السفير: المتظاهرون يقتحمون سفارة إسرائيل … ويسقطون عَلمها مصـر: الـقـوى المدنـيـة تعـيـد الـتـوازن إلـى الشـارع

نجحت القوى السياسية المدنية في مصر، أمس، في إعادة التوازن للشارع، بعد التظاهرة الحاشدة التي نظمها الإسلاميون يوم التاسع والعشرين من تموز الماضي، إذ تمكنت من حشد عشرات الآلاف في ميدان التحرير في القاهرة، وفي بقية المحافظات المصرية، في تظاهرات حملت شعار «جمعة تصحيح المسار»، وتوجت مساءً بتحرك شعبي أمام السفارة الإسرائيلية نجح المشاركون فيه في هدم الجدار الخرساني الذي أقيم خلال الأيام الماضية لحمايتها، وتمكنوا ليلاً من اقتحامها.
وتوافد عشرات الآلاف، يوم أمس، إلى ميدان التحرير في ما سمي بـ«جمعة تصحيح المسار»، بمشاركة 25حزباً وائتلافاً سياسياً، في ما اعتبر رسالة مزدوجة لكل من المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يحكم البلاد منذ تنحي الرئيس المخلوع حسني مبارك في 11 شباط الماضي، وللقوى الإسلامية، التي سعت في تظاهرة 29 تموز الماضي، والتي يسميها البعض «جمعة قندهار»، إلى استعراض قوتها في الشارع.
ولعل الشعارات التي رفعت في تظاهرة امس، والهتافات التي أطلقت خلالها، قد عكست إلى حد كبير هاتين الرسالتين. فقد ردد المتظاهرون في ميدان التحرير هتافات من بينها «يسقط يسقط حكم العسكر»، و«حكم العسكر باطل… والمشير باطل»، و«شلينا مبارك جبنا مشير… مش حاسين بالتغيير» في إشارة إلى رئيس المجلس العسكري المشير حسين طنطاوي، و«الميدان مليان مليان… من غير عسكر ولا إخوان»، و«الإخوان فين… الميدان أهو»، بالإضافة إلى شعارات «التغيير مشروع مشروع… ضد الظلم وضد الجوع»، و«كلمة واحدة وغيرها ما فيش… السياسة مش للجيش»، و«واحد إتنين تسليم السلطة فين»، و«الثورة رجعت للميدان من غير مشاركة الإخوان».
وطالب المحتجون بالوقف الفوري لجميع المحاكمات العسكرية وتحويلها إلى مدنية، والالتزام بجدول زمني لتسليم إدارة شؤون البلاد لسلطة مدنية منتخبة، كما دعوا المجلس العسكري إلى اتخاذ إجراءات حاسمة لإعادة ضبط الأمن في الشارع المصري، والقضاء على ظاهرة البلطجة، بالإضافة إلى وقف المحاكمات العسكرية للمدنيين، وضمان استقلال القضاء.
وفيما قاطعت الأحزاب والقوى الإسلامية هذه التظاهرة، بدا واضحاً أن العديد من الشباب المنتمين لهذه القوى، وخصوصاً جماعة «الإخوان المسلمين»، قد تحدوا قرار قيادتهم، وشاركوا في التظاهرات. كما كان لافتاً الزخم الذي شهدته التظاهرات، وخصوصاً في القاهرة، بعدما قرر مشجعو «النادي الأهلي» المشاركة فيها رداً على القمع الذي تعرضوا له على أيدي قوات الشرطة خلال مباراة رياضية مساء يوم الثلاثاء الأربعاء الماضي، وقد انضم إليهم لاحقاً مشجعو «نادي الزمالك»، في لفتة تضامنية.
وبحسب صحيفة «الدستور الأصلي» فإن أعداد المتظاهرين في ميدان التحرير وصل إلى قرابة النصف مليون متظاهر، وذلك بعد انضمام العديد من المشاركين في مسيرات متفرقة إلى المتظاهرين في الميدان.
ووصلت إلى ميدان التحرير مسيرة انطلقت من مسجد الاستقامة في ميدان الجيزة، وانضمت إليها تظاهرة أخرى انطلقت من جامعة القاهرة، قبل أن تنضم إلى تظاهرة أخرى قادمة من حي الدقي.
كما وصلت مسيرة بالآلاف قادمة من شبرا مرورا بشارع رمسيس، بالإضافة إلى مسيرة انطلقت من مسجد النور في العباسية، وأخرى انطلقت من مسجد الفتح، ومسيرة أخرى قادمة من مصر الجديدة.
كذلك، توافد الآلاف إلى الميدان قادمين من محافظات مصرية، على رأسها أسيوط والإسماعيلية والشرقية.
وتميزت «جمعة تصحيح المسار» بأنها لم تقتصر في القاهرة على ميدان التحرير، إذ انطلق المتظاهرون باتجاه دار القضاء العالي عبر شوارع وسط البلد ومنطقة الانتخانة وشارع شامبليون، للمطالبة بتطهير القضاء وعزل النائب العام.
كما انطلقت مسيرة أخرى باتجاه وزارة الداخلية حيث حدثت
مواجهات محدودة بين عدد من المتظاهرين وأصحاب المحلات التجارية في المنطقة، فيما عمد بعض المحتجين، إلى تحطيم شعار وزارة الداخلية أمام مقر الوزارة، فيما أضاف آخرون كلمة «الملابس» على شعار الوزارة، لتصبح «وزارة الملابس الداخلية»، من دون أن يتضح ما إذا كانوا من المتظاهرين أو من فلول الحزب الوطني، خصوصاً أن عدداً من الشهود أفاد بأن عدداً من الموالين لمبارك، ممن كانوا يهتفون باسمه أمام أكاديمية الشرطة خلال جلسات محاكمته، قد تواجدوا في المكان ذاته، فيما ذكرت مصادر في ائتلاف شباب الثورة إن المتظاهرين شكلوا لجاناً شعبية، وتوجهوا إلى مقر الوزارة لحمايتها من المندسين.
وذكر التلفزيون المصري، كذلك، أن حشوداً من المتظاهرين تجمعوا أمام مبنى الإذاعة والتلفزيون (مبنى ماسبيرو).
وكان لافتاً، أن عددا كبيراً من الفلاحين تجاهل الاحتفالات التي أقيمت في استاد القاهرة تحت رعاية المجلس العسكري لمناسبة «عيد الفلاح»، حيث انضمت مسيرة للفلاحين إلى الثوار في ميــدان التحرير، فيما تردد أن الاحتفال الرسمي شهد حــالة من الغضب في أوساط المشاركين، بعدما أرغم العــديد من موظفي وزارة الزراعة، من خلال بلاغ رسمي تــناقلته المواقع الالكترونية أمس الأول، على المشــاركة في الاحتفالية تلك.
وفي الإسكندرية تظاهر عشرات الآلاف أمام مسجد القائد إبراهيم، عقب انتهاء صلاة الجمعة، التي خطب فيها الشيخ أحمد المحلاوي، القريب من «الإخوان». وتوجهت مسيرة فرعية باتجاه قيادة المنطقة الشمالية في الجيش المصري، حيث ردد المتظاهرون شعارات، من بينها «أحلف بسماها وبترابها.. المجلس هو اللي خربها».
وفي السويس، ردد آلاف المتظاهرين هتافات من بينها «عدّا بدل الشهر ستة… والفساد في كل حتة»، «آدي مفهومهم للتغيير… سجن صغير يبقى كبير». وقال ناشطون إن قوات من الجيش ألقت القبض على أربعة من زملائهم لكنها أطلقت سراحهم بعد فترة من الوقت. وقال ناشط إن قوات الشرطة العسكرية سحلتهم على الأرض وإن إصابات طفيفة لحقت بهم.
السفارة الإسرائيلية
ومن ميدان التحرير، انطلقت مساء تظاهرة باتجاه مبنى السفارة الإسرائيلية في القاهرة. ونجح المتظاهرون في إسقاط جزء كبير من الجدار الخرساني المحيط بالمبنى. وكانت السلطات المصرية قد قامت ببناء هذا الجدار إثر التظاهرات المطالبة بطرد السفير الإسرائيلي في أعقاب استشهاد خمسة جنود مصريين برصاص القوات الإسرائيلية في سيناء.
وللمرة الثانية، تمكن أحد المحتجين من إنزال علم إسرائيل فوق مبنى السفارة، بعدما تسلق وثلاثة آخرين 20 طابقاً في هذا المبنى. وكان الشاب أحمد الشحات قد تمكن من إنزال العلم الإسرائيلي ورفع مكانه العلم المصري، في خطوة مشابهة.
ووقعت مواجهات بين المتــظاهرين وقوات الجيش والشرطة والأمن، بعدما تحــركت مدرعـات تابعة للأمن المركزي من مديرية أمن الجيزة، التي تبعد نحو 300 متر عن مقر السفارة، صوب المتظاهرين، فاتجه عدد منهم نحوها ومنعوها من الوصول إلى محيط السفارة.
وأثناء تراجع سيارات الأمن المركزي اشتبك عدد من المتظاهرين مع مجندين وتبادلوا رشق الحجارة، لكن سرعان ما انسحبت سيارات الأمن المركزي.
وأثناء عودة المتظاهرين اشتبكوا مع قوات الشرطة العسكرية المكلفة بحماية السفارة السعودية، بعد أن أصابت حجارة سيارات تابعة للسفارة، لكن سرعان ما هدأت حدة المواجهات. 
وليلاً، تمكن عدد من المتظاهرين من اقتحام مقر السفارة الإسرائيلية من خلال شرفات الطابق 18 للمبنى السكني الذي تشغل السفارة ثلاثة طوابق منه، وقام المتظاهرون بإلقاء أوراق تتضمن بيانات وُصفت بالسرية عن أرصدة مصرفية وتعاملات مع الحكومة المصرية، ومن بينها وثيقة تم تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهي طلب وجهته السفارة الإسرائيلية للحكومة المصرية للسماح لوالدة الجاسوس عزام عزام بزيارته.
كما روى شهود عبر موقعي «فيسبوك» و«تويتر» أن المتظاهرين تمكنوا من تحطيم باب السفارة وإلقائه في الشارع. وإثر ذلك، أضرمت النيران في حديقة الأورمان المقابلة لمقر السفارة في حي الجيزة.
وتحدث شهود عيان عن مواجهات عنيفة وقعت فجراً بين المتظاهرين وقوات الأمن المركزي، بعدما دهست إحدى سيارات الشرطة عدداً من المتظاهرين، مشيرين إلى أن قوات الأمن استخدمت قنابل الغاز المسيل للدموع ضد المتظاهرين الذين هاجموا مقر مديرية أمن الجيزة، الذي تصاعد الدخان من داخله.
كما هاجم محتجون السفارة السعودية، حيث تمّ إحراق عدد من السيارات أمامها.
واسفرت المواجهات عن اصابة نحو مئة شخص فيما ترددت معلومات عن سقوط قتيل.
في هذا الوقت، نقلت الإذاعة الإسرائيلية عن نائب وزير الخارجية داني أيالون القول إن السفارة شاغرة، حيث أن الدبلوماسيين الإسرائيليين في منازلهم ولا يُخشى على حياتهم. وأشارت الإذاعة إلى أن وزارتي الخارجية والدفاع الإسرائيليتين تجريان سلسلة مشاورات واتصالات مع الجهات المصرية والأميركية والأوروبية المختصة بشأن ما يجري في القاهرة. 

السابق
الراي: جمعة الراعي في بيروت صدمة قابلتها أسارير عريضة و… تجهّم
التالي
البناء: ارتياج لمواقف الراعي … و14آذار تنقلب على بكركي