الصحوة المسيحية ضرورية

أفاقت القيادات المسيحية الأسبوع الماضي على واقع التهميش الذي يصيبها ومناصريها، ويصيب تالياً المجتمع المسيحي كله منذ زمن الوصاية السورية التي حرمت المسيحيين المعارضين لها المكاسب التي توزعت على حلفائها. ويبدو أن شيئاً لم يتبدّل بعد زوال الوصاية، وخصوصا مع حلفاء النظام السوري الذين أرادوا تمكين سيطرتهم على مفاصل الدولة بالاستيلاء على الوظائف، والاستقواء بالسلاح، وأيضاً بالهجمة العقارية التي تتوافر لها الأموال الكثيرة مستغلة حاجات الناس وفقرهم.
وما يصيب المسيحيين، يصيب البعض غيرهم، ولكن بنسبة أقل. لذا كان لا بد من وقفة. وحسناً فعل "تيار المستقبل" بالانضمام إاليها، لئلا تأخذ الأمور المنحى الطائفي، بل المذهبي البغيض، وخصوصاً في ظل ارتفاع حدّة الخطاب الذي يميّز بين السنّة والشيعة، مقدماً هذا الانتماء على ما عداه.
لكن الصحوة المسيحية محدودة الأثر في المكان والزمان، إذ سارع البعض الى التنصّل منها في اليوم التالي، خوفاً من إهداء البعض الآخر مكاسب سياسية وانتخابية. وإذا كانت بشائرها جيدة ويمكن أن تؤسّس لتوافق ما، إلا أن التخوّف منها الذي أظهره البعض أفقدها وهجها، وربما قضت عليها تسوية من هنا أو صفقة من هناك.

والمبرر المذهبي ليس سبباً وجيهاً للتراجع، لأن الدور المسيحي الفاعل ضرورة وحاجة للطوائف والمذاهب الأخرى، ولاستمرار لبنان البلد الفريد بتنوّعه، وبصيغته التوافقية والطوائفية والثقافية…
ولا خوف من عودة الاصطفاف المذهبي الذي يؤذي المسيحيين أكثر مما يفيدهم، إذ أن الاصطفافات قائمة بين مشروعين سياسيين كبيرين للمنطقة، ولا قدرة للمسيحيين، بل ربما للداخل اللبناني كله، على التأثير فيهما. من هنا تصبح المطالبة بما يفيد بقاء المسيحيين، ويحمي وجودهم داخل مؤسسات الدولة، ويوفّر لهم تمثيلاً حقيقياً في مجلس النواب، مطالبة مشروعة وتعبّر عن حال سيّئة بلغها هؤلاء، وعلى شركائهم في الوطن، إذا كانوا يريدون هذه الشركة فعلاً لا قولاً فقط، الإصغاء إلى مطالبهم والمساعدة على توفيرها، بدل التهديد والوعيد، والتلويح بإلغاء الطائفية السياسية، أي باعتماد الأكثرية وإلغائهم من المعادلة تحت سقف القانون. 

السابق
تقاسيم سنية شيعية
التالي
ماذا يريدون من الجيش اللبناني؟