صُوَر دايان تعيد جنبلاط إلى مخاوفه الأمنية؟

هناك من يعتقد أن أمن النائب وليد جنبلاط، قبل تظاهرة البعثيين، يختلف عمّا هو بعدها. فرفْعُ صوَر موشي دايان قبل إحراقها ودَوْسِها بالأرجل، ليس رسالة في السياسة فقط، بل هو يثير الهواجس الأكثر خطورة.

كثيرون حاولوا، حتى الأمس القريب، جَمْع المعلومات وطَرْح التساؤلات حول الأسباب التي تسمح لـ جنبلاط بالبقاء عند درجة وافية من الاطمئنان على أمنه الشخصي، على رغم القطيعة بينه وبين نظام الرئيس بشّار الأسد. فمن المعروف أنّ "أبو تيمور" التحق قسراً بالفريق الحليف للأسد، بعد جولة ترهيب أمني – عسكري. وإذا كانت المعطيات التي دفعته إلى هذا الخيار ما تزال قائمة، فمن المستغرب أن يتسرّع جنبلاط ويغامر بسلامته الشخصية، وهو يرى ملامح التغيير في سوريا. والأحرى به، وفقاً للبعض، أن "يصبر" بعض الوقت أيضاً.

الجواب كان الآتي: لا يخشى جنبلاط غضبة الأسد، لأنه يضمن سلامته من "حزب الله". والحسابات اللبنانية للقطبين الدرزي والشيعي تفترض أن يحافظا على الحدّ الأدنى من التواصل، لأنّ كلاً منهما يحتاج إلى الآخر، وسيحتاج، في مراحل التغيير الصعبة داخلياً وسوريّاً.

لكن ما كان يخشاه الطرفان بدأ يقترب، فالعلاقة بين الطرفين اللبنانيين تكاد تخرج من القطيعة إلى الانفجار تحت وطأة التباعد في الملف السوري. وقرأت أوساط الاشتراكي سلباً موقف "حزب الله" من التظاهرة التي نظّمها البعثيون في وسط بيروت، قبل أكثر من أسبوع، والتي شهدت تشنيعاً بصُوَر وليد جنبلاط وأظهرته في صورة موشي دايان، قبل إحراقها ودَوْسها بالأرجُل.

جنبلاط على خطى سعد الحريري؟

لم يَصدر عن "الحزب" موقف مُستنكِر، وتولّى إعلامُه التهليل للتظاهرة. وفَهِمت المختارة هذه الرسالة. وجرى التداول في الموضوع بين مسؤولي الطرفين الذين لم يقطعوا خطوط التواصل، على رغم القطيعة على المستوى القيادي. وكان البعض يعتقد أن "الحزب" كان قادراً على منع الإساءة إلى الرمز الدرزي، لو أراد.

لذلك، بدأ العديد من الأوساط يقرأ حركة جنبلاط بعد تظاهرة البعثيين من منظار مختلف. وفي رأي بعض المتابعين أن "أبو تيمور" بدأ يعيد النظر في مُسَلّمات اطمئنانه الشخصي بعد التظاهرة. ويعتقد هؤلاء أن التشنيع بالصُوَر، وإحراقها ودَوْسها، وإعطاءها الطابع الإسرائيلي البشع، يثير القلق، فالنماذج في هذا المجال كثيرة. ويصبح سهلاً استهداف أي شخصٍ إذا ما تمّ وَصْمُه بالعمالة لإسرائيل، أي بـ"التآمر على قوى الممانعة". فما جرى لا يمكن التعاطي معه في خفّة، من الناحية الأمنية.

وهكذا يصبح وليد جنبلاط في حاجة إلى اتخاذ تدابير أكثر تشدّداً لضمان أمنه الشخصي. وهناك مَن يضع جولاته العربية والأوروبية الجارية والمرتقبة في هذا الإطار. ويتردّد أن جنبلاط قد يصبح مضطرّاً، كالرئيس سعد الحريري، إلى التغيّب عن الساحة اللبنانية، إذا ما اكتملت لديه الصورة، وترسّخ اقتناعه بأن ما كان يعتقده اطمئناناً على سلامته الشخصية لم يعد قائماً.

وستحمل حركة جنبلاط، في الأيام والأسابيع الآتية، جواباً عن هذه التساؤلات والتوقعات.

السابق
المواد المضافة للأغذية.. سمّ
التالي
أنان..مهمات متعددة لا مهمة واحدة