قانصو: ضغوط أميركية ناعمة علينا

بين سياسة النأي بالنفس التي اعتمدتها الحكومة رسميا للتعامل مع الوضع السوري وخاصة لجهة الالتزام بالعقوبات الغربية، وبين الضغوط الأميركية على الحكومة ومعها مساعي بعض الأطراف الداخلية لإقحام لبنان في أتون الصراع المسلّح في سوريا، يبدو الواقع اللبناني عالقا بين حدّين متناقضين يزيدان الشرخ وتوتير الأجواء الداخلية.

وجاءت الضغوط الأميركية «الناعمة» على لبنان عبر زيارة نائب وزير الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية ديفيد كوهين، وقبلها مواقف مساعد وزيرة الخارجية الأميركية جيفري فيلتمان، الذي اعتبر في لقاء لـ«قوى 14 آذار» في واشنطن أنّ دعم المجموعات السورية المسلّحة «واجب أخلاقي وسياسي على اللبنانيين»، لتؤكد وجود رغبة أميركية بانخراط لبنان في الصراع الاقليمي والدولي الدائر على الساحة السورية، سواء من خلال الايحاء بضرورة دعم المسلّحين السوريين عبر الحدود اللبنانية، أو بالتشديد على التزام العقوبات المصرفية والمالية على سوريا.

ويقول وزير الدولة علي قانصو، إنه باستثناء إثارة بعض الوزراء خلال احدى جلسات مجلس الوزراء، لزيارة الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الى لبنان منذ اشهر قليلة وطلب معرفة حيثياتها ونتائجها، «لم يحصل أن أثار أحد من الوزراء زيارات الموفدين الاميركيين وغير الاميركيين وطبيعة الطلبات التي يطالبون لبنان بها، خاصة اننا قبلنا على مضض سياسة النأي بالنفس لكن تبقى العبرة في التنفيذ لمنع تحويل لبنان الى منصّة تُستهدف من خلالها سوريا أمنيا واقتصادياً، لذلك نخشى أن يتم «تهريب» التدخل السلبي في الشأن السوري تهريبا عبر ممارسات كثيرة ليس اقلها الضغط الاميركي وما يجري عبر الحدود ولو أن الجيش اللبناني تمكن من ضبط التهريب الى حد كبير».
ويوضح قانصو أن الوزراء لم يثيروا في جلسة أمس الأول موضوع الموفدين الاميركيين، «لأن التركيز كان على الحملة التي استهدفت الجيش وضرورة رد الحكومة عليها وهذا ما حصل، لكن اذا تمادى البعض في تجاوز سياسة النأي بالنفس فعليا، سيكون لنا ولحلفائنا موقف داخل مجلس الوزراء».

يضيف قانصو: «الثابت أن ميقاتي يجيب على الطلبات الأميركية والغربية بأن خصوصية العلاقات اللبنانية ـ السورية تفرض حدودا معينة على لبنان لا يمكنه ان يتجاوزها، ولا تسمح له بالتمادي في التزام كل ما يقرره الغرب، وهو يذكّر الموفدين بأن لبنان يلتزم القرارات الدولية، بدليل انه التزم تمويل المحكمة الدولية وتجديد الاتفاقية الموقّعة معها بقدر ما التزم تنفيذ القرارات الدولية الاخرى».
على خط موازٍ، تتوقف مصادر رسمية عند الحملة التي استهدفت الجيش مؤخرا ودعوة البعض الى «حرب مخيم بارد ثانية بين الجيش والفلسطينيين»، وتربطها بنجاح اجراءات الجيش في ضبط الحدود والتقليل من دخول السلاح والمسلحين الى سوريا من جهة، وبمحاولة بعض اطراف الداخل جرّ الجيش الى صدامات مع القوات السورية عند الحدود او مع المخيمات الفلسطينية من جهة ثانية، «والهدف نقل حالة الفوضى من المحيط العربي الى الداخل اللبناني، علّ هذه الاطراف تعود الى السلطة من خلال رهانها على قلب موازين القوى الداخلية».

وتسأل المصادر: «هل يستفيد أي طرف من الفوضى في لبنان اذا حصلت عبر جر الجيش الى اقتتال داخلي»؟ وتضيف إن قيادة الجيش «حسمت امرها بعدم السماح بأي محاولة اختراق لجسم المؤسسة العسكرية لأنها الضامن الحقيقي لاستقرار البلد، وهي ستعالج المسائل العالقة مع المخيمات، لا سيما لجهة الاصرار على تسليم المطلوبين المتهمين بالارهاب، بنَفَس ٍ طويل وحكمة وعدم تهور او تسرّع، ولا مجال لرهان على زج الجيش في معارك داخلية».

السابق
فرصة جديدة للحل العسكري؟!
التالي
علينا الخروج الى المطاعم والمقاهي