البناء: نصر الله يُحذِّر من خطورة التحريض المذهبي: طابخ السُّم آكلُهُ

شكلت الكلمة التي القاها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مساء أمس عملية مكاشفة متكاملة وبكل التفاصيل حول الكثير من الخفايا التي عمل لها فريق "14 آذار" من خلال رئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري لإبرام صفقة متكاملة يتنازل فيها عن كل ما له علاقة بالمحكمة الدولية في مقابل مزايا وضمانات لاستمراره في رئاسة الحكومة وحماية "جماعته" في الدولة. لكن هذه الصفقة رفضها حزب الله في حينها بالاتفاق مع حلفائه.
كما أكد السيد نصرالله أن هذا الأمر يشكل الرد الفعلي على "صراخ" قوى المعارضة بحجة الدفاع عن المحكمة الدولية ما يؤكد أن هذا الفريق لا تهمه المحكمة بقدر ما يهمه الاستثمار السياسي لها، محذرا في الوقت ذاته، من عملية التحريض المذهبي والطائفي التي يقوم بها هذا الفريق، والتي لا يحصد منها إلاّ السم الذي يطبخه.
وكذلك كشف السيد نصرالله عن حقيقة ما حصل بشأن تمرير تمويل المحكمة الدولية، مؤكدا ان لا تغيير في موقف الحزب من عدم الاعتراف بالمحكمة وعدم شرعيتها. كما طالب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بإنصاف كل الذين "اتهمتهم المحكمة زورا من خلال طرح ملف الشهود الزور في أول جلسة لمجلس الوزراء".
وأشارت أوساط رئيس الحكومة مساء أمس لـ "البناء" تعليقا على مطالبة السيد نصر الله بتحويل ملف الشهود الزور الى مجلس الوزراء "ان هذا الملف مفتوح وسيأخذ حقه عندما يتم تعيين رئيس لمجلس القضاء الأعلى".
مواقف نصر الله
وأكد السيد نصرالله في كلمة له مساء أمس خلال إحياء الليلة الخامسة من ذكرى عاشوراء ان الفريق الآخر لم يطرح موضوع تمويل المحكمة لأنه يريد أن تموّل المحكمة. من الأمس الى اليوم ضعت بمواقف "14 آذار"، لا نعرف إذا فرحوا أو حزنوا، فقد فتحوا معركة تمويل مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، والهدف لم يكن التمويل، والمحكمة "ماشية" والتمويل "ماشي"، ويعلمون أن رئيسهم قد تخلى ليس عن تمويل المحكمة للبقاء في السلطة بل أكثر من ذلك، عن تمويلها وعن سحب القضاة منها وعن وقف التعاون معها، ولكن "اللي ما بيستحي بيحكي يلي بدو ياه".

وأشار الى ان "هذه المحكمة أثبتنا أنها مسيسة وغير عادلة وتآمرية ومسرّبة وأميركية-"اسرائيلية"، تستهدف المقاومة، فإذا لم يتم تمويلها لن يكون ذلك خيانة للطائفة السنية؟ مشددا على ان "رهان الفريق الآخر الذي لم يؤمن بهذه الحكومة يوما والذي كان يعمل على إسقاطها ورفض إعطائها حتى فرصة أشهر كان ينتظر استحقاق التمويل".

ولفت السيد نصرالله الى ان "من بداية تشكيل الحكومة لم نضع شروطا على ميقاتي بخصوص التمويل، معتبرا أن رئيس الحكومة أحرج نفسه كثيرا عندما ألزم نفسه بتمويل المحكمة بمعزل عن رغبة مجلس الوزراء، رغم علمه بأن أكبر عدد من الوزراء يرفض التمويل، وهنا يحق لنا العتب على ميقاتي، ولأنه أوصل الأمر إلى نقطة حادة عندما أعلن رغبته بالاستقالة إذا سقط ملف التمويل".
وجدد السيد نصرالله التأكيد أن "المحكمة هي غير دستورية وهي مسيّسة وأميركية و"اسرائيلية" حتى يثبت العكس، وهي ظالمة أيضاً. كنا وما زلنا نرفض أي شكل من أشكال تمويلها أو التعامل معها، ولو عُقِدت جلسة لمجلس الوزراء وعرض تمويل المحكمة كنا سنصوت ضدها، ولو عرض هذا الأمر على مجلس النواب كنا سنصوت ضده أيضا، ونرفض دفع أموال من جيوب الشعب اللبناني لتمويلها".
وتابع: "مع كل هذا الجدل كنا مستمرين بالتحاور مع جميع مكونات الحكومة واكدنا حرصنا على تصحيح الخلل في أداء الحكومة الحالية. وفي جو هذه النقاشات أخذ رئيس الحكومة قرارا على مسؤوليته أعلنه بالأمس وقال أنه انطلاقا من صلاحيته، يمكنه أن يصرف من أموال الهيئة العليا للإغاثة وهذا ليس بحاجة الى مجلس وزراء ولا الى مجلس نواب بل يعود لرئيس الحكومة مباشرة".

واضاف: "ما قيل لي اليوم، هو تأكيد أن هذا المال سيكون عبارة عن تبرعات من قبل جهات للهيئة العليا للإغاثة، وفي هذه اللحظة أنا لا أعرف دستورية هذا الإجراء".
وقال: "سنقدم المصلحة الوطنية العليا على أي مصلحة أخرى. وطالب ميقاتي المتهم ظلما أنه رئيس حكومة حزب الله، بإنصاف مظلومين آخرين هم: الضباط الأربعة ومن بينهم 2 سنّة، وعدد من اللبنانيين وغالبيتهم من السنّة أيضاً، وطريق إنصافهم هي أن تقوم بوضع نقطة في مجلس الوزراء وهي فتح ملف "الشهود الزور" وتحويله إلى المجلس العدلي. عدالتك ووطنيتك وسنيتك تقتضي ذلك أيضاً، أنت أمام امتحان في ملف الشهود الزور".

أضاف: المسألة الثانية: "آن الأوان أن تكون الحكومة منتجة، وأن لا تقطع الوقت بل تتحمل مسؤوليتها، وفي هذا الإطار، جميع مطالب الإصلاح والتغيير منطقية وصحيحة ونؤيدها بالكامل ويجب العمل على تحقيقها".
أوساط ميقاتي
وبعد كلمة السيد نصرالله اكتفت الأوساط القريبة من رئيس الحكومة بالقول ان موقف ميقاتي من مسألة الشهود الزور معروف وقاله أكثر من مرة في السابق. اضافت ان هذا الملف مفتوح وسيأخذ طريقه عبر وزير العدل عندما يتم تعيين رئيس لمجلس القضاء الأعلى، وبالتالي سيأخذ هذا الموضوع حقه.
وأشارت الأوساط في مجال آخر، الى ان الاتصالات قائمة لإعداد جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء المقبلة مرجحة انعقادها الاربعاء المقبل عشية سفر رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الى أرمينيا. وأوضحت أن لقاء رئيس الحكومة مع الوزير جبران باسيل أمس كان ايجابيا وعرض الأخير موقف التكتل، مشيرة الى ان الأمور تأخذ طريقها للحل.
وكان الرئيس ميقاتي قد قال: ان قراره بتمويل المحكمة يمثل خطوة أساسية في سياق عمل الحكومة اللبنانية، ويدفع للتفرغ والاسراع في معالجة القضايا الكثيرة التي يعاني منها لبنان واللبنانيون لا سيما على الصعد الاجتماعية والاقتصادية والمالية.

واعلن أمام زواره انه سيدعو الى جلسة لمجلس الوزراء الاسبوع المقبل لمتابعة درس الملفات الاجتماعية والادارية والانمائية، التي تواكبها الحكومة، منذ تشكيلها، بجلسات عمل متخصصة يشارك فيها الوزراء المعنيون وأهل الاختصاص، لا سيما لجهة إقرار مشروع الموازنة العامة للعام 2012 وإرسالها الى المجلس النيابي.

وإذ اعرب عن تفهمه واحترامه للآراء التي تتحفظ على المحكمة وادائها، الا أنه أكد ثقته بأن كل الأفرقاء اللبنانيين، وفي مقدمهم حزب الله وقيادته الحكيمة، ستتفهم هذه الخطوة وتقدر دقة الظرف الذي نمر به وحراجته، وستغلب، كما دائما، المصلحة الوطنية والواقعية السياسية، على أي اعتبار آخر".
المحكمة تتسلم التمويل
وفي هذا السياق، أعلنت المحكمة الدولية أنها "تسلمت مساهمة لبنان للعام 2011 البالغة 32,184,635 دولاراً أميركياً". وتوجهت عبر صفحتها على "تويتر" بـ"الشكر للحكومة اللبنانية لتسديدها المبلغ كاملاً"، مشيرة إلى أن "ممثلي الشعب اللبناني أثبتوا التزامهم العمل في سبيل تحقيق سيادة القانون والاستقرار طويل الأمد". وعبرت عن تطلعها الى "المضي قدما في التعاون مع لبنان سعياً الى إنجاز ولايتنا القضائية".
  

السابق
نصر الله: المحكمة اسرائيلية وتمويلها مرّ فقط.. لإتقاذ لبنان من الفراغ
التالي
هل سينام حزب الله على صورة المهزوم؟