فضل الله:للكف عن حديث نزع سلاح المقاومة واعتماد الكفاءة في التعيينات

 ألقى العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، بحضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية: "نستعيد في هذه الأيام الذكرى الخامسة لحرب تموز، والتي، بمشيئة الله وتسديده وتأييده، أسقطت عنفوان العدو الصهيوني، وألحقت أضرارا كبيرة بمشروعه العدواني الهادف إلى فرض الهيمنة على لبنان، ومن خلاله على المنطقة.إن هذه الحرب أظهرت مدى الضعف الذي يعاني منه الكيان الصهيوني، رغم كل ما يمتلك من أسلحة، وجعلته يفكر طويلا قبل أن يقدم على أي عدوان جديد أو مغامرة عسكرية إضافية، كي يتجنب أية مواجهة خاسرة، وخصوصا بعد فقدان ثقته بجنوده الذين أثبتوا عجزهم، وأكدوا مخاوفهم ورعبهم في المواجهة المباشرة مع المجاهدين والمقاومين.إننا في الوقت الذي نحيي المجاهدين والمقاومين بهذه المناسبة المجيدة، ونشد على أيديهم. ندعو اللبنانيين جميعا إلى التنبه والحذر الشديد من هذا العدو الماكر والخادع، فهو لطبيعته العدوانية، ولحرصه على إعادة الاعتبار إلى قوته التي ظهرت هشاشتها في حرب تموز، قد يقدم على حرب غادرة لا يتوانى عن التحضير لها بكل الإمكانات، بدءا بإجراء المناورات العسكرية المتواصلة. مرورا بالحصول على أحدث الأسلحة الأميركية، وصولا إلى تهيئة الداخل الصهيوني لتحمل مغبة أية حروب قادمة".

اضاف "إن على اللبنانيين أن يثبتوا الأرض التي يقفون عليها، كي يكونوا قادرين على مواجهة كل التحديات القادمة، إذ لا يمكن مواجهة هذا العدو على أرض مهتزة أو بمجتمع منقسم على ذاته.إن هذا العدو الذي يشعرنا يوميا بمراميه العدوانية في البر والبحر، في الأمن والاستخبارات وعمليات التجسس، وفي التهديدات المتواصلة، قد دخل في حرب جديدة على لبنان، تهدف إلى منع لبنان من الاستفادة من ثروته النفطية البحرية، وقد بدأ ذلك بالاستيلاء على حوالي ألف كيلومتر مربع من المساحة التي تحتوي هذه الثروة، الأمر الذي يستدعي استنفارا حكوميا، ومن ورائه استنفارا شعبيا مدعوما بكل عناصر القوة التي يملكها اللبنانيون من جيش ومقاومة وعلاقات دبلوماسية، من أجل إثبات الحق اللبناني، ومنع الكيان الصهيوني من تحقيق مشروعه الاستيطاني على الثروة الاقتصادية لهذا البلد.إن هذا الواقع يستدعي من اللبنانيين الكف عن حديث نزع سلاح المقاومة، وهي التي تبقى حاجة للبنان، كل لبنان، أمام عدو لا يبالي بالقوانين الدولية، بل يعمل على تأكيد منطق القوة".

سوريا
وتابع فضل الله "في هذه الأجواء، تشهد سوريا انطلاق الحوار الداخلي الهادف إلى إصلاح الواقع السياسي، هذا الحوار الذي كنا نأمل أن تشارك فيه كل قوى المعارضة، ليفتح الباب على حلول جدية تبعد سوريا عن التدخلات الخارجية، بما يساهم في تعزيز مناعتها الداخلية وتماسكها الوطني ودورها العربي.إننا في هذا المجال، ننبه من عواقب التدخل السافر في الشأن الداخلي السوري، والذي نرى أنه يستهدف تعطيل العملية السياسية الإصلاحية، والدفع بالبلاد نحو الفوضى الشاملة، بما يخدم أهداف العدو الصهيوني، ويدفعه نحو الوقوع في فخ التجاذبات الدولية.وندعو الشعب السوري بكل فئاته، إلى تفهم هذا الواقع، والعمل بكل جدية للخروج من هذا النفق المظلم الذي يراد لسوريا أن تدخل فيه، والعمل بسرعة لإصلاح الواقع الداخلي لمواجهة التحديات".

مصر
اضاف "أما في مصر، فإننا نشهد عودة فاعلة للحراك الشعبي، بما يعيد الثقة والأمل مجددا بشباب الثورة المصرية الذي ظن البعض أنه قد اكتفى ببعض التغييرات الشكلية في النظام، استجابة للضغوط الأميركية، فيما الوقائع تؤكد عكس ذلك.إن المظاهرات الشعبية التي حدثت خلال الأسبوعين الأخيرين، أظهرت أن هذا الشعب لا يزال حاضرا بقوة، ولا يزال يحدق بكل ما يجري حوله، وأنه لن يقبل إلا بتغيير حقيقي في بنية النظام المصري البائد، يبدأ بمحاكمة قيادات النظام المتورطة في نهب وسرقة ثروة مصر ومواردها، ولا ينتهي بمحاكمة كبار الضباط الذين ارتكبوا القتل في المظاهرات التي ملأت ميادين القاهرة والمدن المصرية.إننا نأمل من الشعب المصري أن يستكمل حلقات الثورة التي بدأها، وأن يتابع مسار الثورة إلى النهاية، من دون أن يسمح لسارقي الثورات أن يأخذوا بها إلى غير موقعها الصحيح، وذلك لجعل هذه الثورة نموذجا مشرقا تقتدي به الثورات العربية".

السودان
وتابع فضل الله: "نتطلع إلى السودان الذي دخل في نفق التقسيم، في ظل تأييد دولي وغربي، وفي ظل فرحة كبيرة تغمر رئيس حكومة العدو، باعترافه بدولة جنوب السودان، محققا أول الأهداف الغربية الصهيونية في إعادة رسم خريطة المنطقة، بما يجهض كل أمل لها في النهضة".ورأى "إن هذا المشهد الجديد، وعلى الرغم من قتامته، لا بد من أن يشكل حافزا لكل القوى العربية والإسلامية، ولكل الطلائع الواعية في الأمة، لكي تدير حركتها الثورية واتجاهاتها السياسية وفق الأهداف الوحدوية التي تتكافل فيها العناصر الوطنية والدينية والقومية للحفاظ على وحدة الأوطان، تمهيدا للانطلاق مجددا لتحقيق وحدة الأمة".

البحرين
وتحدث عن الوضع في البحرين فقال، "نحن مع ترحيبنا بأية دعوة حوارية بين الحكومة والمعارضة، باعتبارها تخفف من حدة التوتر السياسي والاجتماعي، إلا أننا نعيد التأكيد بضرورة استمرار الحوار الجدي الداخلي، لا الحوار الشكلي الذي لا يصل إلى نتائج حاسمة، ونحن نرى أن أقصر طريق لمعالجة المشكلات الداخلية المتفاقمة، هو الأخذ بالمبادرة الإصلاحية لإخراج البلد من المأزق الداخلي الضاغط، ومن ساحة التجاذبات الإقليمية والدولية التي تهدد البحرين وشعبه بأسوأ الأوضاع".

لبنان
ودعا فضل الله "أن يقف اللبنانيون جميعا لمواجهة الأخطار الصهيونية المحدقة بلبنان وثرواته، وتجميد كل خلافاتهم لحساب قوة لبنان وسيادته وحريته التي يتحدث الجميع عنها ويدعون إليها، وذلك بما يشعر العدو بوحدة الموقف اللبناني، ويقطع أمله باستغلال أي انقسام على هذا الصعيد.إننا في لبنان، مدعوون للعمل على خطين: الأول، ويتمثل في سعي الحكومة لإخراج البلد من أزمته الاجتماعية والاقتصادية، من خلال إخلاصها لأولوياتها التي رفعتها كعناوين حاسمة في كل ما يتصل بخدمة الناس. والثاني، وينطلق من العمل لحوار جدي داخلي يجتمع فيه جميع الأفرقاء، لتدارس الهموم الكبرى بعد كل هذه التطورات التي عصفت بالجميع، لأن بديل الحوار الذي قد يتجلى في مؤتمر وطني عام، هو الفوضى، وربما الفتنة التي قد تأتي على ظهر حصان قضائي دولي، لتحرق الأخضر واليابس في بلد فقد الكثير من خضرته، وبات شجره ويباسه في مهب الريح.
إننا ندعو الحكومة اللبنانية إلى التعامل مع الملفات الداخلية بكل جدية وشفافية، وأن تخرج من كل الاختبارات، وخصوصا اختبار التعيينات الإدارية، ومعالجة مشكلات الشعب وحاجاته، بنجاح، وذلك على قاعدة اعتماد الكفاءة في التعيينات، والملاحقة الصادقة لحاجات الشعب، بعيدا عن المحسوبيات والمحاصصة والمناكفات التي أسقطت مصداقية الحكومات السابقة.إن اللبنانيين يستحقون من حكومتهم أن تقدم تجربة جديدة ونموذجا صالحا يشكل محطة فارقة في الحياة السياسية اللبنانية، تعيد إلى اللبنانيين ثقتهم بهذا البلد، ووتؤمن لهم رجال دولة يتحملون المسؤولية أمام الشعب. إن الحكومة أمام الامتحان الأساسي، كذلك المعارضة التي عليها أن تتحمل مسؤولية الرقابة لحساب الوطن، فهل نرى في الأفق لبناننا، يتعاون الجميع لبنائه لا لتقويضه، ولقوته لا لإضعافه، ولحمايته، لا لجعله مشرعا أمام رياح الآخرين؟". 

السابق
حرب طالب الحكومة ببيان عن قضية الأستونيين
التالي
ميقاتي: المشكلات كثيرة ولا تحل بكبسة زر