ورطة الموقف اللبناني وتدويل الوضع السوري

لبنان الرسمي يكتشف كلفة أو مشقة عضويته غير الدائمة في مجلس الأمن. لا في كل المواضيع بل في بعضها، فهو في الطليعة حين يناقش المجلس ما يتعلق بالصراع العربي – الاسرائيلي وما يقود الى قرارات لحماية المدنيين في ليبيا من عنف القذافي. وهو في ورطة عندما تصل المناقشات الى ما يتعلق بإيران وسوريا. فالموقف من قرار العقوبات ضد ايران على خلفية الملف النووي كان الامتناع عن التصويت الى جانب تركيا والبرازيل. والموقف من البيان الرئاسي حول الأحداث الدامية في سوريا كان أشد تعقيداً.

ذلك أن لبنان الرسمي لا يستطيع ولا يريد الإقدام على خطوتين صعبتين لكل منهما كلفة كبيرة: الأولى هي الموافقة على موقف يدين سوريا، لأسباب مرتبطة بخصوصية العلاقات اللبنانية – السورية. والثانية هي الوقوف في وجه الإجماع الدولي عبر الرفض للبيان بما يمنع صدوره، لأسباب تتعلق بحسابات الحاجة اللبنانية الى المجتمع الدولي في أمور كثيرة.

وهكذا كان المخرج في مواجهة الإحراج هو إخراج لبنان نفسه من اللعبة عبر الاعلان أنه (ينأى بنفسه) عن البيان. ومن الطبيعي ألا يرضي هذا الموقف الطرفين المختلفين. ففي 8 آذار مَن أراد موقفاً رافضاً يمنع صدور البيان الرئاسي. وفي 14 آذار مَن وصف الموقف بأنه (معيب ومخزٍ) ومناقض لتاريخ لبنان ودوره في صوغ الإعلان العالمي لحقوق الانسان.

لكن مجلس الأمن لا يريد ولا يستطيع النأي بنفسه عن الوضع السوري. فحين دخلت الدبابات الى حماه دخل الوضع السوري في دائرة التدويل. وما عاد في إمكان روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب افريقيا الاستمرار في إغلاق باب المجلس أمام اتخاذ موقف من (الانتهاكات الواسعة لحقوق الانسان). ولم يعد أمام الدول الأوروبية وأميركا الراغبة في إصدار قرار سوى التوافق مع الآخرين على بيان رئاسي يبدو نصه كأنه شبه قرار.

والسؤال هو: هل تبدو دمشق مستعدة للتخلي عما تفعله على الأرض لتطبيق المطلوب منها في بيان على الورق? وما الذي يفعله المجلس بعد سبعة أيام عندما يتلقى تقريراً من الأمين العام عما جرى بالنسبة الى (الوقف الفوري لكل أعمال العنف) ودعوة (السلطات السورية الى الاحترام الكامل لحقوق الانسان)?
المجلس لا يزال تحت سقف (الحل الوحيد للأزمة من خلال عملية سياسية لا تستثني أحداً يقودها السوريون) وأميركا توحي أنها رفعت السقف الى (التفكير في مرحلة ما بعد الأسد). واللعبة دقيقة وخطيرة وتتعلق بمصير وطن لا مصير نظام.

السابق
مقبرة للدولة اللبنانية
التالي
تأسيس عداء جديد