صلاحيات الرئيس هل تُزاد؟

يقول المثل الشعبي إن جحا لا يقوى إلا على خالته، هذا ما يصيبنا مع الزعماء والقادة المسيحيين في لبنان، وتحديداً الموارنة منهم. امس تابعنا فصلا جديدا من تهجم "التيار الوطني الحر" على رئيس الجمهورية لحمله على توقيع مشروع موازنة 2011.
تخطى الهجوم على الرئيس حدود الصلاحيات ليدخل في حدود التجريح الشخصي، وقد انساق الرئيس الى الرد، مذكراً العماد ميشال عون بسعيه الدائم والمستميت الى الرئاسة الاولى، بقوله إن عون يستجدي الرئاسة.
لم أفهم سبب العراك الناشئ سوى انه تعبير عن "قلوب مليانة" لا تفيد في الرؤية، المتكررة كلاما معسولا، للحفاظ على الدور المسيحي ولتفعيل دور المسيحيين ليس فقط في لبنان وانما في الشرق كله. ولم أعد اصدق ان لدى القيادات المسيحية نظرة حقيقية ورؤية لمسيحيي هذا الشرق ما دامت حساباتهم ضيقة الى هذا الحد، وقد لا تتجاوز الحدود التقسيمية من الاشرفية الى المدفون، وكل ما عدا ذلك اهتمام بالمناطق في حدود المقاعد النيابية.

للرئيس، رئيس البلاد، ورئيس الرؤساء، حرمة وموقع يفترض ان يُحترما بارادة الناس، او بقوة القانون. والخلاف السياسي مع الرئيس حق، وهو حاصل باستمرار، تارة مع قوى 14 آذار، وطوراً مع قوى 8 آذار. لكن الخلاف لا يلغي الاحترام للموقع وللشخص ايضا، وخصوصاً متى تمسك الاخير بالقانون وبالصلاحيات التي يمنحه اياها الدستور. والصلاحيات ليست امراً اكراهياً وتعسفاً في استعمالها، وإلا لما عادت صلاحيات بل صارت احكاما قضائية تنفذ في حقه، كما في المهل المعطاة له لتوقيع المراسيم.
لقد اكد الرئيس ميشال سليمان في حديث معنا قبل نحو شهر انه غير راغب في التمديد، وان متغيرات المنطقة التي قرأها جيدا تبدلت، وان لا امكان لتمديد او تجديد لا يفكر فيه. وهذا الاعلان امر حسن، لانه يقوي الرئيس ويجعله يرفض كل انواع المساومة والتنازل.

وفي هذه الحال يتيح لغيره من الطامحين، وربما المستجدين الموقع، الاستعداد للمرحلة المقبلة، والولاية المقبلة يجب ان تتبدل فيها صلاحيات كي تستقيم الامور. وعلى الآخرين من المسيحيين، طامحين وغير طامحين، والباحثين من غير المسيحيين عن استقرار في الحكم مستقبلا، العمل على اعادة انتاج صيغة يكون فيها الرئيس رئيسا بصلاحيات الحكم القادر على الفصل في الخلافات من غير ان يتحول مكسر عصا بين فريقين متراشقين.
الرئيس سليمان يمارس صلاحياته وله الحق في ذلك، وحبذا لو عمل المعترضون وحلفاؤهم على تنفيذ ما اتفق عليه في مؤتمر الحوار الوطني، لكانوا سهلوا على الرئيس متابعة الحوار لبلوغ ما يطمح اليه اللبنانيون.

السابق
السلفية الشيعية تغذيها المناخات المذهبية
التالي
تظاهرة للشيوعي ولا استشفاء اليوم.. والخميس اضراب عام