هيغ: وضع سوريا أكثر تعقيداً من ليبيا

هذه المرة ليس النظام السوري من يتحدث عن أن «سوريا مختلفة»، بل وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي. كان ذلك هو ردهم الذي كرروه على مسامع كل من سألهم إن كان تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية مقدمة لما يشبه السيناريو الليبي.
وقبل الاجتماع بنظرائه الأوروبيين، ورداً على سؤال حول رؤية الاتحاد الأوروبي لكيفية حماية المدنيين كما طرحته الجامعة العربية، قال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ لـ«السفير» إنه «في هذه اللحظة ليس هناك شيء مباشر يمكننا القيام به في الدول الأوروبية حول هذا الموضوع». وأضاف إن «الوضع مختلف عن ليبيا. لا يوجد تفويض من مجلس الأمن الدولي، والوضع في سوريا هو على أي حال أكثر تعقيدا بكثير من الوضع في ليبيا في بداية هذا العام. ولكن بطبيعة الحال، سنناقش مع جامعة الدول العربية ما يمكننا القيام به».

وأقرّ وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، بعد اجتماعهم في بروكسل أمس، إضافة أسماء 18 شخصية سورية، سيتم تجميد أصولها وستمنع من دخول دول الاتحاد الأوروبي، لتصل قائمة الأشخاص المعاقبين أوروبياً إلى 74 شخصية، إضافة إلى 19 كياناً اقتصادياً اتخذت عقوبات اقتصادية بحقها أيضاً.
إلى جانب ذلك، قرر الوزراء إيقاف جميع الدفعات من القروض القائمة التي كان يقدمها بنك الاستثمار الأوروبي للحكومة السورية، كما تم إيقاف عقود المساعدة التقنية التي يقدمها بنك الاستثمار لمشاريع سيادية في سوريا، بعد أن كان الاتحاد الأوروبي دعا سابقاً البنك لإيقاف جميع عمليات التمويل الجديدة.
 وأقرض بنك الاستثمار الأوروبي سوريا مبلغ 1،7 مليار يورو بين العامين 1978 و2010، أكثر من نصفها في قطاع الطاقة. وقد خصص مبلغ 10،7 مليارات يورو خلال الفترة من 2007 إلى 2013 لإقامة مشاريع في دول حوض البحر المتوسط ومن بينها سوريا.
ويبدو أن الجامعة العربية تقوم باتصالات مع المنظمات الدولية لوضع تصور حول آليات حماية المدنيين في سوريا، كما جرى الاتصال مع الاتحاد الأوروبي للغرض ذاته. وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، رداً على سؤال لـنا، إن «الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي كان على اتصال مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، وتحديداً لطلب نصائح ومساعدة بشأن كيف يمكن أن تتم الأمور لحماية المدنيين، وقد سألنا أيضاً إذا كانت لدينا أفكار (حول نفس الموضوع) ولدي الآن فريق عمل يبحث اليوم حول هذا الأمر».

لكن آشتون تحدثت عن مصاعب يفرزها «تعقيد الوضع» في سوريا. وقالت إن «الوضع مختلف، نحن لا نتحدث عن حالة تشبه أي بلد آخر»، مضيفة «لذلك، المهم هو العمل بشكل وثيق وتعاوني لإيجاد طرق لدعم، على سبيل المثال، المنظمات غير الحكومية على أرض الواقع التي تقوم بمثل هذا العمل العظيم» المتعلق بمحاولة حماية المدنيين.
وأظهر الأوروبيون دعماً قوياً لمواقف الجامعة العربية وقراراتها. وقال وزراء الخارجية، في بيان، ان الاتحاد الأوروبي «يأسف مجدداً» لأن الحكومة السورية «لم ترق إلى مستوى الالتزامات التي تعهدت بها، وسعت بدلا من ذلك لقمع شعبها».
وأضاف البيان إن دول الاتحاد «ترحب وتدعم بقوة القرارات التي اتخذت في اجتماع الجامعة العربية في 12 تشرين الثاني»، معتبراً أن تلك القرارات «تظهر العزلة المتزايدة للنظام السوري». كما رحب الأوروبيون بالجهود التي تبذلها الجامعة العربية «لإنهاء العنف وإحداث الانتقال الديموقراطي الذي طالب به الشعب السوري في الشهور الثمانية الماضية».

وحول هذا الموضوع، قال وزير خارجية السويد كارل بيلدت لـنا إن دول الاتحاد الأوروبي «مؤيدة جداً لما تقوم به الجامعة العربية». وأضاف «إنه أمر جيد جداً إنهم، نوعاً ما، أظهروا شدّة ضرورية». وعين وزير الخارجية طرفين أساسيين يتباحث معهما الاتحاد الأوروبي لتنسيق المواقف حيال النظام السوري، موضحاً «سنتخذ قرارات بشأن المزيد من التدابير التقييدية، وهو على ما أعتقد أمر مطلوب للغاية، ومن ثم فإننا سنتشاور بشكل وثيق مع تركيا والجامعة العربية».
وفي عودة إلى الكيفية التي يرى أن بالإمكان عبرها حماية المدنيين بحسب طرح الجامعة العربية، قال بيلدت إنه «يمكن أن تكون هناك طرق مختلفة للقيام بذلك. هناك المراقبون، وأعتقد أنه يجب استكشاف كل الآليات التي قد تكون موجودة في نظام المؤسسات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة». وأضاف إن قرارات الجامعة العربية السبت الماضي تشير إلى أنها تريد التباحث حول قضية حماية المدنيين.

وأعرب وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه عن تأييده إرسال مراقبين من الأمم المتحدة إلى سوريا للمساعدة في حماية المدنيين. وقال إن «احتمال القيام بتدخل عسكري يشبه من قريب أو بعيد التدخل في ليبيا، ليس مطروحاً. ولا نتمنى أن يكون. في المقابل، يمكن التفكير في إرسال مراقبين أجانب». وأضاف «يمكن التفكير في طريقة لحماية السكان المدنيين بواسطة تدخل مراقبين، من الأمم المتحدة مثلا. هذه مسألة نحن على استعداد لبحثها مع المعارضة السورية والأمم المتحدة».
وبدا جوبيه قاسياً جداً حيال نظام الرئيس بشار الأسد. وقال إن «النظام يغرق في نوع من جنون الاضطهاد لأنه يتهم الجامعة العربية بالتآمر عليه».

وفي رسالة متكررة للدول التي عارضت قراراً دولياً حول سوريا، حث الأوروبيون جميع أعضاء مجلس الأمن على «تحمل مسؤولياتهم المتعلقة بالوضع في سوريا»، مشيرين في بيانهم إلى أنهم سيواصلون الضغط «من أجل اتخاذ إجراءات قوية للأمم المتحدة لزيادة الضغط الدولي».

ولم يتخذ الأوروبيون خطوات كبيرة باتجاه «المجلس الانتقالي السوري»، حاصرين الأمر الآن بسقف التواصل معه. وكرر بيانهم ترحيبهم بجهود المعارضة السورية المتواصلة «لتأسيس منصة موحدة والعمل من اجل رؤية مشتركة لمستقبل سوريا وللانتقال إلى نظام ديموقراطي». ولفت الأوروبيون إلى أنهم «على استعداد للتعامل مع ممثلي المعارضة السورية التي تلتزم قيم اللاعنف والديموقراطية مثل المجلس الوطني السوري».  

السابق
صيدا تزيل المقاهي عن بوليفار رفيق الحريري البحري
التالي
في الخليج السوري: توقعات