اللواء: الفراغ يداهم الدولة والخلافات تهدّد القضاء والإدارة

على وقع تطور الوضع الميداني في سوريا وأطره الدبلوماسية والسياسية، يتأثر الوضع السياسي الداخلي في لبنان، سواء في الاداء الحكومي او حركة مجلس النواب، وان بدت علاقة التأثير هذه ضمنياً وليست طافية على السطح.
وفيما تتصدر قضية الانفاق المالي من خارج الموازنة والتي اصبحت تعرف بسلة 8900 مليار ليرة عن العام 2011 و11 مليار دولار عن السنوات السابقة منذ العام 2005، فضلاً عن التعيينات الادارية والتشكيلات القضائية والدبلوماسية، واجهة الاهتمام الحكومي والنيابي، لفت اهتمام المراقبين ما أدلت به السفيرة الاميركية في بيروت مورا كونيللي بعد زيارة رئيس تيار "المردة" النائب سليمان فرنجية من ان الاوضاع في سوريا ستؤثر حتماً على الاوضاع في لبنان، في وقت كان فيه الداعية السلفي الشيخ احمد الاسير يعلن انه حصل على ترخيص لتنظيم تجمع تضامني الاحد مع حمص التي اعلن الجيش السوري امس استعادتها بالكامل، واخراج ما وصفه بـ"المجموعات المسلحة" من بابا عمرو، في ظل معلومات تواترت الى مسؤولين امنيين من ان قوى 8 آذار او بعضها على الاقل من الذين دأبوا على تنظيم تجمعات مضادة او متعاطفة مع النظام في سوريا، يعتزمون القيام بتجمعات مضادة في المكان نفسه، اي ساحة الشهداء، مما ضاعف من المخاوف بحدوث ارباك في ساحة الحرية عشية الجلسة التشريعية، وقبل اكثر من اسبوع من اعلان وثيقة 14 آذار في "البيال".

وعلى خط التحركات الجارية لتسوية الإنفاق المالي الشامل من خارج الموازنة، يعقد الرئيس فؤاد السنيورة مؤتمراً صحفياً اليوم في مجلس النواب، وصفه رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع "بالانذار الاخير"، يشرح فيه حقيقة الإنفاق المالي واسلوب القوننة والتعاطي التشريعي مع المسألة، في حضور نواب "المستقبل" ومسؤولين في قوى 14 آذار، بالتزامن مع اقتراح قانون معجل مكرر قدمه النائبان جمال الجراح وغازي يوسف إلى الأمانة العامة للمجلس يهدف إلى معالجة مجمل الإنفاق من العام 2006 الى العام 2011 والذي يبلغ 22 مليار دولار، على امل أن يضعه الرئيس نبيه برّي الذي عاد أمس من قبرص، على جدول أعمال جلسة الاثنين.
وأوضحت مصادر الرئيس السنيورة أن المؤتمر الصحفي يأتي بعدما أظهرت التطورات التي أعقبت اجتماع هيئة مكتب المجلس مع رؤساء ومقرري اللجان، أن الرئيس برّي لم يجترح المخرج الذي وعد به للملف، ولم يطرح له حلاً، كما أن الإشارات التي يتلقفها نواب المعارضة تشي بأن الأكثرية تتجه نحو طرح مشروع الـ8900 مليار ليرة على التصويت منفرداً، من دون حل مسألة انفاق المليارات الـ11 بالدولار.
وقالت أن الرئيس السنيورة سيعرض خطورة التفرد بهذا الأمر، ويشرح بالأرقام الإنفاق الذي حصل في الحكومات الثلاث والتي لا تختلف عن بعضها، بحسب ما كانت اوضحته كتلة "المستقبل" في بيانها يوم الثلاثاء الماضي.
وفي المقابل، تحدثت مصادر نيابية عن "خريطة طريق" لدى الرئيس بري، وصفت بأنها بمثابة مخرج تقني – سياسي للملف، مشيرة إلى أنه في حال لم يتم التوصل إلى صيغة تسوية كاملة، فإن جلسة الاثنين مفتوحة على كل الاحتمالات، بما في ذلك التصويت أو تطيير النصاب، أو حتى عدم انعقاد الجلسة في حال لم تتمكّن الأكثرية الحالية من تأمين الحشد اللازم لها.
موقف جنبلاط
وفي تقدير المصادر النيابية أن النائب وليد جنبلاط الذي تشكّل كتلته النيابية "بيضة القبّان" في الجلسة، ينتظر عودة الرئيس بري للبحث معه في إيجاد مخرج لهذا الملف الدقيق، من دون تجزئته، وتؤكد مصادره أنه لن يصوّت إلى جانب الأكثرية إذا لم تحصل تسوية، خصوصاً وأن وزير المال محمد الصفدي كرر أمس مجدداً أن لدى وزارته المستندات المتعلقة بصرف الـ 11 مليار دولار، خلافاً لما أوحى به النائب ميشال عون ونوابه، بأن هذه الأموال مسروقة، وأنه لا يوجد بها كشف حساب.
وأعلن الصفدي استعداده لتقديم هذه المستندات إلى الرئيس بري باعتباره المولج بهذا الموضوع، أو حتى إلى لجنة المال والموازنة، لافتاً إلى أنه لا يوجد إشكال لديه بأن تطالب المعارضة بإقرار الصرف ككل، لكنه استدرك بأن هذا لا يعني أن الأمرين هما نفس الموضوع، موضحاً أن حكومات السنيورة وسعد الحريري لم يتسن لها أن تعتمد الطرق القانونية الصحيحة، بأن تطلب من المجلس النيابي اعتمادات إضافية على موازنة العام 2005، مؤكداً الحق بإجراء تصحيح على أساس تشريع هذا الإنفاق الإضافي من قبل مجلس النواب.
وكشف الصفدي عن جانب كبير من الخطورة، يتعلق بعدم إمكانية إصدار موازنة 2012 إذا لم يتم التصديق على الأموال المصروفة، مشيراً إلى أن هذا لا يعني براءة ذمة لفريق سياسي، لأن براءة الذمة تأتي عندما يقوم ديوان المحاسبة بالتدقيق بهذه الحسابات.
التعيينات
في مجال آخر، اوضحت مصادر في الاكثرية، ان اللقاء الاخير الذي جمع الخليلين (الوزير علي حسن خليل والمعاون السياسي الامين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل) والوزيرين محمد فنيش وجبران باسيل، مع الرئيس نجيب ميقاتي، وضع بعض الأسس الضرورية لتفعيل العمل الحكومي، وتخطي الخلافات بالنسبة إلى التعيينات الادارية، مشيرا إلى سعي اقطاب بارزين لحل الازمة الخلافية بين النائب ميشال عون وكل من رئيسي الجمهورية والحكومة، لا سيما وان الجنرال بحسب هذه المصادر تنازل كثيرا إلى حد التضحية برأس وزيره شربل نحاس، الامر الذي يلزم الرئيس ميقاتي بالضغط على الرئيس ميشال سليمان من اجل تمرير هذه التعيينات، وخصوصا في مجلس القضاء الاعلى.
وفي هذا السياق، كشف وزير العدل شكيب قرطباوي، بأنه هو الذي اقترح اسم القاضي طنوس مشلب على عون كمرشح لرئاسة مجلس القضاء الاعلى بسبب البرنامج الاصلاحي الذي بحوزته، داعياً السلطة السياسية إلى اخذ المبادرة والبدء باجراءات من اجل تعيين رئيس مجلس القضاء وتشكيله، كون ولاية المجلس الحالي تنتهي اوائل حزيران، وخدمة النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا في السلك القضائي تنتهي في أواخر تموز.
واذ نبه قرطباوي إلى انه لن يقبل بهذا الفراغ اذا ما حصل، ألمح إلى اجراءات سيتخذها في حينه، لم يشأ الكشف عنها، لكنه اعتبر ان قضاء من دون مجلس قضاء اعلى ورئيس له، ومن دون نائب عام تمييزي يعني "قضاء مقطوع الرأس".
وكشف وزير العدل في مقابلة مع تلفزيون L.B.C انه اطلع على الفيلم والتسجيل الصوتي للقاضي المتهم بالفساد، مؤكدا انه اتخذ قراراً باحالته امام التفتيش القضائي بجرم الفساد، مشددا بأنه لن يرضى بأي شكل من الاشكال ان تتم لفلفة القضية، كاشفاً ايضاً عن احالة 14 قاضياً اخرين على التفتيش متهمين بالفساد من اجل محاسبتهم.
وعن ملف شهود الزور، اكد قرطباوي انه عندما يطرح الموضوع على مجلس الوزراء سأقدم رأياً واضحاً فيه، لافتاً إلى ان ظروف التوقيف الاحتياطي ينص عليها القانون ويجب ان تراعى.
حزب الله
وعلى صعيد آخر، يُطل أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصر الله للمرة الرابعة في أقل من شهر، خلال رعايته الاحتفال الذي تقيمه لجنة "دعم المقاومة في فلسطين حول القدس" الأحد المقبل، وقد أوضحت أوساط مقرّبة من الحزب لموقع "ناو ليبانون" أنّ "حرص السيد نصر الله على تكثيف إطلالاته الإعلامية في هذه المرحلة، إنما يعود لحراجة التطورات الداخلية والخارجية، وأهمية توضيح مواقف حزب الله، وتعبئة قواعد الحزب وأنصاره لمواكبة ما يجري من متغيّرات".
وإذ حرص قياديو "حزب الله" على إبداء عدم قلقهم مما يجري من تطورات في لبنان والمنطقة ، إلا أنّ معطيات كشف عنها موقع "ناو ليبانون" اشارت إلى أنّ الحزب إتخذ في الآونة الأخيرة العديد من الإجراءات الميدانية في بعض المناطق "تحسّبًا لأية تطورات ناتجة عن الأوضاع في سوريا، وذلك في إطار استعداد الحزب لأسوأ الاحتمالات"، بحسب تعبير أحد قياديي الحزب.  

السابق
الحياة: مخاوف من اصرار زعيم سلفي على التجمع في بيروت دعما للمعارضة السورية
التالي
حوزات حزب الله الدينينة تنتج المخدرات وحبة السيد تفجر الحزب من داخله؟!