حوران البداية والنهاية!

منذ أن أعلنت حوران بداية الثورة السورية, في 15 مارس الماضي وهي لا تنام. حوران التي استجابت لها مدن سورية كلها وقراها وبلداتها, ما عدا جبل حوران وحلب وريف الساحل السوري, وإن كان مفسرا هذا النأي الحلبي والساحلي الريفي وجبل حوران, فهو غير مبرر بالطبع, لكن حوران مكان للتسامح كانت وستبقى, ولن تقتل هذه الحوران شدة مهما كانت, أهلي هناك…هكذا غنت فيروز عن فلسطين, وأنا أردد أهلي هناك بشكل يومي وبشكل لحظي. اقترح علي بعض الأصدقاء تشكيل رابطة لأبناء حوران من أجل الدفاع عنها في محافل المعارضة! بعضهم لمس أن هناك محاولة لتغييب لحظة البدء, وهي التي تكون لحظة التأسيس وحوران أسست لمستقبل سورية, قلت لهم: تشكلون الرابطة السورية في حوران,

وليس رابطة أبناء حوران في سورية, هكذا كانت حوران, هويتها السورية لم تكن تحتاج إلى تعريف, هوية التعايش والبساطة في العيش الرحب كسهولها, لا يوجد طيف سوري لا يعيش أبناؤه في حوران, حوران فيها كل الأديان وكل الطوائف وكل الإثنيات, فيها أكراد وعرب كما فيها مسيحيون ومسلمون, سنة وشيعة ودروز, وبهذه المناسبة أقول للسيد حسن نصر الله ومخبري النظام السوري من حوله, حوران غالبية الشيعة فيها جاؤوا من جبل عامل, ومن الجنوب اللبناني, ويطلق عليهم أهل حوران أسم" المتاولة" وأصبحوا مواطنين درجة أولى ومنهم من يرفع صور الخميني في مضافة بيته, ولا أحد يقول لهم كيف ولماذا?

ومنهم أخوال أمي بالطبع,هذه حوران.

حوران التي كانت تعيش فيها ولاتزال أسر ضباط الجيش القادمين من ريف الساحل السوري, منذ زمن بعيد منذ أن استقلت سورية, وكانوا يعيشون بين أهل حوران معززين مكرمين, قبل أن تقرر قيادة جيشهم الأسدية أن تبني لهم مساكن خاصة باسم مساكن الضباط, بالمناسبة مساكن الضباط في مدينتي, الشيخ مسكين, هي ملتصقة بدار أهلي وكرم زيتوننا, كل هذا لم ينفع حوران من أن يرتكب النظام فيها, بعسكره هؤلاء, مجازر يندى لها الجبين, ومع ذلك أيضا لا تزال أسر هؤلاء الضباط يعيشون بين أهل حوران.

عمر الثورة السورية بشهرها الرابع ولكثرة المدن التي تحركت وأصابها ما أصاب درعا وربما أكثر, جعلت لحظة البدء تغيب قليلا, ولا أحد يسأل من المعارضة ومن المجتمع الدولي" لماذا مدينة درعا لم تعد تخرج فيها احتجاجات بعشرات الألوف كما كان يحدث لحظة البدء?

ليس لأنني ابن درعا أقول هذا الكلام, ولكن المدن التي مثلها يجب ألا تنسى كالرستن وحمص وجسر الشغور وتلبيسة, وكذلك دوما أم المدن الدمشقية الريفية, لا أحد يسأل لماذا لم تعد دوما والرستن تخرج بعشرات ألوفها? لماذا الصنمين في حوران التي قدمت أوائل الشهداء أيضا, والتي هددها وزير الدفاع لدى النظام بأنها إذا خرجت للتظاهر سيترك الشبيحة يستبيحونها ويغتصبون نساءها?

هل كلما استباح جيش آل الأسد مدينة نتركها وحيدة لمصيرها?

كنت أتمنى أن يكتب غيري هذه المقالة, لكن أحداث الثورة يبدو أنها كانت أكبر منا جميعا, هل يقول لنا أحد من المعارضين وخاصة الداعين إلى الحوار ومنهم من أبناء درعا, ماذا حدث في درعا? وما هو نوع المجازر التي ارتكبت بحق أهلها من جيش كانوا يحسبونه موجودا للدفاع عنهم, وإذ بهم يرونه ينقلب عليهم, ويبدأ بهم تقتيلا ونهبا ومجازر, ورغم ذلك حوران لن تعود للخلف وهي التي كانت لحظة البدء وستكون لحظة انتقال سورية إلى سوريتها الديمقراطية والحرية, وحوران ستسامح…لأنها حوران… حوران تعتب لكنها أبدا لا تحقد كما هي سهولها…وسهل حوران لا يحقد على جبله.

السابق
نعيم ضائع
التالي
قرار أيلول المرتقب لن يغيّر حقيقة الاحتلال