نصر الله: المحكمة اسرائيلية وتمويلها مرّ فقط.. لإتقاذ لبنان من الفراغ

«المحكمة إسرائيليّة، ورئيس الحكومة قرر تمويلها من أموال هبات وتبرعات من دون موافقتنا، لكننا رغم ذلك سنحافظ على الحكومة التي عليها بتّ ملف شهود الزور وتنفيذ مطالب التيار الوطني الحر». هذه خلاصة مواقف حزب الله من تمويل المحكمة، على لسان أمينه العام
لم يدم صمت حزب الله طويلاً تجاه قضية تمويل المحكمة الدولية. الأمين العام للحزب، السيد حسن نصر الله، قاطع فترة الصوم عن الكلام السياسي خلال الليالي الأولى من عاشوراء ليعلن موقف حزبه من قرار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تحويل حصة لبنان من نفقات المحكمة. عبّر نصر الله عن عتبه على الرئيس نجيب ميقاتي الذي قطع التزامات علنية، من دون العودة إلى شركائه في مؤسسة مجلس الوزراء الدستورية. وقال صراحة إن حزبه غير راضٍ عن قرار ميقاتي، مشدداً على ضرورة تسديد تمويل المحكمة من هبات وتبرعات، واعداً بالتصويت ضدها إذا عُرض تأمين التمويل للهيئة العليا للإغاثة على مجلس الوزراء. وفيما شدد على عدم وجود مقايضة سمحت بتمرير بند التمويل، طالب نصر الله ميقاتي بإحالة ملف شهود الزور على المجلس العدلي، وبتلبية مطالب تكتل التغيير والإصلاح «الواقعية والمهمة».

وفي المقدمة التي سبقت إعلانه موقف حزبه من قرار التمويل، كشف نصر الله جزءاً من المداولات التي جرت خلال المبادرة القطرية التركية في آخر أيام حكومة الرئيس سعد الحريري، والورقة التي يؤكد نصر الله أن الحريري وافق على مضمونها الرامي إلى إلغاء كل ارتباط للبنان بالمحكمة الدولية، مقابل استمرار الحريري في الحكم وحماية فريقه السياسي والإعلامي والأمني والقضائي. وقال نصر الله إن وزيري خارجية قطر وتركيا زاراه في ذلك الحين وعرضا عليه الورقة التي أعدت في منزل الحريري، التي وافق عليها الأخير، وتضمنت التزام الحريري بالآتي: وقف تمويل المحكمة، وسحب القضاة اللبنانيين منها وإلغاء البروتوكول في أول جلسة لمجلس الوزراء. وبحسب نصر الله، فإن الاتفاق كان من شقين: أحدهما معلن، والآخر سري، يوقّع عليهما الرؤساء الثلاثة، على أن يتبع ذلك مؤتمر في العاصمة الفرنسية باريس يرأسه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، ويحضره وزراء خارجية تركيا وسوريا وقطر وممثل عن الملك السعودي ووزيرة خارجية الولايات المتحدة الأميركية، لمباركة الاتفاق اللبناني. وقال نصر الله إن وزيري خارجية تركيا وقطر ذكرا له أموراً إضافية سيقدمها الحريري لتمرير الاتفاقية. وأكد أنه أبلغ الوزيرين بأنه يريد مشاورة قيادة الحزب وحلفاءه، فطلبا منه رأيه، فأبلغهما أنه لا يوافق على التسوية، لأن أداء سعد الحريري في الحكومة لا يشجع على إبقائه في الحكم، وخاصة لناحية عدم متابعته لشؤون مجلس الوزراء. وضرب نصر الله للوزيرين مثلاً تصرف الحريري خلال مواجهة العديسة بين الجيش اللبناني وجيش الاحتلال الإسرائيلي، عندما كان رئيس الحكومة خارج لبنان ولم يقطع إجازته للعودة إلى البلاد التي كانت على شفير حرب.وأكد نصر الله أن الرئيس السوري بشار الأسد كان يشجع حينذاك على التوصل إلى تسوية، لأن ذلك في مصلحة سوريا لناحية تحسين علاقتها بكل من قطر وتركيا والسعودية، «لكننا في المعارضة قدمنا المصلحة اللبنانية على المصلحة السورية».
وقال نصر الله إن فريق 14 آذار بدأ باتهام ميقاتي بالخيانة والغدر منذ لحظة تكليفه ترؤس الحكومة، «وطالبوه منذ اليوم الأول بالتمويل، لكنهم لم يكونوا يريدون التمويل. أنا ضعت خلال متابعة ردود فعلهم خلال اليومين الماضيين: هل قوى 14 آذار مبسوطين (بسبب تمويل المحكمة) أو مش مبسوطين. نحن مش مبسوطين. يعرفون أن المحكمة ماشية، سواء موّلها لبنان أو لم يموّلها. والناطق باسم المحكمة قال إن كل متطلبات المحكمة المالية لعام 2011 مؤمّنة. وقال إن فريق 14 آذار مارس التحريض المذهبي ضد ميقاتي من خلال تصوير عدم تمويل المحكمة كخيانة للطائفة السنية. وجزم بأن حزب الله وحلفاءه لم يضعوا شروطاً على ميقاتي حول التمويل قبل تأليف الحكومة. «وفي تقييمنا نعتبر أن الرئيس ميقاتي أحرج نفسه كثيراً عندما ألزم نفسه بتمويل المحكمة بمعزل عن رغبة مجلس الوزراء، رغم علمه بأن أكثرية الوزراء ترفض التمويل، وهنا يحق لنا العتب على ميقاتي، وأيضاً أوصل الأمر إلى نقطة حادة عندما أعلن رغبته في الاستقالة إذا سقط ملف التمويل».

وأكد نصرالله أن قرار التمويل عبر الهيئة العليا للإغاثة صدر من دون موافقة حزب الله، «وما قيل لي اليوم، هو تأكيد أن هذا المال سيكون عبارة عن تبرعات من قبل جهات للهيئة العليا للإغاثة، وفي هذه اللحظة أنا لا أعرف دستورية هذا الإجراء، وقال رئيس الحكومة إن هدفه حماية لبنان لأنه مقتنع بأن عدم التمويل سيسبّب عقوبات على لبنان. والغريب أن أميركا وفرنسا والسعودية وقطر وسوريا كانوا يريدون توقيع اتفاق يسقط المحكمة، إذاً، الموضوع ليس موضوع محكمة وعدالة وقانون، بل موضوع سياسي وموضوع من يمسك بالسلطة».
وأكد الأمين العام لحزب الله أن موقف حزبه لم يتغير من المحكمة، لناحية كونها «إسرائيلية وأميركية وظالمة وغير دستورية وغير قانونية»، مشدداً على «عدم إدخال البلد في مشكلة، وعلى تقديم المصلحة الوطنية العليا على أي مصلحة أخرى. والمطلوب المنطقي أن تسد السلفة من الهبات والتبرعات وليس من أموال الشعب اللبناني والخزينة اللبنانية».

وتوجه نصر الله إلى ميقاتي بالقول: «إن كل أدبيات الرئيس ميقاتي في الفترة الماضية تضمنت حرصه على العدالة، وهو قال إنه كرئيس حكومة، وطنيته لا تسمح له بعدم التمويل، وأيضاً سنيته لا تسمح له. أطالب ميقاتي، المتهم ظلماً بأنه رئيس حكومة حزب الله، أنا أطالبه بأن التزامك بالعدالة وأن وطنيتك وسنيتك تفرض عليك إنصاف مظلومين آخرين هم: الضباط الأربعة، ومن بينهم اثنان من السنة، وعدد من المواطنين وغالبيتهم من السنّة أيضاً، وطريق إنصافهم هي أن تقوم بوضع بند في مجلس الوزراء وهو فتح ملف شهود الزور وتحويله إلى المجلس العدلي. عدالتك ووطنيتك وسنيتك تقتضي ذلك أيضاً، أنت أمام امتحان في ملف شهود الزور». كذلك طالب نصر الله بأن «تكون الحكومة منتجة: لا تقطّع الوقت، بل تتحمل مسؤوليتها، وفي هذا الإطار، جميع مطالب الإصلاح والتغيير منطقية وصحيحة ونؤيدها بالكامل ويجب العمل على تحقيقها».
وكان نصر الله قد حذر في بداية خطابه من «التحريض المذهبي الذي يمارسه تيار المستقبل»، داعياً قادة التيار إلى الكف عن ذلك. وضرب مثلاً حادثة عرسال الأخيرة، عندما خرج نواب من المستقبل ليقولوا إن شباب حزب الله دخلوا عرسال مع الجيش اللبناني لتوقيف مطلوبين، لافتاً إلى أن «هذه المعلومات الكاذبة تهدف الى تحريض السنّة في البقاع». كذلك شكر نصر الله جميع حلفائه والوزراء الذين دعموا موقف حزب الله، رغم كل التهديدات التي واجهتهم.  

السابق
عقوبات أوروبية واميركية يومية.. وسوريا تترقب التصعيد المقبل !؟
التالي
البناء: نصر الله يُحذِّر من خطورة التحريض المذهبي: طابخ السُّم آكلُهُ