عن رحلتي في بلاد الأميركان (4): لمن يهمه الأمر… هوليوود قصة خرافية بامتياز

"نحنا بهوليوود"… هكذا صرخنا حين وصلنا إلى مطار لوس انجلوس الدولي، بعد رحلة طويلة قضيناها نحلم برؤية كل ما نراه في الافلام والاعلانات عن تلك المنطقة وما تحويها من أهمية في جذب الآف مشاهير العالم من مختلف المجالات، وبشكل أساسي الممثلين الذين يتنافسون للوصول إلى ذاك الشارع لطباعة اسمهم وتأريخه ليصبح أكثر تداولاً بين العالمين العربي والغربي.

وصلنا إلى الفندق المجاور للشارع الهوليوودي الشهير، وما كدنا نصل حتى رمينا أمتعتنا راكضين وراء حلمنا المرسوم في مخيلتنا عبر وسائل الاعلام منذ عشرات السنين.

الشارع العريض، الحاضن عشرات النجوم لأهم مشاهير العالم من ممثلين ومطربين، جميعها كانت حاضرة للقاءنا، ولقاء المئات من المارين: سواح من كافة اقطار العالم يأتون الى ذاك الشارع، فترى بعضهم يقف لالتقاط صورة اسم نجمه المفضل، والبعض الآخر تجده مستلقيا على الارض إلى جانب النجمة التي تمثل الشخصية التي يحبها، ومنهم من يذهب الى ابعد من ذلك فتراهم يصرخون بأعلى اصواتهم بأنهم وجدوا ضالتهم، وجدوا النجمة الحاضنة لاسم ممثلهم او مطربهم. 



وهناك من يتسابق لقياس حجم يده او رجله اذا ما كانت احداها تتناسب وتلك المحفورة على الارض، تلك التي تعود الى احد المشاهير. والشارع الهوليودي يكثر فيه المشاهير المزيفون، الذين يعرضون التصور معهم مقابل المال، فترى مارلين مونرو وسبايديرمان وزورو وبروس لي وغيرها من الشخصيات، تراهم يقلدون اعمالهم ويقومون بحركاتهم التي تميزهم، فسبايديرمان يقفز ويتسلق عمود الكهرباء، اما مونرو فتقف بفستانها الابيض المتتطاير بمروحة مزيفة، وافلام الرعب ايضا حاضرة هناك، فدراكولا يهاجم ويدغدغ رقبة من اختاره وسكين "سكريم" جاهز لمواجهة المارين. مشاهير مزيفون يقلدون الاصليين ويعملون على جذب السواح لالتقاط الصور معهم لقاء القليل من المال. تصرفات عفوية وتلقائية لاشخاص قاصدين التسلية وتحقيق الحلم ….. حلم في الحقيقة بات فارغا نسبيا مقارنة بالصور الاعلامية الضخمة التي كانت موجودة سابقا.

فالشارع المضاء بالنجوم الهوليودية والمزين بتمثال من الفضة والمحاط بعشرات المطاعم من كل صنف ونوع، والمحلات ومتاحف الشمع لأهم النجوم… وقد تم تكريم النجم داني ديفيتو مؤخرا في نفس المكان، واضعا نجمة باسمه على ذاك الرصيف، وهو كان في حيرة إذا ما كان عليه أن يأخذ النجمة الي البيت ليلمعها كل يوم، وكل ذلك موجود ولكن الواقع اقل بكثير من الدعاية، فالمشاهير ونجومهم يتحولون الى طريق عام يمر فوقها الجميع داعسين بأقدامهم على اهم وابرز الشخصيات العالمية.

هذا والنجوم جميعها تغرق ببقايا الاطعمة والشراب المتساقطة من المارين الخارجين من صف المطاعم المتواجد على طول الطريق.

فوق كل ذلك فإن اعداد المتسولين والمشردين الكبيرة تشوه الساحة العامة، وتضغط على المارين وقد تصل الى حد اخافتهم، فهناك العديد من الحدائق العامة، والممرات المطفأة التي يتحاشى السواح والافراد المرور منها بعد الساعة الحادية عشر ليلا خوفا من ان يهاجمهم احد المشردين، او ان تقوم احدى العصابات بسرقة الاموال منهم او الاعتداء عليهم.

قصص ومغامرات تصادفها في كل لحظة في ذاك الشارع الهوليودي الذي يزيد كل يوم نجمة. فمنذ اسبوع اقيم حفل كبير وفرش السجاد الاحمر وانير تمثال المشاهير وتم اضافه نجمة جديدة لديفيتو الحائر بالتلميع، والحقيقة انه سيحتاج لهذا الامر لان النجمة ستصبح بعد اسابيع معبرا لالاف الاقدام، ومكانا يلتصق به الزيوت والاطعمة.

قد يكون لهوليود خاصيها الفنية الكبيرة والمهمة في عالم الافلام العالمية وقد يكون لذلك الشارع خصوصيته الجاذبة لمئات الالاف كي يأتوا ليروا ما يمكن رؤيته، وقد تتمنى ان يظهر بالصدفة احد المشاهير لالتقاط صورة معه، او حتى الاكتفاء بالتقاط صورة مع شبيه له، ومزيف يقلده.. كل ذاك لان الدعاية الهوليوودية تفوق اي شيء آخر وتلغي حتى الواقع وتحوله الى حلم، ليس حقيقيا إطلاقا، يبحث عنه كل من يراه او سيسمع به. 

السابق
هل ارتكب جوبيه وغوتيرون زلّتي لسان؟
التالي
بلى.. تستحق الاعتذار وأكثر