هل كان غملوش في موقع اغتيال حاوي؟

منذ أن دخلت مجلة "دير شبيغل" الألمانية الى قاموس اللبنانيين من بوّابة التسريبات التي نشرتها عن التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، دخل الى القاموس نفسه اسم عبد المجيد غملوش.

فالرجل، وفق تسريبات المجلة التي نشرت عام 2009، أدّى دورا محوريّا في عملية الاغتيال، تجاوز حتى دور سليم عياش ومصطفى بدر الدين، وكان الخطأ القاتل الذي ارتكبه من خلال اتصاله بخطيبته عبر إحدى الهواتف المستخدمة في التحضير للعملية، هو الخرق الأول الذي تمكنت لجنة التحقيق من النفاذ عبره، من اجل معرفة خبايا ما حدث صباح الرابع عشر من شباط.

لكنّ اسم غملوش، وهو العقائدي المقرّب من "حزب الله"، والذي يقال انه ابتعد عن العمل التنظيمي منذ عام 2000، غاب عن القرار الاتهامي الذي سلّمه المدعي العام الدولي دانيال بيلمار الى القضاء اللبناني، فكان هذا الغياب شبه المفاجأة الوحيدة في القرار الخالي من المفاجآت الحقيقية.

غاب غملوش عن أولى قرارات بيلمار الاتهامية، لكنّ غيابه لن يطول على الأرجح، فوفق ما بدأت تلمّح اليه التسريبات الجديدة، والتي يبدو ان النجاح سيكون حليف السواد الأعظم منها، تماما كما كان حليف ما سبقها، سيكون للرجل، وفي أوّل قرار اتهامي جديد يصدر عن المحكمة، حصّة تلامس حصة الأسد وتعوّض له الغياب السابق. عِلما انه، ووفق التسريبات ذاتها، فإنّ القرار المرتقب الجديد لن يكون في جريمة الحريري، بل في الجرائم الثلاث الأخرى التي أعلنت المحكمة ارتباطها بجريمته، وهي: اغتيال الأمين الأسبق للحزب الشيوعي جورج حاوي، محاولة اغتيال وزير الدفاع السابق الياس المر، محاولة اغتيال النائب مروان حمادة.

وإذا كان "حزب الله" قد ركّز، في دفاعه عن المتهمين الأربعة، على "وَهن" الاتصالات كدليل للاتهام، خصوصا في ظلّ ما سمّي بـ "الخرق الاسرائيلي لشبكات الهاتف الخلوي"، فإنّ مُسرّبي الدفعة الجديدة من المعلومات يجزمون أنّ شبكات الهاتف لم تكن سوى دليل مدعم للأدلة الأساسية التي توصلت اليها المحكمة، وان اسم عبد المجيد غملوش مثل القاسم المشترك في الأدلة التي جمعت حول الجرائم الأربعة.

فغملوش كان اوّل اسم توصّلت مديرية المخابرات في الجيش اللبناني الى الاشتباه به، بعيد محاولة اغتيال الوزير المر، ليتبيّن لاحقا ان السيارة التي استخدمت في محاولة اغتيال النائب مروان حمادة، كانت بحوزته في الفترة التي سبقت تفخيخها (القرار الاتهامي في جريمة حمادة سيؤكد على ان السيارة فخّخت في الضاحية). أمّا الحضور الأبرز للرجل -في حال صدق كلام المسرّبين- فسيكون في القرار الاتهامي المتعلق باغتيال حاوي، حيث رصدته عدسات تصوير الصحافيين في موقع الانفجار.

ووفقا لهذه الرواية، فإنّ الاشتباه بغملوش في هذه الجرائم الثلاثة، هو الذي قاد الى مراجعة تحركاته في الفترة التي سبقت جريمة اغتيال الحريري، بما في ذلك مراجعة قاعدة بيانات اتصالاته. فكان ما كان من عمل معقّد، أفضى الى الاشتباه به وبالأربعة الآخرين الذين أعلنت أسماؤهم في القرار الاتهامي.

وإذا كان المسربون يبررون عدم ذكر غملوش في القرار الأول بأنه يأتي في إطار الحرص على سلامة التحقيقات في الجرائم الثلاث الأخرى، من دون ان يستبعدوا فكرة أنّ الاسم قد يكون وضع ولم يعلن، فإنهم يتساءلون، في الوقت عينه، وبكثير من الخبث، عمّا اذا كان الحزب الذي جنّد كل خبراء الاتصالات المحسوبين عليه لشَرح التقنيات النظرية المعقدة التي يمكن ان تعتمد لفبركة المكالمات والأصوات، سيعمل، في حال ظهور صورة غملوش في موقع الانفجار، على الاستعانة بمن يمون عليهم من خبراء "الفوتو شوب" وسائر برامج الكومبيوتر، لشرح تقنيات تركيب الصور.

السابق
حيِدوا النفط الليبي
التالي
بين الداخل والخارج