بعد النأي بالنفس لبنان يراكم تحدياته

ذر الانقسام الذي حصل في اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب حول الموضوع السوري وتنصل سوريا من البيان الذي صدر عن الاجتماع ومسارعة لبنان الى التضامن مع دمشق ازاء المواقف العربية الاخرى بموقف صعب جدا للبنان خلال رئاسته مجلس الامن الدولي في شهر ايلول المقبل. وبدا لبنان مربكا باعتبار انه لم تمض ساعات قليلة على اعلان وزير الخارجية اللبناني بعد عودته من اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة ان "لا انقسام عربيا في شأن سوريا وان الامين العام للجامعة نبيل العربي سيتوجه الى العاصمة السورية" حتى اضطر الى مجاراة الموقف السوري الذي اعتبر ان "بيان الجامعة كأنه لم يصدر".

والموقف اللبناني من النظام السوري يستكمل ذلك الذي اعتمده في مجلس الامن من حيث "النأي بنفسه" عن ادانة القمع وفق البيان الرئاسي الذي أصدره مجلس الامن، اذ ان غالبية المواقف العربية دانت بدورها القمع المستمر في سوريا على نحو يفتح الباب امام ادانة جديدة محتملة في مجلس الامن الذي تقدم اليه الاعضاء الدائمون فيه بمشروعي قرار حول الاحداث في سوريا احدهما قدمته الدول الاوروبية تطالب بفرض عقوبات على النظام وآخر قدمته روسيا وتكرر ادانة القمع من دون عقوبات. وسيواجه لبنان في ظل انقسام الموقف العربي تحديا واضحا حول مدى تمثيل نفسه في مجلس الامن او تمثيله الدول العربية المنقسمة حول الوضع السوري، علما ان الدول العربية المؤثرة تجاري الدول الغربية في موقفها من النظام. فالخلاف بين النظام السوري والدول العربية واضح وتاليا فان لبنان سيكون امام محك اي موقف يمكن ان يعتمد ما دام هامش الاختباء وراء المواقف العربية ضاق جدا.
السوري. 
 
ومع ان صدور قرار عن مجلس الامن لا يتطلب تصويت لبنان الى جانب القرار باعتبار ان تصويت تسعة اعضاء من دون فيتو من احدى الدول الخمس الكبرى في المجلس يتيح صدور القرار على غير ما كان الوضع بالنسبة الى البيان الرئاسي الذي يتطلب اجماعا من الاعضاء الدائمين وغير الدائمين في المجلس، فان اتخاذ لبنان موقفا مؤيدا لسوريا قد لا يكون قابلا للفهم والتفهم خصوصا ان مراعاة كبيرة حصلت وتحصل نظرا لادراك غالبية الدول حساسية الوضع اللبناني. لذلك لا يعتقد ان الوضع قد يكون سهلا مع رئاسة لبنان لمجلس الامن وسبق ان سجلت انتقادات للسياسة الخارجية الجديدة التي يعتمدها لبنان في مواجهتها المجتمع الدولي في ملفات حساسة جدا بالنسبة الى هذا المجتمع على ما كانت عليه الحال في رفض لبنان وحده التجديد للجنة تقنية تتصل بايران. وهناك الملف النووي السوري امام مجلس الامن وقد تضمن اثباتات مؤكدة وموثقة وزعت على اعضاء مجلس الامن في خلال الشهرين الماضيين وقد لا يكون لبنان قادرا على الدفاع عن سوريا حتى لو استند الى موقفه الرافض للاسلحة النووية في المنطقة بأسرها.

وتقول مصادر ديبلوماسية ان لبنان سيحاول خلال رئاسته لمجلس الامن، ومن خلال حضور رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الى نيويورك للمشاركة في اعمال الجمعية العمومية ومن اجل ترؤس جلسة خاصة يدعو اليها لبنان، ان يسلط الضوء على استعادة دوره في دعم قضية فلسطين وعلى طلب السلطة الفلسطينية الاعتراف بالدولة الفلسطينية باعتبار ان هذا الموضوع هو محور الدورة السادسة والستين للجمعية العمومية للامم المتحدة. وهناك تحضيرات ديبلوماسية تتركز على بذل لبنان جهوده من موقعه الحالي في مجلس الامن للعب دور اساسي. وهو امر قد تفيد منه السلطة اللبنانية من اجل ان تحاول التغطية على عجزها في الملف السوري او اضطرارها الى اعتماد المواقف التي تدافع عن النظام في سوريا، وتاليا معارضة اي قرار يتخذ ضده على رغم ما يمكن ان يتسبب ذلك من احراج دولي، اضافة الى احراج عربي مماثل وربما اكبر من احراج "نأي لبنان بنفسه" في البيان الرئاسي الذي صدر في 3 آب عن مجلس الامن، فضلا عن المشكلة السياسية في الداخل اللبناني على وقع الانقسام الواضح بين دعم الحكومة النظام ودعم المعارضة الشعب السوري الذي قد لا يتفهم بدوره في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ سوريا اي موقف للبنان لا يأخذ جانبه. فما يعلنه افرقاء لبنانيون من مواقف داعمة للنظام ومدافعة عنه تثير استياء كبيرا لدى الشعب  

السابق
انقاذ حزب الله لسوريا..حدوده عدم الغرق معه
التالي
كأنه لم يصدر!