لافروف: الأسد مستعد لوقف العنف والحوار… ودستور جديد بلا بعث هدية الاسد له

في خطوة غير مسبوقة منذ مقاطعة دول الخليج لنظام الرئيس العراقي صدام حسين بعد غزوه الكويت، طلبت دول مجلس التعاون أمس من «سفراء النظام السوري»، كما سمتهم، مغادرة أراضيها فوراً، كما طلبت من سفرائها في دمشق العودة فوراً إلى بلدانهم. جاء ذلك قبل اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون المتوقع عقده في الرياض الاحد المقبل، والذي يسبق اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة في اليوم نفسه. وترافق قرار دول مجلس التعاون بمقاطعة غربية شبه كاملة للنظام السوري بعدما اتخذت واشنطن وعواصم غربية رئيسية خطوات مماثلة.

في هذا الوقت كانت دمشق تستقبل بحفاوة لافتة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي التقى الرئيس بشار الاسد والى جانبه نائبه فاروق الشرع ووزير الخارجية وليد المعلم ومستشارته بثينة شعبان. ونقلت وكالات الأنباء الروسية عن لافروف قوله إن الرئيس الأسد مستعد لقبول توسيع مهمة الجامعة العربية في سورية وتحديد موعد للاستفتاء على دستور جديد. كما اكد الأسد أنه ملتزم تماماً السعي لانهاء العنف من جميع الأطراف في البلاد وللحوار مع كل الجماعات السياسية.

وقال لافروف ان روسيا اكدت استعدادها «للمساهمة في التوصل الى مخرج للازمة على اساس المبادرة التي اقترحتها الجامعة العربية».

وقد تجمع الآلاف من مناصري النظام في شارع المتحلق الجنوبي الذي يصل المطار بحي المزة في دمشق لاستقبال الوزير الروسي والتعبير عن تقديرهم لاستخدام بلاده والصين حق النقض "الفيتو" من أجل اجهاض مشروع قرار عربي – اوروبي في مجلس الامن يندد بالنظام السوري. وأظهرت مشاهد بثها التلفزيون مرور موكب لافروف الذي تدافع نحوه الناس، بينما حمل كثيرون اعلاماً سورية وروسية وصينية ومجسماً ضخما من البالونات للعلم الروسي. وأعاد هذا الاستقبال الى الاذهان الاستقبال الذي لقيه الزعيم السوفياتي الراحل نيكيتا خروشوف خلال زيارته لمصر في الستينات من القرن الماضي في ظل الحرب الباردة.

ونقلت الوكالات الروسية للانباء عن الوزير الروسي في بداية اللقاء والاسد ان "على زعماء الدول ان يتحملوا مسؤولياتهم"، وخاطب الاسد قائلاً: "انتم تتحملون مسؤوليتكم". وأمل ان "تعيش الدول العربية في سلام ووفاق".

وأفادت الوكالة العربية السورية للأنباء "سانا" ان الاسد جدد امام لافروف "استعداد سوريا للتعاون مع اي جهد يدعم الاستقرار" في البلاد. ونقلت عنه ان "سوريا رحبت منذ البداية بأي جهود تدعم الحل السوري للازمة والتزمت خطة عمل الجامعة العربية … وتعاونت بشكل كامل مع بعثة المراقبين العرب على رغم عرقلة بعض الاطراف العربية لعمل البعثة". واضافت ان الاسد "شكر باسم الشعب السوري روسيا على مواقفها في مجلس الامن وحرصها على تغليب لغة الحوار وترسيخ الحلول الوطنية بدل التصعيد وسياسة الاملاءات التي تمارسها بعض دول هذا المجلس".
وأوضحت "سانا" ان المبادرة المقصودة هي تلك التي تم الاتفاق عليها في 2 تشرين الثاني 2011. وتنص المبادرة على وقف اعمال العنف من أي جهة أتت، وعلى سحب الجيش من الشوارع، وفتح البلاد امام وسائل الاعلام الاجنبية، وارسال بعثة من المراقبين العرب لمراقبة تنفيذ الخطة.

ونسبت وكالة "ايتار – تاس" الروسية الرسمية الى لافروف ان "الاصلاحات الضرورية يجب ان تنفذ لتلبية المطالب المشروعة للشعب الذي يكافح من اجل حياة افضل". وأضاف ان "من الواضح ان الجهود لوقف العنف يجب ان يرافقها بدء الحوار بين القوى السياسية".

وبالتزامن مع لقاء الاسد ولافروف، اعلنت اللجنة الوطنية المكلفة اعداد مشروع دستور لسوريا إنهاء عملها تمهيدا لرفع المشروع الجديد الى الاسد واعلان موعد للاستفتاء عليه.

وفي واشنطن شككت وزارة الخارجية في التعهدات التي قطعها الرئيس الاسد لوزير الخارجية الروسي ودعت دمشق الى وضع حد فوري للعنف. وانتقدت المتحدثة باسم الوزارة فيتكوريا نولاند الوعود الجديدة التي اطلقها الاسد أمس وقالت «تدركون لماذا يشكك المجتمع الدولي باسره في هذه التعهدات عندما نرى ان الاسد يعيد المقترحات نفسها التي قدمها منذ اشهر واشهر واشهر بدلاً من الاهتمام بوضع حد للعنف».

وجاء في البيان الصادر عن رئاسة مجلس التعاون: «تتابع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ببالغ الأسى والغضب تزايد وتيرة القتل والعنف في سورية، الذي لم يرحم طفلاً أو شيخاً أو امرأة في أعمال شنيعة أقل ما يمكن وصفها به بالمجزرة الجماعية ضد الشعب السوري الأعزل، من دون أي رحمة أو شفقة أو حتى مراعاة لأية حقوق أو مشاعر إنسانية أو أخلاقية».

وأضاف: «ان المملكة العربية السعودية رئيسة الدورة الحالية لمجلس التعاون تعلن أن دول المجلس قررت سحب جميع سفرائها من سورية، والطلب في الوقت ذاته من جميع سفراء النظام السوري مغادرة أراضيها وبشكل فوري وذلك بعدما انتفت الحاجة لبقائهم بعد رفض النظام السوري كل المحاولات، وإجهاضه الجهود العربية المخلصة كافة لحل هذه الأزمة، وحقن دماء الشعب السوري الشقيق. وترى دول المجلس أن على الدول العربية المقرر أن تجتمع في مجلس الجامعة الأسبوع المقبل أن تتخذ الإجراءات الحاسمة أمام هذا التصعيد الخطير ضد الشعب السوري، بعدما قاربت الأزمة من السنة من دون أي بارقة أمل للحل».

وزاد البيان: «وإذ تعلن دول المجلس ذلك في معرض إدانتها الشديدة لهذه الأعمال فإنها تشعر بالأسى البالغ والحزن الشديد على هدر هذه الأرواح البريئة وتكبد هذه التضحيات الجسيمة، لا لشرف الدفاع عن الوطن ضد معتد أجنبي، ولكن لتحقيق مآرب شخصية تهدف إلى الصراع على السلطة من دون أي اعتبار لكرامة المواطن السوري وحريته». 

السابق
عباس يؤكد أنه لن يترشح مجدّداً
التالي
الفيتو الروسي واستمرار الثورة السورية