الأخبار : ملف الحدود البحريّة يشغل لبنان… وواشنطن

 قالت "الأخبار" :
لم يمر شهر على اجتماع البريستول الأخير، ومع ذلك فإن أفعال المعارضة الجديدة، لم تدل على الأقوال، بل على العكس، فإن كل يوم يمر يحمل معه ما يؤكد ترسيخ الحكومة الجديدة، وتوسع قاعدة رئيسها، بدلاً من إسقاطها
كل يوم يمر تتأكد مقولة أن البعيد عن العين بعيد عن القلب وأكثر، فكيف إذا شمل البُعد: الموقع الرسمي والرعاية والإنفاق. ويوماً بعد يوم بدأ يتأكد أن ما صدر عن لقاء البريستول الأخير من تهديدات، قد لا يتعدى أن يكون مجرد قنبلة صوتية، بدليل أن أشخاصاً في الفريق الذي أطلق شعار إسقاط الحكومة، بدأوا السعي إلى حجز حصص طوائفهم في قرارات الحكومة الانقلابية، وحكومة حزب الله، كما يسمونها، وآخرين باركوا بعض التعيينات الأخيرة عبر تهنئة أحد المعينين، فضلاً عن أن مواقف أعضاء هذا الفريق، تشير إلى فقدان بوصلة ما، أو بالأحرى ما يمكن تسميته المايسترو، الذي كان يتولى تركيز الحملات وتوجيهها، وهذا ما يؤكده الانتقال إلى رد الفعل بدلاً من المبادرات التي نجحت سابقاً في إثارة أكثر من قضية، وخلق عصبية ما، إضافةً إلى بروز بوادر تخبّط وأحياناً تضارب في المواقف، حتى داخل الكتلة نفسها، أو بين الأم وابنها.
فعلى ما يبدو ثبت بالوجه الشرعي أن الإفطارات ستغيب في رمضان المقبل عن قريطم، وحتى عن قصر أياس، الذي يشغله زعيم تيار المستقبل النائب سعد الحريري، حيث بدأت الدعوات تصل إلى العنوان القديم، إلّا أنّ المظاريف عليها اسم جديد هو الشاغل الحالي للسرايا الحكومية، الرئيس نجيب ميقاتي، واللافت في بعض هذه الدعوات هو اسم المرسل، وخصوصاً إذا كان من وزن مؤسستين عريقتين بيروتياً ولبنانياً، هما مؤسسات الرعاية الاجتماعية ـــــ دار الأيتام الإسلامية، وجمعية المقاصد الإسلامية، التي أعلن رئيس مجلس أمنائها أمين الداعوق وضع إمكاناتها في تصرف رئيس الحكومة، الذي لفت إلى أنه من الداعمين للجمعية "من دون أي خلفية"، متمنياً له التوفيق في مهمته، "وأن يكون محمياً من جميع اللبنانيين".
في هذا الوقت استمر الاستنفار الرسمي لتثبيت حق لبنان في ثروته النفطية، وسُجل في هذا الإطار لقاء أمس بين رئيس الحكومة ووزير الطاقة والمياه جبران باسيل، الذي أكد أن الحكومة تتحرك بسرعة في موضوع الحدود البحرية، لافتاً إلى أن لبنان قام بقسم من العمل، ولم يستكمل القسم الثاني "نتيجة تقصير حصل"، وأكد أن هذا التقصير يُستعاض عنه حالياً بحركة حكومية ونيابية "لتكريس حقوق لبنان". وقال: "اتخذنا كل الإجراءات المطلوبة ، وقد اتفقنا على أن يستكمل الرئيس ميقاتي كل الإجراءات المفروض القيام بها لإنهاء موضوع تحديد الحدود البحرية، المحسوم من جانبنا داخلياً، لكن يبقى استكمال كل الإجراءات الخارجية مع الأمم المتحدة وقبرص كمرحلة أولى، ومع بقية الأطراف المعنية".
ورداً على سؤال، أكد باسيل وجود عمل لبناني "جدي وممتاز يحصل للمرة الأولى"، مشيراً إلى أن هذا الملف "قُدمت في شأنه سبع مراسلات في الحكومة الماضية من دون نتيجة، وفي هذه الحكومة تحرك دولة الرئيس ميقاتي على نحو جدي وممتاز وسريع، وأظهر نية حقيقية في معالجة المشكلات، لا التفرج عليها".
ولفت أمس موقف أميركي من هذا الموضوع، جاء في بيان للسفارة في عوكر، أعلنت فيه أن المبعوث الأميركي فريدريك هوف ليس لديه أي خطط لزيارة لبنان في الوقت الحاضر. ومع أنها ساوت بين لبنان وإسرائيل بالقول بتجرد إنهما "قدما إلى الأمم المتحدة تصريحاً عن الحدود الاقتصادية الخالصة"، نفت أن تكون واشنطن "قد اتخذت موقفاً إلى جانب أي فريق في هذه القضية"، مردفة إن الولايات المتحدة "لم ولن تؤيد مطالب إسرائيل أو لبنان"، ومشددة على أنها "ليست فريقاً في هذه المسألة، التي يجب حلها دبلوماسياً من قبل الأفرقاء أنفسهم". وأعلنت أن الولايات المتحدة تأمل "أن يتوصل لبنان وإسرائيل إلى تفاهم على تقسيم مناطقهما الاقتصادية الخالصة"، وأنها مستعدة للمساعدة "بأي طريقة يتفق الجانبان عليها".
وفي حديث لقناة "الحرة"، رأى مساعد وزيرة الخارجية الأميركية جيفري فيلتمان، أنّ "من المهم ترسيم الحدود الدولية المائية بين البلدين، لأن الشركات الدولية لن تساعد إسرائيل أو لبنان على استثمار وتطوير مواردهما في منطقة نزاع". وفي مجال آخر، حدد فيلتمان شرط بلاده لدعم الجيش اللبناني بالتزام الأخير "الحفاظ على السيادة على كامل الأراضي"، وواضعاً الحكومة الجديدة أمام "أكبر امتحان"، وهو المحكمة الدولية. وذكر استناداً إلى ما فهمه و"قيل لي"، أن "البحث جار لتوقيف المتهمين" في القرار الاتهامي للمدعي العام دانيال بلمار، مردفاً إنها "مسؤولية الحكومة اللبنانية، هناك قضاة لبنانيون، وهناك دعم مالي لبناني للمحكمة الدولية. بإمكان الحكومة اللبنانية أن تظهر دعمها للمحكمة بطرق مختلفة".
على صعيد آخر، وفي ظل تصريحات متفرقة بشأن الملفات المفتوحة في لبنان، برز أمس تضارب في المواقف من الحوار بين آل الحريري أنفسهم، فالنائبة بهية الحريري، التي هنأت خلال اجتماع للجنة اللبنانية ـــــ الفلسطينية في مجدليون، اللواء عباس إبراهيم بتعيينه مديراً عاماً للأمن العام، وصفت الوضع السياسي في لبنان بالدقيق جداً، وشددت على أهمية خلق بيئة حوارية بين كل الأطراف، لكنّ نجلها، الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري، طالب بالحوار "الذي نريده"، والذي يبحث فقط "مشكلة" السلاح، أما الحوار الذي "يريدونه بدون جدول أعمال وبلا مهل زمنية"، فهو بحسب الحريري الابن "لن يكون لأننا خبرناهم مديداً كيف انقلبوا على مقررات الحوار السابقة، وكيف تملصوا من تعهداتهم".
وصف الوزير مروان شربل، تغيير الضباط والعناصر في فرع المعلومات بالأمر الطبيعي. وقال إن العقيد وسام الحسن كان يؤدّي دوراً سياسياً، مردفاً "كان، فعل ماضٍ ناقص". وأكد أنه ممنوع على تيار المستقبل وأيّ حزب آخر التدخل في شؤون الأمن الداخلي، مشدداً على أن المدير العام لقوى الأمن الداخلي لا يستطيع الإدلاء بأي تصريح سياسي دون إذن من الوزير. 

السابق
اللواء: التعيينات والكهرباء والنفط تنتظر إنتهاء إجازة الحكومة
التالي
الأنوار : تساؤلات حول ابعاد تحذير وليامز من اضطرابات في لبنان