إســرائيل تقضــم نفــطنا.. وواشنطن تؤيدنا

صادقت الحكومة الإسرائيلية بالإجماع، أمس، على خرائط حدودها البحرية مع لبنان، من جانب واحد، بما يضمن سيطرتها على حقول النفط والغاز الطبيعي في شرقي المتوسط على حساب لبنان، وسط تهديد إسرائيلي بأن تل أبيب سترد بقوة على أي استفزاز لبناني يمسّ مصالحها النفطية والغازية.

في المقابل، أكّد وزير الطاقة جبران باسيل أنه أعدّ أمس كتاباً موجهاً لرئاسة مجلس الوزراء، يطلب فيه منح ملف النفط البحري الأولوية ووضعه على رأس جدول أعمال الجلسة الأولى للحكومة. وسيرسل باسيل الكتاب اليوم إلى السرايا الحكومية، ويرى أنّ هذا الملف لا حاجة إلى مناقشته. وشدد باسيل في اتصال مع «الأخبار» على ضرورة أن «تحترم الأمم المتحدة وتلتزم، مبدئياً وفعلياً، بشرعتها وقوانينها».

وقال وزير من فريق رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إن الأخير كان قد جمع عدداً من الخبراء المعنيين بقطاع النفط في لبنان، لتدارس الملف من كل جوانبه. وجرى تبني خطة عمل كان الوزير باسيل أحد أطرافها. وبحسب الوزير ذاته، فإن مجلس الوزراء سيدرس الخطوات اللازمة للرد على القرار الإسرائيلي، بناءً على خطة العمل الموضوعة مسبقاً.

ولفتت مصادر وزارية إلى أن الملف سيُطرَح حكماً في جلسة مجلس الوزراء يوم الخميس المقبل، وخاصة أن لبنان كان قد بعث في كانون الثاني الماضي رسالة تثبيت حقوقه إلى الأمم المتحدة. لكن الاتفاق الموقّع بين لبنان وقبرص قبل سنوات لم يقرّ في مجلس النواب، إذ إن حكومة الرئيس فؤاد السنيورة كانت قد تمنعت عن إرساله إلى المجلس لإقراره، بناءً على طلب تركي. فالحكومة التركية تريد أن ترسّم الحدود البحرية للبنان مع جمهورية قبرص التركية التي لا تعترف بها سوى أنقرة. وتوقعت مصادر وزارية أن يُحال المشروع إلى مجلس النواب حالياً، وخاصة بعد القرار الإسرائيلي أمس.

ومعروف أن إسرائيل امتنعت، منذ قيامها في عام 1948، عن ترسيم حدودها البحرية والبرية. وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في مستهل جلسة الحكومة الإسرائيلية الأسبوعية أمس، أن «هدف إسرائيل هو الوصول الى ترسيم الحدود البحرية مع لبنان وقبرص، حسب القوانين الدولية، بما يضمن المحافظة على حقها (إسرائيل) في استغلال الثروات الطبيعية في البحر المتوسط». وأضاف إن «خط الحدود البحري اللبناني يقع الى جنوب الخط الإسرائيلي المقترح، ويتناقض مع الخط الذي جرى الاتفاق عليه بين إسرائيل وقبرص، وعلى نحو عجيب يتعارض أيضاً مع الخط الذي اتفق عليه لبنان مع قبرص قبل أربع سنوات، وبالتالي لا يجوز الاستناد الى الخرائط اللبنانية، بل الى الموقف الصحيح لإسرائيل».

ورداً على ما ورد أمس في صحيفة «هآرتس»، من أن الولايات المتحدة تؤيد الموقف اللبناني في نزاعها البحري مع إسرائيل، أكد نتنياهو أنه «لا علم لديّ عن وجود موقف أميركي حيال هذه القضية»، الأمر الذي شدد عليه أيضاً كل من وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، ونائبه، داني أيالون، اللذين أشارا الى أن «هذا الخبر عار من الصحة تماماً».
أضاف ليبرمان إن «الموقف الإسرائيلي متين، وسوف نعمل على نقله إلى الأمم المتحدة، إذ إننا توصلنا الى اتفاق واضح في هذا الصدد مع قبرص، أما الموقف اللبناني فليس إلا محاولة من حزب الله، لتحدي إسرائيل واستفزازها». وحذر ليبرمان من أن «الدولة العبرية لن تتنازل عن أي شبر تمتلكه». أما نائب وزير الخارجية الإسرائيلي، داني أيالون، فشدد على أن «منشأ الخلاف يعود الى الموقف اللبناني تحديداً»، لكنه أكد في الوقت نفسه إمكانات الحل. ورأى أنه «يمكن الطرفين تسوية خلافهما، بما يشمل تحديد المنطقة الاقتصادية الخاصة لكل طرف، من خلال الأمم المتحدة». وتابع يقول: «أفترض أن إسرائيل لن تجد صعوبات في إثبات حقها، لأنها عملت على نحو متواصل على هذه القضية، منذ سنوات، بل منذ قيام الدولة».

بدوره، أعرب اللواء في الاحتياط غيورا ايلاند، المسؤول عن ترسيم الحدود خلال فترة انسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان عام 2000، لإذاعة الجيش الإسرائيلي، عن اعتقاده بأن «الطرفين سيتوصلان في نهاية المطاف الى تسوية، من خلال الأمم المتحدة، تكفل إنهاء النزاع بينهما على الحدود البحرية».

واشنطن تؤيد لبنان

ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية أمس، عن مصادر في وزارة الخارجية الإسرائيلية قولها إنه لا مفر أمام الدولة العبرية من الإعلان أن المناطق البحرية الاقتصادية المحاذية للبنان تعود لها، وإلا فبإمكان لبنان أن يفسر صمتها كموافقة منها، وبالتالي السيطرة على الموارد الطبيعية الإسرائيلية. وأعربت مصادر في وزارة الخارجية الإسرائيلية عن خشيتها من أن يستغل حزب الله الإعلان الإسرائيلي، كذريعة لتوتير الوضع الأمني مع إسرائيل. فيما كشفت صحيفة «هآرتس» أمس عن أن تل أبيب رفضت طلباً أميركياً لبحث حدودها البحرية مع لبنان، وأشارت إلى أن الولايات المتحدة تؤيد الموقف اللبناني، المتعلق بخط الحدود البحري.

وذكرت «هآرتس» أن الخرائط التي تقدم بها لبنان إلى الأمم المتحدة لا تتضمن حقلي «تمار» و«لفيتان» الغازيين الكبيرين اللذين اكتشفا العام الماضي، إلا أن من المحتمل أن تضم مناطق منحت فيها الحكومة الإسرائيلية رخصاً للتنقيب، منها المنطقة المسماة في الخرائط الإسرائيلية منطقة «ألون» التي حصلت شركة «نوبل إنيرجي» الأميركية على ترخيص إسرائيلي للتنقيب فيها. وبحسب مصادر تل ابيب، فإن وزارة البنى التحتية الإسرائيلية أجرت فحصاً بشأن الحد البحري الذي تضمنته الخرائط اللبنانية، فتبين أنه يضم إلى الجانب اللبناني حقولاً نفطية وغازية ذات طاقة استخراجية هائلة، تصل قيمتها إلى مليارات الدولارات، ولذلك فإنها تنطوي على مصلحة اقتصادية حيوية لإسرائيل.

السابق
حزب الله سيعيد فتح ملف شهود الزور لتتم معالجته وفق الأطر القانونية
التالي
نظام الأسد وحكمة معاوية!