ثلاثة أيّام حشي بحشي…

ثلاثة ايام مضروبة بجلستين في اليوم الواحد تساوي حسابيّاً ست جلسات. أما عمليّاً وواقعيّاً، فأنها لا تزيد في مضمونها ونتائجها ومفاعيلها عما تحققه جلسة واحدة، في يوم واحد، لساعة واحدة.

كان يمكن في هذه الجلسات الست، التي تحدَّث خلالها ثلاثة أرباع النواب، واستهلكت ما ينوف على ستٍ وثلاثين ساعة، كان يمكن خلالها نبش كل مغاور وملفات الفساد والنهب والشفط، وتحديد مصادرها وأسبابها ومرتكبيها.
مثلما كان في الامكان فتح صفحات كتاب التقصير واللامبالاة والاهمال، وتسمية المقصّرين، وكل فتى باسمه. وكل قضية بتفاصيلها. وكل فضيحة بأبطالها وفرسانها…
كان يمكن، وكان في الامكان تحقيق ما يشبه العجائب والمعجزات على صعيد الجمود، والتعطيل، والشلل، والأزمة المعيشيّة، والضائقة الماليّة التي تكاد تخنق بعض المؤسّسات وترشّح مؤسسات إضافية للاصطفاف في هذا الجدول.

فما الذي حصل؟
وما الذي أنجزته الأيام الثلاثة من النقاشات، والمقاطعات، والردود على المداخلات؟
اقتصرت الحكاية كلها على قصّة إبريق الزيت، وإبريق المحكمة الدوليّة، وإبريق السلاح الذي يهب العالم كله هبَّة واحدة إذا ما تطرّق نائب الى هذا "الموضوع الحسّاس".
ما عدا ذلك، "حشي بحشي"…
من حق الناس، طبعاً، أن يسألوا ممثليهم، أو مَنْ يدّعون تمثيلهم في ساحة النجمة، لماذا كانت هذه الجلسات، وماذا أنتجت، وماذا فعلت أنت أيها النائب، ولِمَ لم تثر موضوع تقنين النور، وتقنين الضوء، وتقنين الدواء، وتقنين لقمة الخبز، وتقنين فرص العمل… وتقنين الفساد والهدر والتبذير.

بمناقشات ركيكة، مكرَّرة، مفرَّغة من كل المواضيع والقضايا والمشاريع والأزمات والمشكلات، ومن دونها كليّاً وأبديّاً البلد واقف على رِجْل واحدة، وعلى حافة الهاويّة.
بخطابات تتلوها الأصابع والأعين قبل الأفواه والألسن الى سجالات وزجليات ملّتها شاشات الفضائيات والأرضيّات، ومن دونها اللبنانيون انفلقوا من كل هذه المسرحيات.

إذاً، ما دمتم لم تقتربوا حتى من الحرمان المزمن والإهمال المؤبد الذي تعانيه المناطق النائية وما لا يزال يدرج تحت عنوان مجاهل الجمهورية، وعلى امتداد أيام وجلسات وساعات، فعلى أي أساس ستطلبون غداً من ناخبيكم إعادة انتخابكم؟
إلا إذا كان الشعار سيبقى هو ذاته: السلاح في هذه الجهة والمحكمة في الجهة المقابلة؟
على هذا الأساس قد تبقى الكورة ومعها عكار والضنية وكل الشمال والبقاع والجنوب تجدُّ السير عبثاً خلف مشاريع الصرف الصحيَّ.

السابق
8 آذار: القاضي شنق حالو
التالي
أوساط سياسية