الجمهورية: 500 مراقب عربي الى سوريا بشروط و تركيا تعتزم اتخاذ اكثر المواقف تشددا

تبقى سوريا الحدث مع دخول قرار تعليق عضويتها في الجامعة العربية حيز التنفيذ اعتبارا من الغد، وهو ما حذرت منه دمشق ورأت فيه "خطة بالغة الخطورة واعتبرته قرارا غير شرعي وغير ميثاقي ويحتاج الى اجماع كل الدول العربية"، مكررة ترحيبها بقدوم اللجنة العربية قبل 16 الجاري ومعوّلة على روسيا والصين اللتين لن تغيرا موقفهما منها في مجلس الأمن، معتذرة من تركيا جراء الاعتداءات التي تعرضت لها سفارتها في دمشق وقنصليتها في حلب ومكتبها الدبلوماسي في اللاذقية، ومستبعدة اقدام أنقرة على إقامة منطقة "أمنية عازلة" داخل الحدود السورية.

قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية مارك تونر: "إنّ المجتمع الدولي والولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الاوروبي والجامعة العربية ودولا مِثل تركيا، باتت تعتمد لهجة أكثر تشدّدا حيال النظام السوري".

وقال تونر: "لا شك أننا نشهد توافقا أقوى في المواقف المعارضة للاسد وتصرفات النظام السوري"، وأضاف: "إنّ واشنطن ستواصل المشاورات من أجل زيادة الضغوط على الأسد".

وفي شأن الخيار العسكري، قال: "إنّ الجهد الأميركي ينصَبّ على تشديد العقوبات الاقتصادية والسياسية"، وأضاف: "إنكم تستبقون الامور. لم نصل الى هذا بعد، حتى وإن كنّا لا نستبعد أي خيار"، مستخدما لهجة دبلوماسية لا تستبعد الخيار العسكري.
 اجتماع الرباط

وتشخص الانظار غدا الى الرباط لمعرفة ما سيتمخص عنه اجتماع وزراء الخارجية العرب في غياب سوريا، ومشاركة تركية بعدما اعلن وزير خارجيتها أنه "لم يعد من الممكن الوثوق بالحكومة السورية"، مشيرا الى اعتزام بلاده اتخاذ أكثر المواقف تشددا. في حين خرجت ايران عن صمتها، فرأت ان قرار الجامعة العربية "سيُعقّد البحث عن حل سلمي لأزمة سوريا"، وطالبت الدول الأعضاء بـ"عدم اتباع سياسة الكيل بمكيالين على حساب سوريا ومنع أي تدخل أجنبي في هذا البلد".

وعشية الاجتماع، تمّ الاتفاق في الجامعة العربية خلال اجتماع رأسه الامين العام نبيل العربي على تشكيل وفد يضم 500 من ممثلي المنظمات العربية ووسائل الاعلام والعسكريين للذهاب الى سوريا ورصد الواقع هناك، على ان يحدد وزراء الخارجية العرب موعد هذه الزيارة وترتيباتها.

وفي سياق متصل اكد العربي ان المنظمات العربية المعنية بحماية المدنيين لن تذهب الى سوريا الا بعد توقيع مذكرة تفاهم واضحة مع الحكومة السورية تحدد التزامات كل طرف وحقوقه وواجباته.

دعم الاسد

اما في لبنان، فتبقى ساحته مشرّعة لكل ارتدادات الأزمة السورية، بعد موقفه في القاهرة، والذي كرّس الانقسام السياسي الحاد أكثر فأكثر. على ان يتظهّر بقوة في الجلسة النيابية غدا في مجلس النواب والمخصصة للأسئلة والاجوبة.

بري: يمكن تدارك القرار العربي

لكن رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي اعتبر ان قرار مجلس الجامعة قد وضع الازمة السورية أمام احتمالات شتى وخطرة، رأى انّه" "ما يزال في الامكان تدارك هذا القرار، لأن هناك مهلة تنتهي غدا، وهذه المهلة هي التي ينظر اليها في هذا القرار الذي جاء متسرعاً".

وقال بري في دردشة اعلامية إنه "لم يمر على انطلاق مبادرة جامعة الدول العربية وموافقة سوريا عليها اكثر من عشرة ايام ولم تعط الوقت الكافي لتنفيذها، فالمصالحة بين شخصين تأخذ وقتا، وحتى تصلح بينهما ينبغي ان تستمع الى ما لدى كل منهما، ثم تجمعهما بعضهما مع بعض، ثم يزور احدهما الآخر الذي يرد بدوره الزيارة فكيف اذا كان الامر يتعلق بدولة وبأزمة خطيرة، أفلا يجوز ان تعطى الاتصالات مجالها حتى يتم تنفيذ المبادرة؟"

ويشير بري الى انه قبيل صدور القرار كانت لديه معطيات مغايرة تماما، وهذه المعطيات دلّت على ايجابيات، خصوصا بعد اعلان دمشق استعدادها لاستقبال اللجنة العربية وفريق من المراقبين، و"لكن ما جرى كان استدارة 180 درجة وغيرمتوقع، الأمر الذي يطرح علامات إستفهام كثيرة حول الأسباب التي أدت الى صدور هذا القرار وهل كان مبيتا؟ أم أن متغيرات واسبابا لدى الذين دفعوا به ادت الى اتخاذ مثل هذا المنحى الخطير؟"

وفي رأي بري انه "اذا هناك من توجه لأن يكون قرار تجميد عضوية سوريا مقدمة لتدويل الازمة السورية، فإن أي تدخل دولي سيصعّد هذه الأزمة، ولن ينهيها لأن للوضع السوري خصوصيته والجميع يعلم ذلك، ولذا يمكن تدارك القرار العربي".

ويقول بري "ان تجميد عضوية أي دولة عربية في الجامعة لا يتم إلاّ باجماع الدول، وعلى مستوى القمة وليس على مستوى وزراء خارجية او غيرهم، ثم أنه لا يمكن احد ان يعزل الآخر من عروبته، وعندما اتخذت القمة العربية يوما قرارا بتعليق عضوية مصر في الجامعة لتوقيعها معاهدة كامب ديفيد مع اسرائيل، انما علقت عضوية النظام وليس انتماء مصر وشعبها الى الجامعة العربية".

ويلفت بري الى انه تلقى نسخة من برقية وجهها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الى الامين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي في السابع من الشهر الجاري يشجّع فيها المبادرة العربية ويدعو الى المضي في تنفيذها، ويحذر بشدة من اي محاولة لتدويل الازمة السورية.

مشاورات ميقاتي

في غضون ذلك، بدأ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي حملة دبلوماسية لشرح موقف لبنان في إجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب شملت عددا من الدبلوماسيين الأوروبيين والسفراء العرب، ومنهم سفيري مصر والأردن وسيستكملها اليوم بغية التوصل الى قراءة مشتركة للتطورات في المنطقة. ورفضت مصادره الإشارة الى تفاصيل اللقاءات مؤكدة أهمية التعرّف على مواقف هذه الدول والشرح لسفرائها الظروف التي أدت اتخاذ هذا الموقف اللبناني.

دعم الاسد

الى ذلك، قال مصدر أكثري لـنا ان الاحزاب والقوى الوطنية اللبنانية في لبنان هي في حال غليان على الساحة اللبنانية، ولفت الى ان المهرجان الذي اقامه الحزب السوري القومي الإجتماعي في الهرمل دعما للاسد هو باكورة سلسلة مهرجانات ستقيمها الاحزاب الحليفة في سوريا دعما لنظام الرئيس السوري، واستنكارا لقرار الجامعة.

مجلس وزراء

وعلى وقع هذا المشهد تلتئم جلسة مجلس الوزراء بعد ظهراليوم في السراي الحكومي الكبير، ونفى مصدر وزاري لـ"الجمهورية" وجود اي مادة ساخنة امام الوزراء، واعتبر "أن موقف وزير الخارجية عدنان منصور في القاهرة هو تعبير عن سياسة الحكومة التي تريد ان تنأى بلبنان عن الاحداث الجارية في سوريا، فالحكومة ترفض ان يكون لبنان ممرا او مستقراً لأي احداث ضد سوريا والاتفاقات المعقودة بين البلدين تفرض عليه ان يناصر سوريا في كل المحافل العربية والدولية، لذلك موقف منصور كان، اضافة الى انه تعبير عن سياسة الحكومة، ترجمة لمعاهدة الاخوة والتعاون والتنسيق بين البلدين، ولذلك لا نستطيع في هذه المسألة أن نتهاون ونخرق هذه الاتفاقية ونحوّل لبنان منصة للتآمر على سوريا أو نناصر في الحافل العربية والدولية الجهات التي تريد ان تضغط على سوريا وتعزز حالة الضغط القائم عليها.

إلاّ ان مصادر مطلعة ذكرت ان وزراء "جبهة النضال الوطني" سيثيرون في الجلسة سبل التوصل الى الموقف الذي اتخذه وزير الخارجية منصور في القاهرة بغية الوقوف على المناقشات التي ادت بلبنان الى إتخاذ الموقف الذي اعلنه وزير الخارجية والذي لم يلتق إلاّ مع وزير خارجية اليمن. علما ان منصور المعني بالسؤال سيكون من بين الوزراء الغائبين عن جلسة اليوم بسبب توجهه الى الرباط للمشاركة في منتدى التعاون التركي ـ العربي.

موقف 14 آذار

قال مرجع سياسي بارز في قوى 14 آذار أن الخلاف مع الشرعية الدولية كان متوقعا ومنتظرا من باب المحكمة الدولية، وليس في موضوع الأزمة السورية كما حصل مع معارضة لبنان قرارات الجامعة العربية، هذه المعارضة التي ثبتت أن الحكومة الميقاتية مسلوبة الإرادة ولا تمتلك قرارها، خصوصا أن القرارات العربية جاءت بشبه إجماع عربي حيث حظيت بموافقة ثماني عشرة دولة، ولم تلق معارضة إلاّ من لبنان الملحق بسوريا واليمن التي لا يختلف نظامها عن نظام الأسد، اضافة طبعا الى سوريا، فيما امتنع العراق عن التصويت".

ولفت المرجع "أن المحكمة الدولية، على أهميتها القيمية ومؤدياتها القضائية، باتت بمعنى من المعاني مجرد تفصيل أمام المشهد الذي يرتسم على مستوى المنطقة من الباب السوري، وبالتالي موقف الحكومة اللبنانية المخزي وضع لبنان خارج اللحظة السياسية، كذلك خارج طبيعة لبنان ودوره، مما سيعرضه لأن يكون خارج النظام العربي الجديد الذي يرتسم، وبالتالي أمام هذا الواقع بات السؤال عن استمرارية هذه الحكومة مشروعا، إذ هل من المسموح لحكومة مشلولة على كل المستويات وتعرض لبنان لعزلة عربية ودولية أن تستمر بعملها وكأن شيئا لم يكن؟

وأشار المرجع إلى أن الشعب السوري يعتبر الموقف اللبناني مخيبا للآمال ووصمة عار، خصوصا أن ميزة لبنان تكمن في هذه الحرية والديموقراطية التي يحاولون سلبه إياها في اللحظة التي تستعيد فيها الشعوب العربية حريتها وكرامتها.

واعتبر المرجع نفسه أن وضع لبنان في مواجهة الشرعية العربية لا يقل شأنا وأهمية عن وضعه في مواجهة الشرعية الدولية، خصوصا في ظل التكامل بين الشرعيتين، وبالتالي، معارضة الحكومة قرارات الجامعة العربية ما هو إلا بروفا عما سيحصل مع المحكمة الدولية، لأن من يغطي قرارا يضع لبنان خارج الشرعية العربية، لن يتوانى عن تغطية الإطاحة بالمحكمة الدولية ووضع لبنان خارج الشرعية الدولية تحت مبررات واهية وذرائع مكشوفة.
 

السابق
الراي: هل يقفز ميقاتي من المركب السوري مع هبوب العاصفة؟
التالي
النهار: واشنطن مرتاحة الى الضغوط على الأسد ولا تستبعد الخيار العسكري