السفير: الأزمة الحكومية تقترب من خواتيمها

إذا كانت العاصفة الثلجية قد بدأت بالانحسار بعدما قطعت العديد من الطرق بتراكم الثلوج او ببحيرات الامطار، فإن الأزمة الحكومية ظلت تتأرجح خلال الساعات الماضية بين هبة باردة وأخرى ساخنة، على إيقاع توقعات متفاوتة حول إمكانية الوصول الى تسوية لعقدة مرسوم بدل النقل قبيل انعقاد جلسة مجلس النواب، بعد غد الأربعاء.
وبمعزل عن التفاصيل، من الواضح ان هناك قراراً سياسياً كبيراً قد أُتخذ بمعالجة الوضع الحكومي وملفاته العالقة، وإن تكن آلية المعالجة تبقى، حتى ربع الساعة الأخير، موضع أخذ ورد في ظل سعي كل طرف الى بلوغ شاطئ التسوية بأفضل الشروط له، وبأقل التنازلات الممكنة.
ويتوقع المتفائلون ان تصل الأزمة الحكومية الى خواتيمها يوم الأربعاء، على قاعدة «تكامل المسارين» بين توقيع مرسوم بدل النقل بما يحفظ مقام مجلس الوزراء ورئيسه، وإصدار قانون يُشرّع هذا البدل بما يحقق مطلب
العماد ميشال عون بقوننة بدل النقل ووضع حد لأعوام عدة من المخالفات المتراكمة في هذا المجال، على ان يسبق التوقيع، بخطوة، صدور القانون، لا سيما أن الرئيس نجيب ميقاتي يبدو متشدداً في هذ النقطة بعدما ربطها بـ«هيبة» مجلس الوزراء و«مكانة» رئيسه.
ويفترض ان تؤدي هذه التسوية – إذا اكتملت فصولها – الى إعطاء قوة دفع لمعالجة ملف التعيينات الإدارية وفق الأصول، استناداً الى الآلية الموضوعة، على ان تخضع التعيينات التي لا تشملها الآلية الى التوافق وإلا التصويت كما ينص الدستور.
لكن، وفي مقابل هذه الأجواء الإيجابية، اعتبرت مصادر ناشطة على خط الاتصالات السياسية، أن المحك يكمن في ترجمة هذه الأجواء فعلياً، «لأن التجارب علمتنا انه قد تستجد تفاصيل على الطريق، من شأنها ان تعطل او تؤخر ما يُتفق عليه».
وما ساهم في الإبقاء على «الحيطة والحذر» ان الوزير المختص، اي شربل نحاس، لم يعط خلال الساعات الماضية أي إشارة علنية الى تجاوبه مع الحل المتداول، بل هو غاب عن السمع أمس، فيما ألمح المقربون منه الى انه ليس في جو التوقيع الوشيك على مرسوم بدل النقل لقناعته بعدم جواز ذلك ولو قبل دقيقة واحدة من صدور القانون عن مجلس النواب، لافتين الانتباه الى انه يدرس الخيارات المتاحة أمامه، في حال طلب العماد ميشال عون منه التوقيع.
الى ذلك، من المقرر أن يستضيف وزير الاتصالات نقولا صحناوي الرئيس ميقاتي وعدداً من الشخصيات الى عشاء اجتماعي يقيمه في منزله غداً الثلاثاء، من دون ان تكون قد تأكدت مشاركة العماد عون فيه، علماً أن هذا العشاء مقرر منذ أكثر من شهر ولا يرتبط موعده بمستجدات الأزمة الحكومية.  بري متفائل
في هذه الأثناء، نقل زوار الرئيس نبيه بري عنه اطمئنانه الى قُرب معالجة الأزمة الحكومية، وتوقعه أن تطرأ تطورات إيجابية على هذا الصعيد خلال الايام القليلة المقبلة، فيما أبلغت مصادر مطلعة «السفير» ترجيحها أن يوقع الوزير شربل نحاس مرسوم بدل النقل خلال اليومين المقبلين، تمهيداً لإقرار قانون يجيز للحكومة ضم بدل النقل الى مرسوم زيادة الأجور، في الجلسة النيابية الاربعاء المقبل.

«التغيير والإصلاح»
وبينما قال وزير الداخلية مروان شربل لـ«السفير» إن لديه معطيات تفيد أن الوزير نحاس سيوقع اليوم مرسوم بدل النقل، توقعت اوساط في «تكتل التغيير والإصلاح» أن يبادر نحاس الى توقيع المرسوم قبل جلسة المجلس النيابي، بغض النظر عن الإجراءات الشكلية حول من يوقع قبل او بعد، «لأن المهم قوننة المرسوم، وإذا كان حل المشكلة يتطلب إرضاء الرئيس نجيب ميقاتي بتوقيع مرسوم بدل النقل، فلا بأس، طالما ان التفاهم تم على الإخراج القانوني، بحيث لم تعد التفاصيل مهمة».
إلا أن أوساطاً أخرى في التكتل شددت على ان لا شيء محسوماً بعد، ولا يمكن الجزم بأن نحاس سيوقع المرسوم قبل الجلسة النيابية، الاربعاء المقبل.

ميقاتي..و»المدخل الإلزامي»
من ناحيتها، أكدت مصادر رئيس الحكومة لـ«السفير» ان المدخل الإلزامي لأي حل هو توقيع الوزير شربل نحاس مرسوم بدل النقل، لأن هذا الأمر مبدئي ويتعلق بانتظام العلاقة بين الوزير المختص ومؤسسة مجلس الوزراء، كما ان التوقيع شرط اساسي لضمان حسن سير أعمال مجلس الوزراء، وفق ما ينص عليه مرسوم تنظيم أعمال المجلس الصادر في 1 آب 1992.
وإذ أبدت المصادر حرصها على العلاقة المنتجة والتعاون القائم بين مجلس النواب والحكومة، رفضت في الوقت ذاته معالجة موضوع بدل النقل عن طريق اقـــتراح قانون نيـــابي، قبل ان يوقع وزير العمل شربل نحاس المرسوم، «لأن هـــذه ستكون سابقة خطرة، معناها تغــييب دور الســلطة الإجـرائية وهذا ما لا يمــكن القـبول به».
وفي إشارة الى اقتراح القانون المعجل المكرر المقدم من عضو «كتلة المستقبل» النائب نبيل دو فريج حول مرسوم بدل النقل، استغربت المصادر تقديم كتلة نيابية مثل هذا الاقتراح الذي يتجاوز دور السلطة التنفيذية ورئيسها، بينما هي تدّعي حرصها على الدستور وعلى دور مؤسسة مجلس الوزراء ورئيس الحكومة، معتبرة انه كان على دو فريج عدم التقدم بمثل هذا الاقتراح قبل توقيع وزير العمل على المرسوم.

اقتراحا القانون
وبالنسبة الى اقتراحي القانون المقدمين من النائبين دو فريج وإبراهيم كنعان حول بدل النقل، قالت مصادر نيابية لـ«السفير» ان جلسة الاربعاء ستقرر إما اعتماد أحد الاقتراحين وإما دمجهما وإما الانطلاق منهما لإنتاج مشروع آخر، موضحة أن القانون المنتظر سيصبح سارياً من تاريخ صدوره بحيث يلزم أي حكومة بعد اليوم، أما المرسوم الحالي فلا يرتبط بالقانون، كونه سابق عليه، الأمر الذي يستوجب توقيع نحاس عليه.
ورأت المصادر ان الغاية المضمرة من تقديم النائب دو فريج اقتراح القانون هو الإيحاء للعمال والمواطنين ان فريق 14آذار يقف وراء حماية حقهم ببدل النقل وتكريسه بنص قانوني، وذلك لتسجيل نقطة على الأكثرية وحكومتها، وصولاً الى إظهارهما بمظهر العاجز عن معالجة قضايا الناس، لافتة الانتباه الى ان كل ذلك يصب في خانة التحضير، منذ الآن، للانتخابات النيابية المقبلة.
 

السابق
خطاب نصر الله المدهش!
التالي
لبنان ومخاطر تقسيم سـوريا ..