الخمور عادت الى النبطية: هل يهدي حزب الله من يحبّ أم أنّ الله يهدي من يشاء؟

لم ينطفىء وهج القرار البلدي بمنع بيع الخمور في مدينة النبطية، والذي أشعل المنطقة ككل، بردات فعل معارضة أو مؤيدة وداعمة للقرار. فبعد مضي أكثر من شهرين على قرار المنع، ما زالت أحاديث المساء متقدة في أيام الصيف التي يعرف فيها أهالي النبطية فنون الترف والسهر.

خاص جنوبية

موضوع منع الخمور في النبطية ما زالت أصداؤه تتردد، والعديد من الجلسات المسائية تفتح بابا للنقاش حوله، والفكرة توسعت في اذهان الناس لتبتعد عن محور الموضوع، معالجة مشكلة يتعرض لها الشباب، لتصل إلى أبعاد "سيطرة إيرانية" على مدينة الإمام الحسين.
بين إسم المدينة وتنوعها الطائفي فارق شاسع. فمن "مدينة عاشوراء" و"مدينة الحسين" أخذت صبغة دينية بارزة، في وقت يعيش الكثيرون من أبنائها حياة اللاتدين واللاإلتزام، ويعيش فيها المسيحيون بحرية شبه كاملة، إلى أن أتى هذا القرار المفاجئ من المجلس البلدي، قرار وجده أبو نسيم عليق، صاحب مكتبة في النبطية "يحدّ من حرية الفرد، فمحال الخمور مرخصة بالقانون ولا يجب أن تكون هناك سلطة فوق هذه السلطة"، وفيما يرى الدكتور كامل مروة أن "الموضوع أكبر من مدينة النبطية ويشكل تحديا لكل القرى المجاورة"، يتساءل عن "سبب إخراج الموضوع الى العلن مؤخرا بعد غياب طويل عنه"، مؤكدا أن "الموضوع سياسي بإمتياز ولا يهتم لمصلحة أبناء النبطية ، لان تأمين البديل سهل جدا، من خلال الوصول إلى بلدة كفرمان المجاورة والتي تعج بهكذا محال".

تختلف الأحاديث حول الموضوع خلال السهرات العائلية. في يحمر الشقيف تؤكد زينب عليق أن "الدور المطلوب يبدأ من الأسرة للحفاظ على الأولاد، ولا يشكل اقفال المحال منعا لهم من شرب الكحول فالحلول الأخرى متوفرة ومتاحة". أيضا علي سعيدّ يجد في الموضوع "تحديا وهتكا للحريات الشخصية، فالنداءات التي يطلقها حزب الله عن الحرية والمشاركة في الحكومة، والعيش ببلد ليس بلون واحد، سرعان ما تتضح (خرافتها) من تصرفاته في مدينة النبطية، حيث يقضي على آراء شريحة كبيرة من الطائفة المسيحية التي لها الحق في العيش في المدينة وفرض قراراتها".
ويعتبر كثيرون أن الحجج التي بسببها أقفلت المحال ما هي إلا حجج واهية، فمحل علي عواضة في المدينة كان بعيدا عن أي بناء تربوي، ولديه رخصة قانونية لبيع الكحول، وتجاوب أصحاب المحال مع القرار كان إما بضغط سياسي إو عبر إغراء مالي.
يقول علي إسماعيل إن "هذه القرارات تؤكد أن العيش بحرية ممنوع في هذا البلد، والحل هو بالسفر، فأدنى الحقوق الشخصية تغتصبها القوى السياسية"، متسائلا عن دور محافظ النبطية في الموضوع.
يضحك أبو العز، وهو معروف في المنطقة، عندما سألناه من أين يشتري المشروبات الروحية، مجيبا،: "الله ما بيقطع حدا، الكفور، الرميلة، مرجعيون وكفررمان، الموضوع ليس في النبطية، ومعارضة الناس لم تكن على ماهية القرار، بل كانت على جرأته في إستفزاز الناس بمسلمات لم يمسها أو يتعرضها أحد كان منذ فترة زمنية طويلة".
أما في المقلب الآخر فإن السهرات الدينية كانت تهنئ القرار البلدي على دخوله وتجاوزه مهامه ليحرص على "لجم التفلت الكبير الحاصل في المدينة"، مؤكدين أن "مدينة الحسين يجب أن تبقى مدينة الحسين"!
الأكيد أنّ بعض المحال عادت وفتحت أبوابها في النبطية، في تحدّ لقرارات "حزب الله"، فهل تنتقص الحريّة من "تديّن" البعض، وإن كانوا أكثرية، وهم قد لا يكونون كذلك. وهل يهدي حزب الله من يحبّ، أم أنّ الله يهدي من يشاء؟

السابق
مصر توافق علي زيارة اردوغان لقطاع غزة وإسرائيل تحذر
التالي
3 ملايين دولار ليصير وزير