سقطة للتايم.. أم لحزب الله

فجرت مقابلة أجرتها مجلة تايم الأميركية سجالا حادا في لبنان.
هل حقا أجرت المجلة مقابلة مع أحد المتهمين بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري؟ وهل حقا قال المتهم إن السلطات اللبنانية تعرف مكان وجوده لكنها لا تستطيع اعتقاله؟!

لننتظر التثبت من السجال حول ما إذا كان اللقاء قد حصل فعلا، وهو سجال يستدعي جرأة أكبر من المجلة الأميركية في كشف بعض ملابسات المقابلة مع احتفاظها بحق صحافي بديهي في حماية المصادر.
على أي حال، إدارة المجلة أكدت حصول المقابلة فيما نفاها حزب الله.
لكن لنتأمل في كيفية مقاربة حزب الله والدولة اللبنانية التي باتت في كنف هذا الحزب لقضية المقابلة.

حزب الله شن عبر وسائل إعلامه الخاصة والحليفة والممانعة حملة تقوم على أن مراسل «التايم» في بيروت نيكولاس بلانفورد، الذي نزل مقال تحليلي باسمه إلى جانب زاوية المقابلة مع المتهم، ليس هو من أجرى المقابلة.
ولكن لماذا أثارت هذه المقابلة وتلك الجملة تحديدا، أي الجملة التي تتحدى قدرة الدولة اللبنانية في اعتقال المتهمين، حفيظة الحزب وهو الذي قال أمينه العام السيد حسن نصر الله قبل أسابيع قليلة ما يتجاوز ما ورد في المقابلة.

ألم يقل السيد نصر الله أن أحدا لن يطال المتهمين ولو بعد ثلاثمائة عام؟

المشكلة أن تفاصيل ما جرى من حيثيات المقابلة والسجال حولها حصل أمام الرأي العام اللبناني ومن دون أي تحفظ تماما كما قال السيد نصر الله سابقا أمام العالم أن أحدا لا يمكنه أن يطال المتهمين.
نشرت المقابلة.

قام رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بزيارة سريعة إلى رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وصدر بيان إدانة من الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري، وأصدر حزب الله بيانا ينفي فيه حصول المقابلة.
مشكلة الرئيس ميقاتي مع حزب الله أن الحزب أعلن على لسان أمينه العام أن أحدا لن يستطيع اعتقال المطلوبين. في هذا الإطار فإن المقابلة لا تشكل خروجا عما حدده نصر الله لنفسه وللحكومة.

لكن الغريب في الأمر هو حرص حزب الله على نفي المقابلة مع ما يشكل هذا النفي من عدم انسجام مع منطق نصر الله نفسه، ذاك أن استجابة الحزب لطلب ميقاتي نفي المقابلة فيها اعتراف بعدم قدرة لبنان على إشهار المواجهة مع المجتمع الدولي وبالتالي عرض حزب الله نفسه لامتحان فشل فيه في تحقيق النتائج المرجوة منه.

الأمر الثاني تجرؤ الحزب على تناول مصداقية وسيلة إعلام تملك مصداقية من الصعب النيل منها بسهولة، وهذه معركة خسرها الحزب على مستوى آخر من مستويات أدائه.
من السذاجة الاعتقاد أن حزب الله معني بهذه الاستحقاقات، والأرجح أن الرسائل الداخلية من المقابلة نالت حليفه وضحيته الرئيس نجيب ميقاتي المتضرر الأول من إجراء المقابلة، والأهم أنها أظهرت مدى الهشاشة التي يواجه بها لبنان العالم، وهي هشاشة لا يعدم حزب الله وسائل من تثبيتها يوما بعد يوم لصالح وهم قوته

السابق
الشرق الاوسط: القذافي مطلوب حيا أو ميتا وأركان نظامه ينشقون
التالي
الجمهورية: طارت الجلستان والمعارضة تهاجم «الحكومة الساقطة»