المضاربات العقارية قد تهجّر من تبقى من أهالي بنت جبيل ومرجعيون

تتزامن عملية التحديد والتحرير الالزامي التي تشهدها بعض القرى والبلدات الجنوبية في قضاءي بنت جبيل ومرجعيون، مع حركة لافتة وغريبة لشراء وبيع الأراضي، التي لا تزال أسعارها ترتفع بشكل جنوني. ويبدو أن العديد من رجال الأعمال قد تفرّغوا لهذا النوع من التجارة "كون عملية بيع وشراء العقارات قبل انجاز المسح العقاري الالزامي سهلة وغير مقيّدة، ولا تخضع للرسوم والروتين الاداري، ما يعني أن علينا استغلال الوقت لتحقيق أكبر قدر من الأرباح"، يقول التاجر علي صولي، من بلدة الطيبة في مرجعيون، ويؤكد أن "أسعار الأراضي لا تزال تتضاعف، ويحقق التجار من ورائها أرباحاً خيالية". ويلفت الى أن "عشرات المواطنين يعملون في هذه التجارة الجديدة، والطلب على الأراضي يزداد بشكل لافت، حتى بات البحث عن الأراضي عملية دقيقة وصعبة في ظلّ ارتفاع الأسعار المذهل وزيادة طمع الأهالي في كسب المال الوفير من وراء بيعها".

علي ابراهيم، من بلدة عيناتا، يشير الى أن "ظاهرة شراء الأراضي وبيعها أصبحت الشغل الشاغل للأهالي، الذين يتناقلون دائماً قصص الأغنياء الجدد الذين حققوا الأرباح الخيالية من وراء هذه التجارة المربحة، حتى أن العديد منهم ترك أعماله الاعتيادية وانصرف الى البحث عن الأراضي للمتاجرة بها. كما انتشرت مهنة السمسرة، التي يساهم أصحابها في زيادة ارتفاع أسعار الأراضي"، ويبيّن ابرهيم أن "متوسط سعر دونم الأرض ارتفع في الشهرين الأخيرين في البلدة ومحيطها من 20 ألف دولار أميركي الى 50 ألف دولار، كما تقلّصت مساحات الأراضي المهملة والمتروكة، التي عمد أصحابها الى تحسينها وجرفها لتلفت أنظار رجال المال، سيما من المغتربين الذين يدفعون الأموال الطائلة لشرائها، حتى أن اللاّفت دخول عمالقة التجار في الجنوب والبقاع الى المنطقة من خلال شراء الأراضي عبر سماسرة مجهولين ما ساهم أيضاً في ارتفاع الأسعار".

في السياق عينه تهافت الأغنياء على شراء ما تبقّى من الأراضي الملاصقة للطرق العامة، سيما في بلدات شقرا وبنت جبيل وكونين وبرعشيت وصفد البطيخ، وعمد معظمهم الى بناء المحلاّت التجارية والشقق السكنية، حتى وصل سعر دونم الأرض الى 150 ألف دولار أميركي في بعض البلدات. وارتفعت بدلات ايجار المحال التجارية من مئة دولار في العام الماضي الى ما يقارب 300 دولار أو ما يزيد عن ذلك، كما حصل في بنت جبيل، حيث انتشرت المباني التجارية الكبيرة والمميزة، ووصل بدل ايجار المحل التجاري، بحسب التاجر فؤاد بزي، "الى 500 دولار أميركي عند مدخل بنت جبيل، وثمن الشقة السكنية اقترب من المئة ألف دولار".

ويعتبر بزي أن "هذه الأسعار خيالية ومرعبة، سيما بالنسبة لأبناء المنطقة المقيمين، والذين يعتمدون في أرزاقهم على الزراعة والوظائف العامة والخاصة، ما يعني أن ذلك قد يجبر ما تبقى من الأهالي، الذين هاجر أو نزح أكثر من 80% منهم خلال سنوات الاحتلال، الى الهجرة"!!  

السابق
الانباء: معادلة جنبلاطية إما التمويل أو الانسحاب من الأكثرية
التالي
إسرائيل تغلق مؤسستين فلسطينيتين بالقدس