منتور..شبكة أمان إضافيّة ضدّ المخدّرات

في وقت لا تحظى مكافحة المخدّرات بالقدر الكافي من الاهتمام سوى في بعض المناسبات، أبرزها اليوم العالمي لمواجهة الإدمان، أطلقت "منتور" العربيّة (مؤسّسة إقليميّة غير حكوميّة لحماية الشباب من المخدّرات) والجامعة الأميركية في بيروت، مركزا للبحوث والإحصاء والموارد والمعلومات للوقاية من المخدّرات، وهو الأوّل من نوعه في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والعالم العربي.

وخلال يومين من ورش عمل وجلسات حوار احتضنتها "الأميركيّة" بين ممثلين عن مؤسّسات عربية وأجنبيّة رسميّة وخاصة تعنى بقضايا الصحّة والمخدّرات وكيفية الوقاية والعلاج، دار نقاش في شأن الورقة المرجعية لتأسيس المركز.

في هذا السياق توضح مديرة البرامج والمشاريع في "منتور"، ثريّا إسماعيل، "أنّ خدمات المركز ستغطّي معظم المنطقة العربيّة ومنها مصر، سوريا، الأردن، البحرين، قطر، تونس وغيرها، إلّا أنّ اختيارهم لإطلاق المشروع من لبنان، وتحديدا من "الأميركية"، يعود الى أنّ "منتور" تأخذ من لبنان مقرّا أساسيّا لها". وتضيف: إختيار "الأميركية" كشريك مبدئي لا يعني حكما أنّها ستحتضن المركز المرتقب تأسيسه في حرمها، ولكن كأيّ مشروع يخطو أولى خطواته، في حاجة إلى رعاية أوّلية لمعرفة الشركاء الأساسيين، المموّلين، العاملين… والأهمّ من كلّ ذلك أنّ لهذه الجامعة باعا طويلا وخبرة في هذه المشاريع، ولها مصداقيّة علميّة في المنطقة العربية والعالم".

وتعتبر إسماعيل أنّ ضمان نجاح هذا النوع من المبادرات من الأفضل أن يترعرع في أحضان مؤسّسة أكاديمية، سيّما وأنّ المركز سيشمل حيّزا أساسيّا من الدراسات والبحوث العلميّة، مؤكّدة في الوقت عينه "أنّ الأميركية ليست سوى واحدة من الجامعات العربية التي سيتمّ التعاون معها إلى جانب أكثر من 7 جامعات أخرى في المنطقة العربية والخليج".

أمّا عن الغاية المنشودة من هذا المشروع، فتوضحها إسماعيل: "بالدرجة الأولى، الدقّة في الدراسات والأبحاث التي تولي اهتماما بالوقاية من المخدّرات والإدمان". وتتابع موضحة: "نطمح إلى تنفيذ شبكة إقليميّة متينة للتواصل بين الجهات الفاعلة من أجل إنتاج بحوث علمية تراعي الاعتبارات الثقافية المتعلقة بتعاطي المخدّرات، وتوفير منتدى لإطلاق برامج وقائية قائمة على الأدلّة وتعكس حاجات المنطقة للوقاية من المخدّرات وخفض الطلب عليها، وكذلك ردم الهوّة بين المعرفة النظرية والبرامج التطبيقية، بما يساعد الجهات الفاعلة على ترجمة نتائج البحوث إلى برامج وقاية فعّالة".

في هذا الإطار، تلفت إسماعيل الى أنّ المركز لا يهدف إلى إلغاء دور أيّ مركز آخر أو دور لجمعيّات أو مؤسّسات في التصدّي للمخدّرات، "لا شكّ في أنّنا سننطلق ممّا هو قائم، أو قد نبني على دراسات أجنبيّة دقيقة سابقة بعد أقلمتها لتناسب المنطقة العربية".

تضيف إسماعيل: "في ضوء المراحل التأسيسية التي سيمرّ بها المركز، لا شكّ في أنّنا سنحتاج إلى مرحلة رصد وجمع المعلومات لم تتوافر في المنطقة، وفي مرحلة لاحقة متابعة تقييم لحاجات كلّ منطقة، بمشاركة جميع القطاعات المختلفة العاملة في هذا المجال، أكانت حكوميّة أم غير حكوميّة".

وتحرص إسماعيل على إبراز دور المركز قائلة "إنّه في الدرجة الأولى يعنى بالوقاية وليس بالمكافحة، أي إنّه يخاطب الشباب ويحصّنهم قبل وقوعهم في فخّ المخدّرات، والأهم من ذلك أنّه يخلق البيئة المنبّهة لهم من خلال تقوية مهاراتهم وقدراتهم في مواجهة هذا الخطر المحدق بهم، وذلك تدريجا وخلال مراحل متفاوتة من أعمارهم".

كما لا تخفي إسماعيل خوفها من المطبّات التي يمكن أن يواجهها المشروع، لاسيّما من الحكومات المتبدّلة، "وحرصا منّا على إنجاح المشروع في مختلف مراحله بصرف النظر عن التغيّرات المحيطة به، تمّ الاتّفاق على إقرار لجنة للمتابعة تلاحق المبادرة على المستويات كلّها (إداري، قانوني…) وتضمّ ممثّلين عن منظمات مختلفة". وتضيف: "في الوقت عينه نحن على ثقة بأنّ يدا واحدة لا تصفّق، ولا يمكن لمشروعنا أن يزدهر من دون دعم أو موافقة من الدولة، وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أنّ جامعة الدول العربية ستكون شريكا أساسيّا في تعاطينا مع مختلف الحكومات".

يلقي التعاون بين "منتور" و"الأميركيّة" الضوء على أهمّية اندماج المؤسّسات الأكاديميّة للتصدّي لمختلف الآفات الاجتماعية التي قد يقع ضحيّتها الشباب، أبرزها الإدمان، سيّما وأنّ "الاتفاق على يوم عالمي لمكافحته غير كاف، فلا بدّ من مشاريع موازية خلال العام"، على حدّ تعبير إسماعيل. فهل تنتقل العدوى إلى بقيّة المؤسّسات؟

السابق
حتى إشعار آخر!
التالي
رحلة العلم اللبناني.. 80 يوما لمواجهة السرطان