في مهمّة رئيس حكومة حالي!!

لم يقطع رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة العلاقات التي نسجها في أثناء تولّيه سدة رئاسة الحكومة مع الملوك والرؤساء العرب والأجانب. وكان من الطبيعي إعادة التواصل معهم ولا سيما في ضوء ما تشهده المنطقة من تغييرات وتطورات، لاستكشاف ما يحصل وللتشاور في الآفاق المطروحة لما بعد الثورات ولا سيما السورية منها. وقد حمل السنيورة الى المسؤولين العرب والاتراك قضايا لبنان مطالبا الأخذ في الاعتبار، في أي حل مقترح لسوريا، حماية هذا البلد من تداعيات ما يحصل هناك. ولم يغفل السنيورة إثارة خطورة تنصل الحكومة اللبنانية من واجباتها تجاه المجتمع الدولي في ما يتعلق بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان، مشددا على أن حماية المتهمين في اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري سيكون له تداعيات خطيرة على لبنان.

هكذا تبرر أوساط مقربة من الرئيس السنيورة زياراته المكوكية واللافتة الى أكثر من عاصمة معنية بما يحدث في العالم العربي، في مهمة يفترض أن تكون مهمة رئيس الحكومة الحالي.

وقد وصل الى مسامع الرئيس السنيورة أن الرئيس نجيب ميقاتي توجس من جولاته المتتالية، فكان جوابه: "من راقب الناس مات همّا، نحن نقوم بما علينا وليقوموا بما عليهم".

لا أمل بالأسد بعد اليوم…

بصفته رئيس الحكومة الأسبق للبنان والرئيس الحالي لأكبر تكتل نيابي في مجلس النواب والعضو الاساس في مجلس قيادة ثورة الارز، زار السنيورة مصر ثم المملكة العربية السعودية قبل بدء شهر رمضان المبارك، وعقد مع وزير الخارجية سعود الفيصل لقاء مطولا، كما التقى في الكويت أميرها ورئيس الحكومة ووزير الخارجية، وفي اثناء العودة الى لبنان عرّج مجددا على المملكة، حيث التقى في جدّة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري ووضعه بنتائج لقاءاته وتشاورا في كيفية مقاربة التطورات والأحداث وأهمية التنبه لدقة المرحلة والتعاطي معها بثبات ووعي. وأكمل السنيورة مهمته فزار قطر والتقى أميرها ورئيس حكومتها، وتوجه بعدها الى أبو ظبي، حيث عقد مع ولي العهد لقاء مطولا. أما في تركيا التي زارها أخيرا فلقاءاته شملت الرئيس رجب طيب اردوغان على مدى ساعة ونصف، فيما عقد لقاءين متتالين مع وزير الخارجية داوود اوغلو.

في تركيا كما في باقي الدول التي زارها، وصل الى حدّ فقدان الأمل بامكان تجاوب الرئيس السوري بشار الاسد مع مطالب وقف العنف وإجراء الاصلاحات، وحسب المعلومات فإنه سمع موقفا تركيا متشددا من الأزمة في سوريا ولمس انزعاجا لديهم من تصرفات الرئيس السوري بشار الاسد لجهة عدم التزامه وقف عمليات القمع والقتل للمواطنين، وقد لامس الموقف القطري الموقف التركي لجهة التشاؤم نفسه بالازمة السورية، وما موقف الرئيس التركي عبد الله غول عن فقدان الثقة بسوريا إلا المؤشر الأساس لما وصلت اليه الامور مع النظام في دمشق. لكن السنيورة عاد أيضا بانطباع يؤكد أن البديل عن الاسد لم يتبلور بعد، وإن كان الأمل بانصياع الاسد لإرادة شعبه بات مفقودا وواضحا لدى معظم الدول المعنية بالقضية السورية.

أما أبعد من مضمون الاجتماعات العربية والتركية التي عقدها السنيورة، وبغضّ النظر عن نتائجها، لا بدّ من التوقف عند دلالات مشهد حركة الزيارات برمته، مما يدعو الى التساؤل عن حقيقة نظرة المجموعة العربية الى الحكومة اللبنانية؟ والى الزيارات المكوكية للسنيورة، شهد الاسبوع الماضي حدثا لافتا تمثل باستقبال الملك السعودي زعيم تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري، علما أنه لم يكن اللقاء الاول بينهما، في وقت لم يسجل لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي أي لقاء معلن في المملكة لأن الزيارة، كما أوضح ميقاتي من طرابلس، كانت لتأدية مناسك العمرة، على رغم أن الاستقبال تميز بحرارة لافتة كما قال.

لكنّ استقبال الرؤساء والملوك لرئيسي حكومة لبنان الأسبق والسابق دون الحالي، والذي تربطه بمعظم هذه الدول علاقات وصداقات معروفة ولا سيما قطر وتركيا، يدعو الى الاستغراب، ويشير إلى أن المجموعة العربية لا تزال تتعاطى مع لبنان وكأن تيار المستقبل ما زال على رأس السلطة التنفيذية فيه، أو كأن رهان دول القرار السنيّ، ليس على الرئيس نجيب ميقاتي إنما على منافسيه في لبنان.

وتشرح مصادر دبلوماسية عربية أن تفسير غياب أي لقاء رسمي خارج لبنان حتى الآن لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي، مرتبط بالموقف العربي من النظام السوري، الذي بات يتوخى الحذر قبل التعاطي مع أية جهة مشكوك في ارتباطها بسوريا، ولا سيما أن الدول العربية باتت مقتنعة أن نظام الاسد لا يمكن أن يستمر، وأن عزلة الاسد ستنسحب على كل مقرب منه…!

السابق
بؤس يرقص من حولنا إلى يوم الدين
التالي
الانتفاضة: الطغيان أو عودة الاحتلال!