الجمهورية: سليمان سمع من نجاد تحفّظا عن الأسد

قال ديبلوماسي عامل في بيروت لـ"الجمهورية" أنّ "رئيس الحكومة نجيب ميقاتي نجح نسبيا، من خلال لقاءاته على هامش الدورة السادسة والستين للأمم المتحدة، في اعادة رسم الصورة النمطية التي وضعها الغرب له ابان قبوله ترؤس حكومته الثانية على انقاض حكومة الرئيس سعد الحريري. ولفت الى ان هذا الانطباع الذي تتشارك فيه اكثر من بعثة ديبلوماسية عززته حفاوة استثنائية، أميركية تحديدا، أحاطت به، واعتُبرت رسالة انفتاح مشروط، مرتبطة حصرا بملفَي تمويل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان والتزام لبنان العقوبات الاقتصادية والمالية ـ المصرفية على سوريا، وهما الملفان اللذان قدّم فيهما ميقاتي ما يريد المجتمع الدولي سماعه".

وأضاف: "كان واضحا أنّ ما أعطاه الأميركيون الى ميقاتي عائد الى التزامات قطعها علنا في مجلس الامن الدولي، وفي لقاءاته مع المسؤولين الاميركيين، وخصوصا مع وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون، حيال ملف تمويل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، وهو الامر الذي سبقه اليه كذلك رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان في كلمته امام الجمعية العمومية للامم المتحدة.

وقال المصدر نفسه: "لا ريب ان كلام كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة قاربه المجتمع الدولي بتمعن، في إعتبار انه جاء لحسم الجدل اللبناني حول تمويل المحكمة، وخصوصا حول شرعية او قانونية بروتوكول انشائها الذي صدر بقرار في مجلس الامن بعدما تعذر اقراره في مجلس النواب اللبناني وتوقيع الرئيس السابق للجمهورية اميل لحود عليه بفعل الظرف السياسي الذي كان سائدا في تلك المرحلة من توقف المجلس النيابي الى الاشتباك بين لحود وحكومة الرئيس فؤاد السنيورة في منتصف الولاية الرئاسية الممددة.

واشار المصدر الى ان هذا الواقع الذي كرّسه سليمان وميقاتي سيكون موضع متابعة دولية نظرا الى انه يتمايز عن معظم المناخ الذي تشيعه قوى الثامن من آذار، لكن الاهم انه سيكون من بين الحجج الدولية التي ستطرح في آذار 2012 موعد استحقاق تجديد بروتوكول انشاء المحكمة، مع الاشارة الى ان رئيس الحكومة سبق له في لقاءاته النيويوركية ان تحدث بخفر عن امكان مناقشة، لا تثبيت او اقرار، بعض الملاحظات اللبنانية على هذا الاتفاق عند بدء البحث في تجديده مطلع الربيع المقبل.

وفي اطار متصل، كشف الديبلوماسي البارز "ان واشنطن، لم تغفل اللقاءات التي أجراها رئيس الجمهورية على هامش اعمال الجمعية العمومية للامم المتحدة، من بينها اجتماع الـ 60 دقيقة الذي جمعه بالرئيس الايراني محمود احمدي نجاد، نظرا الى ما احيط بهذا اللقاء من استنتاجات، بعضها مرتبط بالموقف الايراني من التطورات في المنطقة، وبعضها الآخر على صلة وثيقة بحركة الاصطفافات الحاصلة في بيروت والمرتبطة، على ما يبدو، بتموضع رئاسي ايراني جديد على مستوى المشرق العربي". وينقل هذا الدبلوماسي عن مصادر في الوفد الرئاسي اللبناني بعضا من مداولات الاجتماع اللبناني ـ الايراني، فيشير الى "أن نجاد استحوذ على غالبية الحديث، فتكلم لنحو 45 دقيقة، شارحا وجهة نظره من التطورات في سوريا، ومبرزا تحفّظا حيال أداء الرئيس بشار الاسد في مواجهة الاحداث الحاصلة، وخصوصا في مسألة الالتزامات الاصلاحية، التي سمعها نجاد شخصيا في الزيارة السرية التي قام بها الرئيس السوري مطلع ايلول الجاري ( تحدثت عنها صحيفتا "الزمان" العراقية، و"هآرتس" الاسرائيلية، عدد التاسع من ايلول)، والتقى خلالها المرشد الاعلى الامام علي خامنئي في حضور الرئيس الايراني، وسمع نصيحة بعدم إقفال الباب أمام المبادرة العربية لحل الأزمة في سوريا، والتفاوض إيجابا مع جامعة الدول العربية".
 
ويرى الديبلوماسي "ان هذا الموقف الايراني متقدم، وإن كان لا يعكس بالضرورة إجماعا في القيادة، لكنه يظهر وجود نقاش وحراك ايراني داخلي حيال التعاطي مع الأحداث في سوريا، من دلائله التصريحات المتتالية لكلّ من نجاد (دعا الاربعاء في 24 آب دمشق الى التوصّل الى "حل بعيد عن العنف" مع المعارضين، معتبرا ان العنف "يخدم مصالح الصهاينة") ووزير خارجيته علي اكبر صالحي (حَضّ السبت في 27 آب الحكومة السورية على أن تلبّي "المطالب المشروعة لشعبها"، محذرا في الوقت نفسه من أنّ سقوط الرئيس بشار الاسد سيولّد فراغا سياسيا)، وهي تصريحات أعقبت اللقاءات التي جمعت مسؤولين ايرانيين بقياديين في المعارضة السورية".

ويكشف الديبلوماسي "ان بعثة بلاده في بيروت تلقّت معلومات عن مفاوضات اميركية – ايرانية مستعادة بعنوان تخصيب اليورانيوم، تتناول الدور الايراني المتخيَّل في اقليم المتوسط، وسط رغبة طهران بـ "المبادرة نحو خطوات ايجابية قبل تفَشّي حركة الاعتراضات التي بدأت عوارضها في منطقة الاهواز"، لافتا في الوقت عينه "الى وجود تبايُن بين القيادة و"الحرس الثوري" في مقاربة مسألة المفاوضات والدور الايراني المفترض في المنطقة، ربطا ببعض العناصر التفاوضية في لبنان وسوريا وفلسطين والعراق".

ويتحدث الدبلوماسي "عن تقدّم في المفاوضات، من مؤشراته إعادة تمَوضع حركة "حماس" وذهابها الى الخيار المصري، وإعلان الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر وقف العمليات ضد القوات الاميركية، وحركة التموضعات اللبنانية التي ظهرت اخيرا في غير مفصل سياسي، كملف الكهرباء الذي أبرز اتجاهات متباينة في قوى الثامن من آذار والكتلة الوسطية الميقاتية".

ويتساءل الديبلوماسي "عن صحة المعطيات ودقتها عن وجود اصطفافين في صفوف الفريق الحاكم: الرؤساء الثلاثة زائدا رئيس "جبهة النضال الوطني"، في مقابل "حزب الله" ورئيس تكتل "الإصلاح والتغيير" النائب ميشال عون، وعن مدى ارتباط الاصطفافين بإعادة التموضع الايراني تجاه القيادة السورية اولا، وتجاه سياستها العربية ثانيا". 

السابق
نظام إقليمي جديد يتشكَّل
التالي
حزب الله وفريقه يعكفان على جردة المكاسب