مزاعم وزير الدفاع غصن .. بين توضيحه إياها للحكومة ومساءلته من المعارضة

لن ينعم لبنان بـاستراحة الميلاد، ولم يطفئ طقسه البارد ملفاته الساخنة… واحتفالاته الجميلة لم تخل من «الغصة» مع الادراك المتزايد بان «الوطن الهش» يقيم في «عين العاصفة» التي تهب من غير مكان في المنطقة، ولا سيما من سورية «الجارة» المسكونة بتحولات لاهبة تتطاير شظاياها في اتجاه لبنان.
التداعيات السورية، الصراع داخل الحكومة وعلى السلطة، مصير سلاح «حزب الله»، الحوار الوطني المعلق… عناوين طغت على عظات الميلاد واحتفالاته ونافست «بابا نويل» وهداياه، وشكلت اجندة صاخبة للايام المقبلة في البلاد التي صارت تضبط ساعتها السياسية على وقع وهج الازمة المتفجرة في سورية.
فلم تخل عطلة عيد الميلاد من مؤشرات ومواقف متصلة بالكلام المثير للجدل عن ارتباط التفجيرين اللذين حصلا في دمشق بمزاعم عن تسلل عناصر من «القاعدة» من لبنان، وملف تصحيح الاجور، اضافة الى الصراع المتمادي داخل الحكومة حول ملف تصحيح الاجور.

وفيما يتوقع ان يشكل الموضوعان محورين اساسيين في الجلسة التي سيعقدها مجلس الوزراء منتصف الاسبوع، والتي ستكون الجلسة الاخيرة له هذه السنة، اوضحت مصادر واسعة الاطلاع لـ «الراي» ان المواقف السياسية التي اطلقت في اليومين الاخيرين في شأن الزج بلبنان وتحديداً ببلدة عرسال البقاعية في حادثي تفجيري دمشق احدثت احراجاً اضافياً للحكومة لا بد معه من اتخاذ موقف حاسم وواضح لجهة نفي اي ارتباط للبنان او لاي طرف لبناني بهذين التفجيرين والا ظهرت السلطة اللبنانية في مظهر المتقاعس والمقصر عن مكافحة هذا النوع الخطير من الارهاب ومن محاولة استدراج انعكاسات الازمة السورية على لبنان ميدانياً.
واشارت المصادر الى ان استناد وزارة الخارجية السورية فور حصول الانفجارين الى تصريح سابق لوزير الدفاع اللبناني فايز غصن عن تسلل عناصر من القاعدة من عرسال الى سورية، شكل توريطاً خطيراً للبنان ينبغي معه مساءلة الوزير في جلسة مجلس الوزراء عن معطياته الدقيقة اولاً وما الذي دفعه الى اعلانها وكشفها ومن ثم استيضاح السلطات السورية عما اذا كان لديها من معطيات ودلائل مثبتة عن تسلل مزعوم لعناصر ارهابية من لبنان.

ولفتت المصادر الى ان تصريحات مباشرة لرئيس الجمهورية ميشال سليمان امس في بكركي حيث اكد مناهضة لبنان ورفضه للارهاب وقبلها لوزير الداخلية مروان شربل نافيا وجود عناصر لـ «القاعدة» في لبنان اوحت بان الحكم والحكومة يتجهان الى سحب كلام وزير الدفاع من التداول والتخفيف من اضراره. ولكن ذلك لن يمر على المستوى السياسي في ضوء حملة حادة متصاعدة يقودها نواب المعارضة على وزير الدفاع ويزمعون عبرها مساءلته في مجلس النواب وربما طلب طرح الثقة به.
وتشير المعطيات المتوافرة في هذا المجال الى ان هناك توجساً لدى المعارضة من ان يكون الطرف السياسي المعروف الذي ينتمي اليه وزير الدفاع (8 آذار) قد وفر من دون حسابات دقيقة خدمة للنظام السوري في توجيه هذا الاتهام فور حصول الانفجارين. ولعل ما يؤكد ذلك ان وزير الدفاع لم يتجرأ لاحقاً على اصدار اي توضيح او بيان على رغم الضجة المتصاعدة حول كلامه الذي سبق انفجاري دمشق بـ48 ساعة فقط، مما يثير الاعتقاد بان الوزير نفسه والفريق الذي ينتمي اليه قد فوجئا بدورهما ولكنهما لن يتمكنا بطبيعة الحال من اصدار اي توضيح.
وفي اي حال، فان هذا الملف سيكون على الارجح في صدارة التطورات بعد عطلة الميلاد. اما ملف زيادة الاجور الذي اثار خلافات وردود فعل واسعة على المستويين السياسي والاجتماعي فينتظر صدور قرار مجلس شورى الدولة حول القرار الحكومي الاخير الذي صدر بضغط قوى «8 آذار» متبنياً خطة وزير العمل شربل نحاس. ويسود اعتقاد ان الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء قد لا تكون حاسمة في تقرير وجهة هذا الملف الا اذا كان مجلس شورى الدولة قد اصدر موقفه من القرار الاخير. وتخشى اوساط وزارية ان يترك الانقسام الحاد الذي شهدته الحكومة على هذا الملف الذي انتهى في الجلسة السابقة الى تسديد ضربة موجعة الى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مفاعيل متواصلة ستنعكس على انتاج الحكومة ومناخها السياسي. وهو الامر الذي قد تبلوره الى حد بعيد النهايات المرتقبة لملف الاجور الذي يقف عند مشارف المحاولة الثالثة للحكومة لحسمه من دون نجاح.

في غضون ذلك اشار رئيس الجمهورية ميشال سليمان في حديث للصحافيين بعد انتهاء الخلوة مع البطريرك الماروني مار بشارة الراعي قبل قداس الميلاد الى ان «الراعي مؤيد لآلية التعيينات التي وضعت في مجلس الوزراء وان رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» العماد ميشال عون مؤيد للآلية ايضاً».
واضاف سليمان ان «الحوار الوطني سيعود على اساس طرحه السابق بدرس الاستراتيجية الوطنية للدفاع، وبحث موضوع السلاح اولاً لجهة تنفيذ المقررات السابقة لناحية السلاح الفلسطيني، ثانياً سلاح المقاومة للافادة ايجابياً منه للدفاع عن لبنان وكيفية استعماله، وثالثاً السلاح المنتشر في المدن والذي يجب نزعه وهو يمثل مطلب لبناني جامع».
وشدد سليمان في معرض تعليقه على الزج بلبنان في تفجير دمشق المزدوج، على ان «لبنان ضد الارهاب وهو دفع اكبر ثمن في مواجهته»، مؤكداً ان «اي لبناني او اي بلدة لبنانية لا تقبل بالارهابيين او تأويهم وهم جميعهم يتعاونون مع الدولة». ورأى ان «الحوار كان يجب ان ينعقد بالامس قبل الغد، وهو مطلب في الدول اجمع فكيف في لبنان». واضاف ان «الطرح الذي طرحه في الحوار لم يحظى بالتجاوب من الفريقين بسبب المراهنات»، ورأى ان «المراهنات على الربيع العربي هو خسارة للبنان في حال نجاحه او فشله».

واوضح ان «اتصاله بالرئيس السوري بشار الاسد هو لتعزيته بالضحايا الذي سقطوا نتيجة الارهاب الذي ندينه ويدينه العالم اجمع»، مؤكداً انه «لدينا نظام عظيم جداً، فقد نجانا من الاضرابات التي تحدث في المنطقة، وان نظامنا المالي نجانا من الازمة المالية العالمية».
اما البطريرك الراعي فرأى في عظة الميلاد أننا «نكون صانعي سلام عندما نعزز الوضع الإقتصادي والمعيشي ونحد من الفساد، وعندما نحل النزاعات ونجري المصالحات»، مشدداً على أنه «على الدولة أن تخضع كل المهام الأمنية والدفاعية للسلطة السياسية وتعزز الثقة بقواها المسلحة والسلام هو ثمرة العدالة».

وأكد الراعي أن «السلطة القضائية يجب أن تنعم بالإستقلالية التامة وتؤمن لها الحصانة والحماية وتحترم أصول التقاضي الضامنة لإعطاء كل ذي حق حقه والقادرة على وضع حد للظلم والإستضعاف والإجرام»، لافتا الى أننا «نحن نتطلع الى عدالة عندنا ومحاكم يزينها قضاة يتميزون بالشجاعة والنزاهة والكرامة»، لافتاً الى أن «لا بد من جمع شمل اللبنانيين وإصدار قانون عفو لمن اضطرتهم الظروف القاهرة للجوء والفرار الى إسرائيل قسراً وقهراً وخوفاً».  

السابق
المستقبل: الراعي في قداس الميلاد: واجب الدولة جمع السلاح وحصره بالقوى الشرعية
التالي
أساتذة علوم اللبنانية ومخالفات في الترشيح