الجمهورية: طارت الجلستان والمعارضة تهاجم «الحكومة الساقطة»

بعدما باءت كل المساعي والاتصالات والمشاورات التي شهدتها الساعات الـ 24 الأخيرة بالفشل الذريع في التوافق على خطة الكهرباء، طارت جلسة مجلس الوزراء الى السابع من ايلول لكن حكومة “كلنا للوطن كلنا للعمل”لم تطر… وانعكست الأجواء المكهربة على المجلس النيابي فطارت بدورها جلسته التشريعية الى موعد يحدد لاحقا، الامر الذي تلقفته المعارضة ليشن بعض نوابها هجوما عنيفا على الحكومة ورئاسة المجلس النيابي معا، واصفين الحكومة بأنها “فاشلة وساقطة”.

ميقاتي و”التضامن”

وفي ظل هذه الاجواء إنعقد اجتماع بين رئيس المجلس نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي في ساحة النجمة اعلن بعده الأخير “انّ تضامن الوزراء كان كاملا والاجواء ايجابية”، وقال:”الحكومة تقوم بخدمة الناس والبلد, فهي موجودة”.

وقد غادر ميقاتي بيروت بعد ظهر أمس متوجها الى مكة المكرمة لأداء “مناسك العُمرة”. وفي هذا السياق, أفاد المكتب الإعلامي للرئيس سعد الحريري أنّه أدّى امس والنائب زياد القادري مناسك العمرة.

وفيما يعقد وزير الطاقة جبران باسيل مؤتمراً صحافياً عصراليوم يتناول فيه ملف الكهرباء. وفي إنتظار جلسة مجلس الوزراء المقررة في السابع من الشهر المقبل، فإن خطة الكهرباء ستخضع لمزيد من الدرس والنقاش بعدما تم الاتفاق على عددٍ من بنودها في جلسة “بيت الدين” كاعتمادها بمشروع قانون وليس باقتراح قانون وتكون الإجازة للحكومة كما في كل القوانين البرنامج ومثلما ورد في موازنة العام 2010، والالتزام بتطبيق القانون 462 واقتراح تعديلات عليه لاشراك القطاع الخاص في المراحل اللاحقة للانتاج، والسير بالمتوافر من الموارد، أيّ الفيول أويل مع إبقاء الأولوية للغاز عند توافره، ولو بعقود مؤجلة.

خلوة

وكانت جلسة مجلس الوزراء التي إنعقدت في بعبدا دامت عشر دقائق فقط ولم تبحث بأي بند من جدول اعمالها، وسبقتها خلوة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وانضم اليها لاحقا الوزراء جبران باسيل وعلي حسن خليل ومحمد فنيش، وتخللتها مشاورات في الملف الكهربائي وفي منع الجسم الحكومي من التصدع. واعلن وزير الاعلام بالوكالة وائل ابو فاعور أنه لم يطرأ خلال الجلسة أي جديد على النقاشات التي تمت في قصر بيت الدين، وأن “فريق العمل التقني كان محور مشاورات اليوم (أمس) للوصول الى تصور مشترك لم يتم التوصل إليه بعد”، لافتاً الى أن المشاورات حول خطة الكهرباء كانت استمرت حتى منتصف ليل أمس الاول من دون أن تفضي الى نتيجة. وأكد “أن القضية ليست قضية خلاف سياسي أو قضية “كرامات” أو حسابات ومكامن ونيات سياسية مبيتة، إنما هي تتعلق بعدم إنجاز الاتفاق حول بعض الأمور التقنية”، معتبراً أن “أهم ما حصل في جلسة مجلس الوزراء اليوم (أمس) هو إعادة هذا الموضوع الى موقعه الصحيح وسحبه من التجاذب السياسي”.

واقعتان

وكان الوزراء دخلوا الى قصر بعبدا التاسعة صباحا على خلفية واقعتين: الأولى تهديد وزراء تكتل التغيير والاصلاح بالانسحاب من الحكومة ومقاطعة الجلسة التشريعية إذا لم يتم الاتفاق على اقرار مشروع الكهرباء. والثانية اصرار رئيس “جبهة النضال الوطني” النائب وليد جنبلاط من خلال وزرائه ابو فاعور وعلاء الدين ترّو وغازي العريضي على مناقشة كل النقاط المرتبطة بالمشروع الكهربائي الذي يتحفظون عن عدد منها.

وبعد ساعتين من التشاور، وعشر دقائق من انعقاد الجلسة، خرج الوزراء متفقين على معالجة الخلاف وفق ثابتتين شدد رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان عليهما وهما: “ايجاد علاج لأزمة الكهرباء عبر خطة متوافق عليها بين الجميع، وإبعاد الملف عن التجاذبات والمزايدات السياسية والعمل بموجب التضامن الوزاري”. لكن مفعول هاتين الثابتتين لم يصمد حتى باب القصر، إذ وبعد انتهاء الجلسة التي أرجئت الى الاربعاء في 7 ايلول المقبل، ساحبة معها الجلسة التشريعية التي أرجئت بدورها الى موعد يحدد لاحقا، بدا وزراء “التغيير والاصلاح في أوج غضبهم، وادلوا بمواقف لا تقل حدّة عما سبق الجلسة. فقال وزير العمل شربل نحاس: “إن على القوى السياسية الممثلة في الحكومة ان تدرك انه يجب العودة الى ما قبل الستينات والى معايير النصاب والتصويت كأفضل وسيلة ديمقراطية للاتفاق على اي مشروع، فذهنية الميليشيات التي ما تزال عند البعض يجب الخروج منها بكل بساطة، حيث كانت الميليشيات وحدها التي تحكم، وتحل وتربط وتضع في السجن كل من لا يمشي معها، أو كانت تنتظر وصول “الحل الجاهز” من المطابخ الخارجية”. ولفت الى ان وزراء التكتل طالبوا خلال الجلسة بالتصويت، وليتحمل كل فريق مسؤوليته, إلاّ أن رئيسي الجمهورية والحكومة لم يقبلا بهذا المبدأ”.

ليون

اما الوزير غابي ليون فقال لـ”الجمهورية” عما اذا كان ملف الكهرباء بات كملف شهود الزور مهددا الحكومة بالتعطيل: “إن المطلوب ان لا نتحوّل نحن شهود زور، فالحكومة التي لا تقرّ مشروعا حيويا ينتظره جميع الناس، هي حكومة غير ناضجة وستسقط سياسيا إذا لم تعط الشعب ما يستحقّ”.

وفي معلومات لـ”الجمهورية” ان النقاش امتدّ، بعد الموافقة على التعديلات التي أدخلت الى المشروع في جلسة “بيت الدين”، الى إدارة المشروع والفريق الذي سيتولى إدارة وتنفيذ الآلية بمجملها وليس فقط التلزيم. وقد اشترط وزراء “جبهة النضال الوطني” أن تخضع الإدارة لأحكام مجلس الوزراء عبر اختيار الشركات العالمية والاستشاريين والتلزيم. اما وزير الطاقة جبران باسيل فيصرّ على ان يتولّى هو وفريقه هذا الأمر بالطريقة التي يرونها مناسبة ولمصلحة الدولة. وقد بقي هذا الأمر موضع خلاف حتى انعقاد جلسة الأمس، مضافا اليه بعض النقاط التي وجدها جنبلاط غير واضحة، مثل نوعية الخيارات المتبعة في المواد المستخدمة في التوليد والانتاج، أي ما اذا كانت “فيول” أو “غاز أويل” أو غيرها، فضلا عن عدد من النقاط الأخرى.

وكان باسيل قال قبيل انعقاد الجلسة: “سنحاول اليوم (أمس) إما إنقاذ الكهرباء وإما إنقاذ الحكومة”. اما أبو فاعور فعلّق على إمكان إحالة المشروع الى مجلس النواب قائلا: “اللي طلّع الحمار على الميدنة بينزلو”، في إشارة منه الى ان مجلس النواب هو من قبل الاقتراح وهو من يستطيع إسقاطه.

“جلسة ممتازة”

ومن جهته قال الوزير ترّو لـ”الجمهورية” ان الاجواء في الجلسة “كانت ممتازة”، نافيا ان يكون التضامن الوزاري مهددا “لأن المشكلة ليست سياسية، ولا احد انسحب او سينسحب، ولا احد استقال او سيستقيل”. واضاف:”لقد وافقنا على خطة الكهرباء في الحكومة السابقة، وعندما بدا البحث الجدي في تفاصيلها أردنا استيضاح امور تقنية فقط لا غير”.

وعن مقولة ان الحكومة تُعرقل لكي لا يقال ان عون هو من أمّن الكهرباء للبنانيين، اجاب ترّو: “ليس لدينا مشكلة سياسية لكي نقول ان عون أمن الكهرباء أم لم يؤمنها، واذا تأمنت الكهرباء فسيقال ان الوزراة او الحكومة وليس شخصا”.

وهل ان الحكومة تعتدي على الكرامات، حسبما قال عون؟ اجاب ترّو: “نحن وعون نفتش عن كرامة البلد وكرامة المواطن”.

وعن كلام نحاس عن العقلية الميليشيوية اجاب: “ان هذا كلام أمس (أمس الأول) وليس اليوم(أمس)، وحكي السرايا غير حكي القرايا، ومن المؤكد انه لا يقصدنا بكلامه”. واضاف: “نحن متفقون على ان جميع اللبنانيين بمختلف انتماءاتهم واتجاهاتهم السياسية يريدون الكهرباء، والحكومة متفقة على ان خطة الكهرباء يجب ان تنفذ، لكن تبقى تفاصيل تقنية نريد اجابات عليها، ونقطة على السطر”.

لا استقالة

واكدت مصادر نيابية بارزة في الأكثرية قريبة من “حزب الله” لـ”الجمهورية ردا على سؤال عما اذا كان هناك من اتفاق بين الحلفاء على استقالة الحكومة والدخول في مرحلة تصريف الاعمال: “هذا بحث وهم وخيال”، واضافت: “لقد فعلنا المستحيل لكي تتألف الحكومة، وكنا ندرك سلفا ان القرار الاتهامي سيصدر، وكنا نتوقع السيناريو بكامله. هذا كلام فارغ, وعلى العكس نحن متمسكون بهذه الحكومة وهي ستبقى وسنعمل بكل ما اوتينا من جهد وقوة لانجاح عملها، وان شاء الله سيطول عمرها حتى العام 2013″.

وأكدت المصادر”أن من المستحيل ان تنفجر الحكومة من الداخل، وليس واردا على الاطلاق ان نصل الى هذا الانفجار، ولا حتى الفريق الذي يهدد سينفذ تهديده”. وأدرجت ما يجري في اطار “المناورة الشعبية”. وطمأنت المصادر الى “ان عون لن يستقيل من الحكومة”.

حزب الله والمحكمة

في غضون ذلك، يواصل “حزب الله” حملته على المحكمة الدولية والقرار الاتهامي. وفي معلومات لـ”الجمهورية” ان الحزب اعتمد، بعد صدور القرار سياسة توزيع الادوار، حيث تولى رئيس “كتلة الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد مهمّة الحديث عن موضوع مقال مجلة “التايم” والقرار الاتهامي، فيما سيتولى رئيس لجنة الإعلام والاتصالات النيابية النائب حسن فضل الله في مؤتمر صحافي يعقده في الحادية عشرة والنصف قبل ظهر اليوم الحديث عن “دليل الاتصالات” في هذا القرار و”فبركتها”، يعاونه في ذلك رئيس الهيئة الناظمة للاتصالات بالإنابة الدكتور عماد حب الله، على ان يتوج الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله الكلام التصاعدي غدا الجمعة في الكلمة المتلفزة المباشرة التي سيلقيها في المهرجان المركزي للحزب في مناسبة “يوم القدس العالمي”، في “حديقة إيران” في بلدة مارون الرأس الحدودية

السابق
سقطة للتايم.. أم لحزب الله
التالي
الاخبار: تأجيل جلستي الحكومة والبرلمان والمعارضة على الكوع