هل ستنجح البلديات الشبابية حيث أخفقت البلديات الختيارية؟

يتحضر شباب كفررمان، وشباب 15 بلدة لبنانية موزعة على كافة المحافظات، للمشاركة في مشروع فريد من نوعه، يتمثل بانتخاب مجلس بلدي شبابي في تشرين الاول المقبل، وفق قانون النسبية مع لوائح مغلقة.

هذا المشروع الذي انطلق من الجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية "شراكة الشباب في البلديات لتطوير الحكم المحلي – مشاركة"، ربما سيعيد خلط الامور، ويدفع السلطات المحلية لاعادة النظر بالقانون الانتخابي واعتماد النسبية، التي تسمح بمشاركة كل الفئات، لا حصرها بجهة حزبية وسياسية معينة.

هي المرة الاولى الذي يتم اعتماد النسبية في الإنتخابات بعد أن أخذت حيزا من النقاشات الحادة. وبعدما قطعت الطريق عليها في الإنتخابات الفعلية، ها هي تشق طريقها مع الشباب الذين سينتخبون مجلسهم البلدي على أساسها لأنها "تخلق التمثيل الصحيح، وتعطي امكانية لاقامة تكتلات جندرية، بعيدا عن الكوتا النسائية"، يقول مدير المشاريع في الجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية، الدكتور سعيد عيسى مضيفاً: "نركز على تجربتنا لتنجح، لأن نجاح تجربة القيادات الشبابية كفيل بنقل التجربة بسرعة في بلد صغير في لبنان".

هكذا فتحت المجالس البلدية الشبابية شهية الشباب على الترشح، لأنها شكلت جواز سفر لخدمة بلدتهم، أضف أنها تستنطق افكارهم، لتخلق مساحة لهم، ليكونوا فاعلين في مجتمعهم، ويؤدوا الدور الذي لطالما حلموا به.

هو نوع من "الحلم الذي لم يجد من يتلقف بيده ليصبح حقيقه"، يقول عيسى، "من هنا وُجد ليولد طاقة شبابية فاعلة، قادرة على أن تكون شريكة في العمل البلدي، وليكون الشباب جزء من العمل البلدي".

إنطلق المشروع مع الجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية، في ثلاث قرى في منطقة النبطية، كفررمان، حاروف والشرقية، واستهدف 60 شاب وصبية في كل بلدة من البلدات المستهدفة، تتراوح أعمارهم بين 19 و27 سنة، خضعوا الى ورش عمل تدريبية مكثفة، على مدى أكثر من شهرين، حول المساءلة المالية، قراءة الموازنة، صياغة وكتابة المشاريع، مواضيع حول الفساد في الحكم، وهذه حكما سيكون لها ارتدادت إيجابية على قدراتهم القيادية، وستخلق روحا تنافسية ايجابية، ستدفع حتما بالشأن الانمائي الخدماتي الى النهوض من كبوته، والتحليق في عالم الواقع.

هذا وقد انطلقت مرحلة تشكيل اللوائح، ويُسجل إقبال كبير على الترشح، مدموغ بحماسة كبرى "في دليل على أهمية هذه الخطوة بالنسبة للشباب، وتأكيدا على أحقيتهم في التمثيل"، يقول منسق المشروع في الجنوب الدكتور هاشم بدر الدين الذي يلفت الى أن "اللوائح ستكون مغلقة، والانتخاب على أساس برنامج إنتخابي، لاختيار مجلس بلدي ولايته سنتين، سينفذ مشاريع، وأنشطة سيكون لها تأثير كبقعة زيت".

ولكن هل ستكون تلك بلديات صورة مصغرة عن البلديات الكبرى، تسيطر عليها الكفاءة الحزبية والطبقية العائلية، والنزعية السياسية، وبالتالي تلغي الدور التي من وُلدت من أجله؟

"نوصل الشباب الى المجلس على اساس برنامج الشفافية، لا على اساس عائلي وطبقي، أو حزبي، والانتخاب سيكون على أساس برنامج واضح، لا تسويات، وبالتالي توجب على كل لائحة ان تستطلع رأي المثقفين، والمُطلعين حول حاجيات البلدة الرئيسة، ليعدّوا برنامجهم الإنتاخبي وحملاتهم الانتخابية التي بدأت تتضح معايرها في القرى"، يقول بدر الدين مجيبا، ثم يشير الى أن "هذه نقطة قوة سنجيرها لصالح الأهداف التي رسمت للمشروع".

تعتبر تلك التجربة حلم لطالما رواد الشباب: من أن يكونوا جزءَا من مجتمعهم المحلي، لا على الهامش، وهذه حتما ستخلق حالة من الجدلية التنموية التنافسية بين البلدية الفعلية وبينهم.

ويكشف بدر الدين "أننا سنمول المشاريع التي سيترشح على أساسها الشباب، وهذه الخطوة من شأنها أن تعزز القدرات الشبابية أكثر، أضف الى أنها تنشر مفهوم اللامركزية الإدارية، وتعزيز الشفافية بالاطلاع على موازنات البلديات".

وهنا يرى عيسى أنه "بعد الانتخابات، سنكمل التدريب على كيفية وضع الموازنة العامة للبلدية، بناء على احتياجات المواطنين، وكيفية مراجعتها على اساس الاحتياجات، وخلق توافق عملي بينهم وبين البلدية: "فنحن نمكنهم من القيام بمبادرات، لتأخذ دورها بالاهتمام بالشأن العام"، دون أن يفته الاشارة الى أن الجمعية "تطمح لتوحيد البلديات ضمن الاقضية، وانتخاب الاتحاد البلدي على صعيد قاعدي، كما وأننا في صدد تعميم التجربة على البلديات الفعلية في القرى لخلق قيادات شبابية جديدة".

يمكن هؤلاء الشباب ان يكونوا سفينة المجتمع، التي ربانها الجمعيات المدنية، في غياب الامداد الحكومي لهم. في مطلق الاحوال هم يشقون الطريق نحو التمثيل البلدي، الذي يعول عليه الكثير، خصوصا أنّ الضوء يسلط عليهم، والتحديات ترافقهم، لذا النجاح هو المطلوب والاخفاق يؤكد فرضية الدولة عدم اهليتهم للمشاركة: "لهذا السبب خضع الشباب للكثير من التدريب"، يقول بدر الدين، "خضعوا لكل اصول وفروع المشاركة الصحيحة الفعالة، لأنّ هدفنا خلق قيادات فاعلية واعية ومدركة لاهمية المشاركة، قادرة على كسر كل الحواجز التي تعترضها".

لكن هل ستنجح البلديات الشبابية حيث عجزت عنه البلديات "الختيارية"؟

  

السابق
ضاهر: نحن في بلد ديموقراطي لا ديكتاتوري ومن واجبي القاء الضوء على اي سوء في ادارات الدولة
التالي
البحرين: بين الثورة والخارج