النهار: واشنطن مرتاحة الى الضغوط على الأسد ولا تستبعد الخيار العسكري

تعرضت سوريا امس لمزيد من الضغوط الدولية والاقليمية، إذ قالت واشنطن ان كل الخيارات مطروحة لاسقاط النظام السوري بما فيها الخيار العسكري لكنها لم تصل الى "هذا الحد بعد". وأضاف الاتحاد الاوروبي خلال اجتماع لوزراء الخارجية لدوله في بروكسيل، 18 مسؤولاً جديداً على علاقة بقمع التظاهرات المطالبة بإسقاط النظام الى لائحة العقوبات ستنشر اسماؤهم اليوم، واعلنت أنقرة التي يجتمع وزير خارجيتها أحمد داود اوغلو مع وزراء الخارجية العرب في الرباط غداً انها ستتخذ أشد المواقف حزماً في حق دمشق بعدما اقتربت أكثر من "المجلس الوطني السوري" المعارض، واتخذ العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني بن الحسين موقفاً مفاجئاً بدعوته الرئيس السوري بشار الاسد الى التنحي.
وعشية دخول قرار جامعة الدول العربية تعليق مشاركة سوريا في اجتماعات الجامعة حيز التنفيذ، وصف وزير الخارجية السوري وليد المعلم قرار الجامعة بأنه "خطوة بالغة الخطورة". أما الامين العام للجامعة نبيل العربي فاجتمع في القاهرة مع وفد من المعارضة السورية ووفد من منظمات لحقوق الانسان للبحث في أليات حماية المدنيين في سوريا. وفي المقابل برز موقف لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اعتبر فيه قرار الجامعة الخاص بسوريا "غير صائب". كما دافعت الحكومة العراقية عن قرارها الامتناع عن التصويت على القرار، مبررة خطوتها بأن العراق يتأثر مباشرة بما يجري في سوريا. (راجع العرب والعالم)
وتزامنت الضغوط السياسية، مع تطور ميداني لافت، إذ قتل نحو 40 شخصاً في مواجهة بين الجيش ومتمردين في منطقة درعا على الحدود السورية – الاردنية.

 
المعلم
وقال المعلم ان القرار الذي اتخذته الجامعة العربية "مشين وخبيث لذلك يمكن ان نتوقع منه اشياء اخرى تبنى عليه". واضاف ان هذا القرار "ما كان ينبغي ان يصدر احتراماً للحقائق على الارض وما تمثله سوريا من مكان ثقل في العمل العربي المشترك وفي الامن القومي العربي". ووصف ان خطة اصدار القرار بأنها "مبيتة ومقررة والقرار الصادر غير قانوني" لأنه "يحتاج الى اجماع من كل الدول العربية … وهذا لم يحدث".
واكد ان القرار "وما تضمنه من بنود اخرى يشكل خطوة بالغة الخطورة على حاضر ومستقبل العمل العربي المشترك وعلى مقاصد مؤسسة جامعة الدول العربية ودورها". واقر بوجود "ازمة في سوريا" التي "تهب عليها عواصف تآمر من جهات عدة"، لافتا الى ان "سوريا الدولة بكل مكوناتها تدفع ثمن صلابة مواقفها وصدق عروبتها".
الا انه شدد على ان "سوريا لن تلين وستخرج من ازمتها قوية بفضل الاصلاحات الشاملة التي ستطال كل مناحي الحياة"، مشيراً الى ان "الوضع ليس في تصاعد بل نتجه نحو نهاية الازمة". وأفاد ان السلطات السورية "تتعامل مع ملفات الاصلاح والحوار وحقن دماء المواطنين بانفتاح تام وتدرك حجم المؤامرة من جهة وتدرك اهمية وحدة شعبها بكل مكوناته في مواجهتها".
وبعدما أقر بأنه "نحن مقصرون في موضوع الحوار وارجو ان نتدارك ذلك"، خلص الى ان "سوريا ستبقى على رغم ما يرميها به بعض الاشقاء قلب العروبة وحصنها الحصين وان التآمر على سوريا مصيره الفشل".
واستبعد تدويل الازمة السورية بفضل موقف روسيا والصين.
وردا على سؤال قال ان "الموقف الروسي والصيني الذي حظي بشكر وامتنان شعبنا لن يتغير ما دمنا على تنسيق وتشاور". وأعلن انه "لا حدود لتعزيز علاقاتنا مع روسيا لتكون انموذجاً للعلاقات الاستراتيجية وفي مختلف المجالات". وأكد ان "السيناريو الليبي لن يتكرر في سوريا … إذ لا مبرر كي يتكرر هذا السيناريو وما يجري في سوريا مختلف عما كان يجري في ليبيا".

500 مراقب
¶ في القاهرة، صرح الامين العام للجنة الاغاثة والطوارئ في اتحاد الاطباء العرب ابرهيم الزعفراني بعد اجتماع بين الامين العام لجامعة الدول العربية وممثلين للمنظمات العربية المعنية بحقوق الانسان، بأنه تم الاتفاق على تشكيل وفد يضم 500 من ممثلي المنظمات العربية ووسائل الاعلام والعسكريين للذهاب الى سوريا ورصد الواقع هناك على ان يحدد وزراء الخارجية العرب موعد هذه الزيارة وترتيباتها خلال اجتماعهم الاربعاء في الرباط.
وسبق لدمشق ان رحبت الاحد باستقبال لجنة مراقبين من الجامعة العربية وبأن تصطحب اللجنة "من تراه ملائماً من مراقبين وخبراء مدنيين وعسكريين من دول اللجنة ومن وسائل اعلام عربية للاطلاع المباشر على ما يجرى على الارض والاشراف على تنفيذ المبادرة العربية بالتعاون مع الحكومة والسلطات السورية المعنية".
وقال الزعفراني بعد الاجتماع بأن المشاركين فيه "أحيطوا علماً برسالة وزير خارجية سوريا وليد المعلم التي تسلمها الامين العام للجامعة وتتضمن موافقة النظام السوري على حضور الآليات العربية وأن تضم عسكريين ايضا".
واضاف انه "تم تكليف أحد المختصين وضع تصور لبروتوكول ليراقب الوفد العربي الوضع السوري على أساسه على ان يوقعه النظام السوري لضمان حماية المراقبين وتمكينهم من حرية الحركة ومقابلة كل الاطياف السورية بمختلف انتماءاتها وفي كل المدن مع توفير ضمانات الحرية والحماية". ثم قال: "سنذهب الى كل الاماكن لاعداد تقارير عن اوضاع المدنيين وسبل حمايتهم ورفعها الى وزراء الخارجية العرب".
وأوضح ان "وفد الجامعة العربية سيضم حقوقيين واغاثيين واعلاميين وعسكريين"، وان "المنظمات التي حضرت الاجتماع الاثنين وستشارك في ايفاد المراقبين الى سوريا هي منظمات حقوقية كبيرة ولها خبرة واسعة في مجال الرقابة الدولية في مناطق النزاعات المسلحة".
ولاحقاً، أكد العربي عقب اجتماع مع وفد من "المجلس الوطني السوري" برئاسة الناطقة باسم المجلس بسمة قضماني، "أنه لن يذهب أحد من وفود المنظمات العربية المعنية بحماية المدنيين إلى سوريا إلا بعد توقيع مذكرة تفاهم واضحة مع الحكومة السورية تتحدَّد بها التزامات كل طرف وحقوقه وواجباته".
وقال إنه "تلقى رسالة من وزير الخارجية السوري وليد المعلم تتضمن دعوة الرئيس السوري بشار الأسد لعقد قمة عربية طارئة للبحث في الأزمة السورية"، مشيراً إلى أنه "تم تعميم هذه الرسالة على الرؤساء والملوك والأمراء العرب لاستطلاع آرائهم وفقاً لنظام الجامعة العربية الذي يتطلب موافقة ثلثي الأعضاء في الجامعة على عقد قمة طارئة".

عشرات القتلى
ميدانياً، قال ناشطون محليون إن 40 سوريا على الأقل قتلوا في معارك بين الجيش السوري ومتمردين في خربة الغزالة بمحافظة درعا قرب الحدود مع الأردن، في أول مشهد مقاومة مسلحة كبرى للنظام السوري في المنطقة.
واضافوا أن قوات الجيش تدعمهم مدرعات قتلت 20 شخصاً بين منشق عن الجيش ومتمرد ومدني في هجوم على البلدة وفي معارك أعقبت ذلك قرب البلدة. وأضافوا أن عدداً مماثلاً من الجنود قتل.
ونقلت قناة "العربية" السعودية التي تتخذ دبي مقراً لها عن لجان التنسيق المحلية السورية أن عدد قتلى التظاهرات برصاص قوى الامن قد ارتفع الى 30 شخصاً في عدد من المدن.
ونقلت عن الناطق باسم "مجلس الثورة السورية" في محافظة حمص خالد أبو صلاح أن "حي بابا عمرو شهد سقوط أكثر من 116 شهيدا واعتقال اكثر من 1128 منذ اندلاع الثورة السورية في آذار الماضي".
واعلن المرصد السوري لحقوق الانسان أن جثث خمسة من أفراد الجيش السوري بينهم ضابط عُثر عليها قرب معسكر الشبيبة في بلدة النيرب بمحافظة ادلب.
الى ذلك، قال مركز التواصل والأبحاث الاستراتيجية السوري ان عدد القتلى تجاوز 4413، بينهم 282 طفلا و197 إمرأة. وتجاوز عدد المفقودين 40 ألفاً، أما القتلى تحت التعذيب فبلغ عددهم 121 شخصاً، وعدد المعتقلين حتى الآن 50 ألفاً.

واشنطن
¶ في واشنطن، لاحظ الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية مارك تونر ان "المجتمع الدولي والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي والجامعة العربية ودولا مثل تركيا باتت تعتمد لهجة اكثر تشددا حيال" النظام السوري. وقال: "لا شك في اننا نشهد توافقاً اقوى في المواقف المعارضة للاسد وتصرفات النظام" السوري. واكد ان واشنطن ستواصل المشاورات من اجل "زيادة الضغوط على الاسد".
وعن الخيار العسكري، قال ان الجهد الاميركي ينصب على تشديد العقوبات الاقتصادية والسياسية. "انكم تستبقون الامور. لم نصل الى هذا بعد… حتى لو كنا لا نستبعد أي خيار"، مستعملاً لهجة ديبلوماسية تعني ان الخيار العسكري ليس مستبعداً. وندد بمهاجمة السفارتين السعودية والقطرية في دمشق والقنصليتين الفرنسية والتركية في اللاذقية وحلب. وكرر أن الأسد فقد شرعيته وان عليه أن يرحل.

الأمم المتحدة
¶ نيويورك (علي بردى) تريث أعضاء مجلس الأمن في معاودة مشاوراتهم في شأن الأوضاع المتدهورة في سوريا، انتظاراً لما ستفضي اليه جهود جامعة الدول العربية مع اقتراب انتهاء مهلتها المحددة لدمشق غداً من أجل تطبيق بنود المبادرة العربية، بالتزامن مع استعدادات موازية للتصويت في اللجنة الثالثة للجمعية العمومية للأمم المتحدة على مشروع قرار لا سابق له أعدته ألمانيا وفرنسا وبريطانيا عن "حال حقوق الإنسان في الجمهورية العربية السورية".
وأبلغ ديبلوماسيون غربيون "النهار" أن أعضاء مجلس الأمن "يرغبون في اعطاء الوقت الكافي للمبادرة العربية لمعرفة ما إذا كانت السلطات السورية ستوقف حملاتها العنيفة على المدنيين السوريين". ووصف أحدهم قرار تجميد مشاركة سوريا في اجتماعات الجامعة ومنظماتها المختلفة ابتداء من الأربعاء بأنه "رسالة واضحة وقوية" الى الرئيس الأسد بأنه "يجب عليه أن يوقف العنف فوراً وأن يسمح بدخول بعثات انسانية واعلامية الى سوريا".
وأفاد ديبلومسيون صينيون وهنود وأفارقة أنهم "لم يتلقوا تعليمات جديدة عن امكان اتخاذ أي موقف من مجلس الأمن".
غير أن ديبلوماسياً أوروبياً أوضح أن ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تنتظر نتائج اجتماع اللجنة الوزارية العربية غداً في الرباط لمعرفة ما ستؤول اليه جهودها حيال الأوضاع في سوريا. وإذ أشار الى أن "الأولوية تبقى للمبادرة العربية"، كشف أنه "اذا لم يلتزم الأسد ما تعهده، فإن الدول الثلاث ستقدم الخميس مشروع قرار الى اللجنة الثالثة للجمعية العمومية المعنية بـ"تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها: حالات حقوق الإنسان والتقارير المقدمة من المقررين والممثلين الخاصين" وتحت عنوان "الحال في سوريا"، علماً أن الخميس هو الموعد الأخير لتقديم أي مشروع قرار الى اللجنة الثالثة.
وينص القرار الذي حصلت "النهار" على نسخة منه على أن الجمعية العمومية "ترحب بالجهود التي تبذلها جامعة الدول العربية من أجل وضع حد فوري لكل أعمال العنف وبدء حوار شامل بين المعارضة السورية والسلطات السورية". وتناشد "السلطات السورية أن تضع حداً فورياً لكل انتهاكات حقوق الإنسان وتحمي السكان وتوقف على الفور كل أعمال العنف في سوريا". وتحضها على "التعاون مع اللجنة الوزارية التي أنشأتها جامعة الدول العربية" وكذلك على "التعاون مع لجنة تقصي الحقائق" التي ألفها مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في آب الماضي. 

السابق
الجمهورية: 500 مراقب عربي الى سوريا بشروط و تركيا تعتزم اتخاذ اكثر المواقف تشددا
التالي
تهديد امني للبنان ..