ماذا يريدون من الجيش اللبناني؟

وسط الأفخاخ التي نصبت له في طرابلس وفي المخيّمات الفلسطينية وفي طريق الجديدة وصولاً إلى عكّار، نجح الجيش اللبناني في التصدّي لفخ المواجهة الدمويّة في كلّ هذه المحطات وتحديداً في عكّار.
هذه المواجهة كانت تهدف إلى جرّ القيادة العسكرية إلى الفتنة للنيل من هيبتها واستدراجها إلى الدفع من رصيدها، لكنّ حكمة قائد الجيش العماد جان قهوجي حالت دون وقوع ذلك على رغم تطاول نوّاب تيار "المستقبل" في عكّار على موقعه ومطالبته بالاستقالة، في وقت تتّجه الحكومة إلى التمديد له على رأس المؤسسة العسكرية بعد بلوغه سنّ التقاعد في أيلول 2013.

ولعلّ السؤال المطروح في هذه المرحلة الدقيقة بالذات هو: ماذا يريدون من الجيش اللبناني، خصوصاً بعدما ظهرت إشارات حملة ممنهجة، بطريقة علنية، تستهدف النيل من هذه المؤسسة الوطنية في ظلّ تحذير روسي من سعي أطراف إقليمية بالتعاون مع جماعات محلية إلى نقل الاضطراب السوري إلى الداخل اللبناني، وهنا تكمن الخطورة؟
وترى مصادر سياسية في هذا السياق أنّ الأهداف من إحالة حادثة الكويخات إلى المجلس العدلي هي الآتية:

– رغبة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في مراعاة المزاج السنّي – السلفي في عكّار، خصوصاً أنّ نوّاب تيّار "المستقبل" يحاولون من خلال استهداف المؤسسة النيل من الحكومة الميقاتية ودفعها إلى الاستقالة، فضلاً عن طموح رئيس الحكومة لاحتلال المكانة التي كان يحظى بها الرئيس الشهيد رفيق الحريري في عكّار، وليس تدخّله لإخراج المدعو شادي المولوي من السجن إلّا لتحقيق المبتغى ذاته على الساحة الطرابلسية في محاولة منه لجعل نفسه مرجعيةً سنيّة شمالية بامتياز، وهكذا تكون الحكومة اللبنانية قد وضعت المؤسّسة العسكريّة برمّتها في موقع المعتدي والمشارك في الاعتداء على أمن الدولة وهذا يجافي الواقع تماماً.

– وضع الجيش اللبناني في مواجهة مباشرة مع أبناء عكّار وتحديداً مع الشارع السنّي. فأبناء هذه الطائفة ومسيحيّو عكّار يشكّلون الدعامة الأساسية والخزّان البشري للمؤسسة العسكرية التي أمّنت لهم مكاناً لاستيعابهم ولتأمين حياتهم بعدما عجز نوّاب عكّار عن تأمين فرص عمل لهم.

– محاولة المسّ بانضباط المؤسسة العسكرية والنيل من هيبتها في هذه الظروف الحرجة أمنياً وجعل عناصرها ملاحقين أمام القضاء المدني، وليس كما هو متعارف عليه أمام القضاء العسكري.

– جرّ البلد إلى الفتنة تحقيقاً لمشروع الفتنة المذهبية والطائفية والتفتيت. وبالتالي يجب إحالة كل مَن يدعو إلى سحب الجيش أو معاقبته، إلى القضاء المختصّ وتحديداً إلى المجلس العدلي، لأنّ هناك مخططاً للفتنة في محاولة ضرب وحدة الجيش ومنعه من بسط الأمن وسيادة الدولة والقانون والتطاول على شخص قائد الجيش بعبارات تنفي صفة النائب من القضايا التي تهدّد الأمن القومي.

ألا يعتبر المجلس العدلي كلّ دعوة إلى إخراج الجيش من أي منطقة لبنانية هي دعوة لتعميم الفتنة؟، وإذا كانت صادرة عن نائب ألا يجب رفع الحصانة النيابية عنه؟ لأنّ الحصانة النيابية أعطيت للدفاع عن الوطن وحمايته وليس لتخريب الوطن والتهجّم على رأس الهرم، المؤسسة العسكرية وضباطها، وتبنّي المواقف المذهبية لضرب وحدة لبنان وخلق الفتنة المذهبية والطائفية فيه".

وتضيف المصادر عينها: عندما بدأت الاشتباكات في طرابلس كانت هناك محاولات استفزازية من المسلّحين لجرّ الجيش إلى فتنة، إلّا أنّ الجيش قام بواجبه على أكمل وجه وحمى الأهالي تنفيذاً لأوامر قائد الجيش الذي نبّه إلى عدم الانجرار وراء الفتنة منعاً لإراقة الدماء في الشارع.

تجدر الإشارة هنا إلى أنّ قبل وقوع حادثة الكويخات، كانت هناك محاولة من المؤسسة العسكرية عبر وسطاء لإقناع النائب خالد الضاهر بتأجيل المهرجان أو نقل مكانه، إلّا أنّ الأخير رفض بعناد شديد وأصرّ على المهرجان وحصل ما حصل.

بعدها كان هناك إصرار من قائد الجيش على الإسراع في التحقيق لمعرفة أسباب الحادثة، فاسحاً في المجال أمام القضاء العسكري ليقول كلمته وليس أمام المجلس العدلي، لأنّ اختصاص الأخير النظر في القضايا التي تشكّل اعتداء على أمن الدولة، فكيف إذا كانت المؤسّسة المولجة الحفاظ على أمن المواطن والدولة وردع مشاريع الفتنة والتخريب؟"  

السابق
الصحوة المسيحية ضرورية
التالي
حيرة الحزب القائد