المستقبل: الراعي في قداس الميلاد: واجب الدولة جمع السلاح وحصره بالقوى الشرعية

أكد البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي ان "من واجب الدولة المؤتمنة وحدها على أمن المواطنين والسلام في البلاد أن تجمع السلاح وتحصره بالقوى الشرعية اللبنانية"، معتبراً أن "لا احد يستطيع ان يوقف العدالة او يعطلها بالتهديد او يسيّسها لغايات شخصية". ودعا الى جمع شمل اللبنانيين وإصدار قانون يمنح العفو عن اللاجئين قسراً الى اسرائيل.
وجدد رئيس الجمهورية ميشال سليمان التأكيد ان "لبنان ضد الارهاب، ودفع أكبر ثمن لمحاربته"، معربا عن يقينه برفض أي لبناني وأي بلدة لبنانية ايواء الارهاب والارهابيين. ورأى ان "الحوار كان يجب ان يعقد بالامس قبل الغد"، مشدداً على أن "الحوار سيعود لدرس الاستراتيجية الوطنية للدفاع وموضوع السلاح". وطالب بقانون انتخاب عصري يجمع كل الهواجس ويبقى تحت سقف الطائف.

ترأس البطريرك الراعي أمس، قداس عيد الميلاد في الصرح البطريركي في بكركي، في حضور رئيس الجمهورية وعقيلته، وعاونه المطارنة: رولان ابو جودة، حنا علوان، شكر الله حرب، طانيوس الخوري، أمين سر البطريرك الخوري نبيه الترس والقيم البطريركي العام المونسينيور جوزف البواري، بمشاركة الكاردينال نصر الله بطرس صفير، السفير البابوي المونسينيور غابريال كاتشيا، وحضور رئيس حزب "الكتائب" الرئيس امين الجميل، رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون، نائب رئيس مجلس الوزراء سمير مقبل، وزير الداخلية والبلديات مروان شربل، وزير الصناعة فريج صابونجيان، النواب: جيلبيرت زوين، يوسف خليل، نعمة الله ابي نصر وفريد الياس الخازن، الوزراء السابقين: زياد بارود، ناجي البستاني وفريد هيكل الخازن، النواب السابقين: اميل نوفل، بيار دكاش وسمير عازار، قائد الجيش العماد جان قهوجي، رئيس "المؤسسة المارونية للانتشار" الوزيرالسابق ميشال اده، رئيس المجلس الدستوري عصام سليمان، مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، المدير العام لأمن الدولة اللواء جورج قرعة، قائد الدرك العميد صلاح جبران، المدير العام للدفاع المدني العميد ريمون خطار، وحشد من الفاعليات السياسية والعسكرية والقضائية والنقابية والمؤمنين.
العظة
وألقى الراعي عظة بعنوان "المجد لله في العلى وعلى الارض السلام، والرجاء الصالح لبني البشر"، قال فيها: "تفرض السلطة العامة على الذين يتولّونها مسؤولية ممارسة سلطتهم ضمن حدود القطاع الأخلاقي الذي رتّبه الله، وعلى أساس احترام الشخص البشري بحدّ ذاته وفي دعوته وحقوقه الاساسية وحرياته الطبيعية، مع حمايتها والدفاع عنها، فيتمكّن من تحقيق ذاته كقيمة مضافة لعائلته ومجتمعه ووطنه. ومن واجب الكنيسة والدولة الإهتمام بتربية طلاّبنا في المدرسة الخاصة والرسمية، وإعداد كل واحد منهم ليكون قيمة مضافة، كمواطن مستنير وملتزم، صاحب حسّ وطني راسخ، وذي بُعد إجتماعي منفتح، وإيمان بالله والقيم راسخ".

اضاف: "نكون صانعي السلام عندما نحيي فينا الحنان والتضامن والتعاون والأخوّة؛ وعندما نوقظ ضمائرنا وسائر الضمائر على أن نكون فاعلين وسط الجماعة؛ وعندما نعمل على إنماء الإنسان والمجتمع، ونحسن توزيع الثروة الوطنية؛ وعندما نعزّز الحياة الإقتصادية والمعيشيّة، ونواجه آفة الفقر، فندعم النشاط الانتاجي الصناعي والزراعي والسياحي، ونعدّل النظام الضريبي، ونحدّ من الفساد؛ وعندما نحلّ النزاعات ونجري
المصالحات".
وأكد "إننا، بحكم إيماننا المسيحي، ملتزمون بقضية السلام القائم على احترام كرامة الشخص البشري وحقوقه، وبالعمل على إزالة ما يعرِّض السلام للخطر، مثل العنف، والحرب، والإعتداء على الحياة البشرية والتعذيب والإرهاب والاعتقالات التعسّفية، والاتّهامات المُغرِضة والتخوينات والنعرات من أي نوع كانت"، مشدداً على أن "من واجب الدولة المؤتمنة وحدها على أمن المواطنين والسلام في البلاد أن تجمع السلاح وتحصره بالقوى الشرعية اللبنانية، فتكون بيروت وكل لبنان منزوعي السلاح. وعلى الدولة ان تُخضع كل المهام الدفاعية والامنية لقرار السلطة السياسية دون سواها، وتعزّز الثقة بقواها المسلّحة".
ولفت الى ان "سلام الجميع يولد من العدالة لكل واحد. وما من أحد يستطيع أن يوقف العدالة، أو يعطلها بالوعيد والتهديد، أو يسيّسها لغايات شخصية أو فئوية، مهما كانت مسؤوليته أو سلطته أو نفوذه"، مشيراً الى وجوب "أن تنعم السلطة القضائية بالإستقلالية التامة، وتُؤَمَّن لها الحصانة والحماية، وتُحترم أصول التقاضي الضامنة لإعطاء كل ذي حق حقه، والقادرة على وضع حدّ للظلم والإستضعاف والإجرام. إنّنا نتطلّع إلى عدالة عندنا ومحاكم يزيّنها قضاة مميَّزون بالشجاعة والنزاهة والتجرّد والكرامة". ورأى أنه "لا بدّ من جمع شمل اللبنانيين وإصدار قانون يمنح العفو عن الذين منهم اضطرّتهم الظروف القاهرة المعروفة بنتيجة الإحتلال الإسرائيلي المشؤوم، اللجوء أو الفرار الى إسرائيل قسراً وقهراً وخوفاً".

وأوضح أنه "بات من واجب الكنيسة والمسؤولين في المجتمع والدولة زرع الرجاء في القلوب بقول الحقيقة، وعيش المحبة، وتوطيد العدالة، وإحياء التضامن بين جميع المواطنين، والإلتزام بتطوير المجتمع إلى ما هو أفضل. صحيح القول ان المستقبل هو في أيدي الذين يزرعون الرجاء في النفوس، ولا سيما لدى شبيبتنا التي هي ثروة البلاد الكبرى، والقوة التجددية في المجتمع والكنيسة. فلا بدّ من أن نلتزم كلنا بفتح أبواب الرجاء أمام شبابنا بمستقبل أفضل وبتحولات ممكنة. عالم الشباب يقتضي منا اهتماماً خاصاً، قبولاً له وتقييماً، يمكّنهم من النظر الى المستقبل برجاء ثابت. حقّهم علينا تأمين ثقافة ملائمة ليجدوا فرص العمل في وطنهم، ويبنوا مستقبلهم، ويؤسسوا عائلة، ويلعبوا دورهم في الحياة الإجتماعية والوطنية بمسؤولية واعية وفاعلة. إن الكنيسة من جهتها تنظر إليهم برجاء وأمل، تثق بهم، تقف إلى جانبهم، وتشجعهم على البحث عن الحق والعدل، وعلى الإلتزام بالمصالحة والسلام، وعلى تحقيق الأمور الجديدة".

وتوجه الى الرئيس سليمان قائلاً: "الميلاد هو عيد العائلة الصغيرة، وعيد العائلة اللبنانية في لبنان وبلدان الإنتشار. إننا نتطلّع إليكم وإلى الحكومة والمجلس النيابي راجين إقرار الوسائل الكفيلة بجمع العائلة اللبنانية المقيمة على أرض الوطن والمنتشرة تحت كل سماء، ولا سيما قانون استعادة الجنسية اللبنانية، وتسهيل معاملات الزيجات والولادات في قيود النفوس، وإشراك المنتشرين في الإنتخابات النيابية، والإستعانة بقدراتهم وتوظيفها، وتوطيد الروابط معهم، وتثمير طاقاتهم في مشاريع انمائية تحدّ من نزيف الهجرة".

 خلوة وتهان
وفي نهاية القداس، توجه الرئيس سليمان والبطريرك الراعي الى الصالون الكبير، حيث تقبلا التهاني بالعيد من المشاركين في القداس والمؤمنين من مختلف المناطق اللبنانية.
وكان في استقبال رئيس الجمهورية عندما وصل الى بكركي البطريرك الراعي والكاردينال صفير والمطرانان شكر الله حرب وحنا علوان. وتوجه الجميع الى صالون الصرح الكبير حيث جرى تبادل التهاني بالاعياد المجيدة والتقاط الصور التذكارية. ثم عقدت خلوة بين الرئيس سليمان والبطريرك الراعي في مكتب البطريرك الخاص استمرت قرابة النصف ساعة تناولت كل المواضيع المطروحة والاوضاع الراهنة.
وخلال توجههما الى القداس، سئل الرئيس سليمان عن التعيينات وخصوصا ان البطريرك يقوم بجهد في هذا الموضوع بينه وبين العماد عون، فأجاب: "ينعاد عليكم الآن، ثم بيننا وبين العماد عون والبطريرك الراعي لا لزوم للجهد، البطريرك مؤيد لآلية التعيينات التي وضعت في مجلس الوزراء، ونحن نؤيد هذا الموضوع، وكذلك العماد عون يؤيد آلية التعيينات".

وعن الحوار، قال: "سيعود الحوار، على أساس الطرح الذي طرحته سابقا في درس الاستراتيجية الوطنية للدفاع، وبحث موضوع السلاح اولاً، لجهة تنفيذ المقررات السابقة حول السلاح الفلسطيني، ثانياً، سلاح المقاومة للافادة إيجابيا للدفاع عن لبنان ومعرفة كيفية استعماله كيف وأين ومتى؟ والإجابة على الاسئلة العديدة، وثالثاً، السلاح المنتشر في المدن، هذا الذي يجب نزعه، وشاهدتم ان الموضوع مطلب لبناني جامع".
وعن اللقاء الماروني في بكركي، أوضح أنه "وضع أساس انطلاق مناقشة قانون انتخاب، وفي رأيي يجب ان نجد قانون انتخاب يجمع كل الهواجس ويبقى تحت سقف الطائف. اي ان يؤمن المساواة بين المواطنين في حق الانتخاب، ويحقق الصفة التمثيلية التي وضعها النظام اللبناني، حقيقة لا وهماً"، مؤكداً "نستطيع إيجاد قانون ينسجم مع روحية الطائف ويجمع كل المواصفات لقانون انتخابي عصري".

سئل: هل صحيح ان هناك من يزج لبنان في مسار الارهاب، وان هناك عناصر فعلا عبرت من لبنان الى سوريا؟، أجاب: "لبنان ضد الارهاب، ولبنان أكثر من دفع ثمنا لمحاربة الارهاب، وهذا يجب ان يسجل له، وأنا أكيد بان أي لبناني وأية بلدة لبنانية لا تقبل بإيواء الإرهاب، وجميعهم يتعاونون مع الدولة لمنع حصول إرهاب او إيواء الإرهابيين".
وعما اذا كان موعد انعقاد طاولة الحوار أصبح قريبا، أجاب: "كان ينبغي ان ينعقد الحوار بالامس قبل الغد، فالحوار أمر ضروري، وفي كل دول العالم بات مطلوبا، فكيف بالحري في لبنان؟. نحن هنا بحاجة دائما الى الحوار".
وعن السبب الذي يؤخر عودة الحوار، أجاب: "الطرح الذي طرحته أنا، لم يحظ قبولاً من الطرفين بسبب المراهنات، فالحقيقة اذا كنا سنراهن على ما سيجري في الربيع العربي، حيث هناك فريق يقول بضرورة نجاحه وسنربح غدا، وفريق آخر يتوقع خسارته وانه سيربح، هذا يكون كله خسارة للبنان في الحالتين".

واشار الى أن الاتصال الذي أجراه بالرئيس السوري بشار الاسد "كان لتقديم التعازي بالضحايا الذين سقطوا جراء الارهاب، الأمر الذي ندينه نحن وتدينه كل دول العالم".
وختم سليمان بتوجيه التهاني بالاعياد المجيدة الى اللبنانيين، قائلاً: "أتمنى لهم عاما طيبا، وأقول لدينا نظام عظيم جدا، وهذا النظام أنقذنا من أمور عدة أبرزها الاضطرابات التي حصلت على مدى سنة كاملة، ومن الأزمة المالية، واليوم النظام الديموقراطي الذي نعتمده سيصبح مع التعددية والعولمة، حاجة لكل دول العالم من أجل تطبيقه، فلنحافظ عليه، ولنحافظ على هذه النعمة الموجودة لدينا، وهكذا تصبح سنواتنا "حلوة" ونعيد أعيادا طيبة".
اتصالات
وتلقى البطريرك الراعي سلسلة اتصالات تهنئة بالعيد ابرزها من الرئيس سعد الحريري، الرئيس سليم الحص ونائب رئيس الحكومة السابق عصام فارس. 

السابق
الاعياد حرّكت الأسواق بخجل
التالي
مزاعم وزير الدفاع غصن .. بين توضيحه إياها للحكومة ومساءلته من المعارضة