النهار: التحالف يردّ الضربة لميقاتي ويعوّم شربل نحاس 15 وزيراً ضد 11 والحد الأدنى 868 ألف ليرة

سابقة جديدة في سجل السوابق المتعاقبة بسرعة للحكومة الحالية في ملف الأجور، برزت مساء أمس وبدا معها هذا الملف المستعصي على الحلول كأنه عاد الى نقطة الصفر. فما ان أبرم تفاهم تفصيلي بين الاتحاد العمالي العام والهيئات الاقتصادية في اللحظة الاخيرة، وكاد يثبته مجلس الوزراء رسميا، حتى حصل "الانقلاب السياسي" الموصوف على التفاهم الذي رعاه رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، وسدد "الثلاثي": "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" وحركة "أمل" ضربة الى التفاهم على طريقة "الثأر" الديموقراطي بالتصويت، معمدا التحالف المتجدد بين العماد ميشال عون والامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله بعد ساعات من لقائهما برد الاعتبار الى مشروع وزير العمل شربل نحاس الذي فاز هذه المرة بالغالبية بعدما كان التصويت أسقطه في المرة السابقة.

وأفادت مندوبتنا لدى رئاسة الجمهورية هدى شديد أن ميقاتي كان نجح في رعاية اتفاق طرفي الانتاج في سابقة أولى في تاريخ العلاقة بينهما وتوصلا بموجبه الى تفاهم خطي. وساهم في هذه التسوية وزير الصحة علي حسن خليل مفوضا من رئيس مجلس النواب نبيه بري، وسارع الى ابلاغ مجلس الوزراء ذلك. لكن المفارقة برزت عندما طلب وزير العمل شربل نحاس طرح مشروعه على التصويت اذ انضم حسن خليل الى المصوتين الى جانب هذا المشروع.

وحصلت بلبلة واسعة تسربت الى العلن بعدما تبلغ ميقاتي قبيل بداية الجلسة ورقة تتضمن الاتفاق الخطي بين الاتحاد والهيئات، فرفع اشارة النصر أمام الصحافيين قائلا: "لقد اتفقوا"، موضحا ان الحد الادنى المتفق عليه هو 675 ألف ليرة. كما ان رئيس الاتحاد العمالي العام الذي حضر الى بعبدا أعلن رفع الاضراب المقرر في 27 كانون الاول الجاري.

ولكن بدا ان وزير العمل كان مهيئا لطرح مشروعه على التصويت بشكل مفاجئ بتدبير بين الاطراف الثلاثة، فسارع في الجلسة الى اعلان رفضه الاتفاق بين الاتحاد والهيئات طالبا طرح مشروعه على التصويت. وأجابه ميقاتي: "اذا صوتنا على مشروعك نخشى ألا يوافق عليه مجلس شورى الدولة وأن نعود مجددا الى نقطة الصفر، في حين ان الغلاء سبق الزيادات، عندها ماذا نكون قد فعلنا". لكن نحاس أصر ومعه فريقه السياسي على طرح مشروعه على التصويت.

وبنتيجة التصويت الذي فرض كاختبار سياسي جديد داخل الحكومة لحلفاء "تكتل التغيير والاصلاح" تم تثبيت التفاهم السياسي بين "التكتل" و"حزب الله" مما أحرج حلفاءهما الآخرين فانضموا اليهما. وسجلت في هذا الاطار مفاجأتان أولاهما ان الصوت المرجح كان لوزير الداخلية مروان شربل الذي وفر غالبية 15 صوتا أيدوا مشروع وزير العمل، والثانية ان وزير الصناعة فريج صابونجيان صوت الى جانب مشروع وزير العمل ايضا بعدما كان قدم مداخلة حمل فيها على هذا المشروع باعتبار انه يشكل عبئا كبيرا على المؤسسات.
ووفق المعلومات المتوافرة لدينا ايضا، صوّت مع مشروع نحاس وزراء "التيار الوطني الحر" الستة الى الوزراء فايز غصن وصابونجيان وبانوس مانجيان وعلي قانصو وعلي حسن خليل وعدنان منصور وحسين الحاج حسن ومحمد فنيش. اما الذين صوّتوا ضده فكانوا 11 وهم الرئيس ميقاتي والوزراء غازي العريضي، علاء الدين ترو، نقولا نحاس، حسان دياب، محمد الصفدي، وليد الداعوق، سمير مقبل، احمد كرامي، نقولا فتوش ومروان خير الدين. وامتنع الوزير وائل ابو فاعور عن التصويت فيما غاب الوزراء سليم كرم وفيصل كرامي وناظم الخوري.
ولوحظ ان الرئيس ميقاتي اكتفى بعد الجلسة بالاشارة الى ان مجلس الوزراء صوّت لمصلحة مشروع الوزير نحاس "لكن المهم ان تقبل به الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام" وغادر قصر بعبدا من دون المشاركة في حفلة غنائية ميلادية اقيمت في القصر. واذ اوضح الوزير نحاس انه سيرسل مراسيم زيادة الاجور اليوم الى مجلس شورى الدولة، بدا الوزير جبران باسيل واضحاً في قوله "هناك معادلة جديدة في الحكومة، يجب ان يعرف الآخرون كيف يتعاملون معها".
وتوقعت مصادر وزارية معارضة لمشروع شربل ان يرده مجلس شورى الدولة.

وفي اتصال اجريناه  ليلاً مع رئيس مجلس الوزراء، قال ان "التصويت كان تعبيراً ديموقراطياً"، مؤكداً انه "يحترم نتيجته". ورأى انه "لم ينتصر احد ولم ينكسر احد وانا احترم الديموقراطية ولننتظر لنرى كيف سيطبق هذا القرار وان شاء الله يقبله اللبنانيون وتقبله الهيئات الاقتصادية". واضاف: "لا اعرف اذا كانت الهيئات ستقبل به. نحن سعينا الى ان تتفق الهيئات والاتحاد العمالي وقد توصلت فعلاً الى ورقة مشتركة لم يؤخذ بها. ولا اعلم اذا كان مجلس شورى الدولة سيقبل به". واعتبر ان التصويت الذي حصل "كان تصويتاً سياسياً" ولم يستبعد ان "يكون رد اعتبار الى حليف سياسي".
ويلحظ مشروع نحاس الذي صوّت عليه مجلس الوزراء رفع الحدى الادنى للاجور الى 868 ألف ليرة، ويعيّن الحد الادنى الرسمي للاجر اليومي بـ 33 ألف ليرة ويتضمن الحد الادنى بدل النقل. واعتباراً من تاريخ صدور المرسوم يعتبر بدل النقل البالغة قيمته 236 ألف ليرة شهرياً عنصراً فعلياً من الاجر ويدخل في احتساب تعويض نهاية الندمة. وتضاف الى الاجر زيادة غلاء معيشة مقدارها 18 في المئة على الشطر الاول حتى مبلغ مليون و500 الف ليرة، و10 في المئة على الشطر الثاني الذي يزيد على مليون ونصف مليون ليرة ولا يتجاوز مليونين ونصف مليون ليرة.
وامتنعت الهيئات الاقتصادية عن تحديد موقف فوري لها من قرار مجلس الوزراء مساء امس في انتظار اجتماع ستعقده اليوم لاتخاذ القرار المناسب. غير ان بعض الاركان في الهيئات ابدى اسفه "لتغلّب الطرح السياسي على مصلحة البلاد والعمال واصحاب العمل". كما اكد بعضهم الآخر اللجوء الى مجلس شورى الدولة وخصوصاً في ما يتعلق بعدم جواز تدخل الدولة في بدل النقل.  

السابق
الانباء: الحريري التقى أردوغان: سأهنئ الشعب السوري قريباً بسقوط النظام
التالي
الجمهورية: انقلاب على ميقاتي يجدد الحلف الثلاثي بعد لقاء عون ـ نصر الله