا اثمان نشاطات قمنا بها في اماكن اخرى».  

السابق
like مقابل 100 ريال
التالي
جنبلاط: تسليح الجيش السوري الحر وتمويله يوفران على سوريا الكثير من الخراب والدمار