لا خوف على سورية في سبيل الوطن.. لا نهاب الزمن

إزاء ما تتعرض له سورية من مؤامرة تستهدف أمنها واستقرارها والنهج المتمسك بحماية خيار المقاومة والدفاع عن الثوابت الوطنية والقومية، بغية إضعافها لتمرير المشاريع المشبوهة التي يسعى إليها الغرب دفاعاً عن العدو الذي اغتصب الأرض، ولتحقيق رغبة أولئك الذين ما زالوا يحلمون بالسلطنة وبعهد الانتداب وإقامة المستعمرات وبأيام المندوب السامي متجاهلين حقيقة أن زمن أحلامهم قد ولى إلى غير رجعة، وأن أحلامهم أصبحت أوهاماً وحنينهم أصبح سراباً وأن هذا العصر هو عصر المقاومة.. يتضح أن هذا الاستهداف ما هو إلا للنيل من مواقف سورية الوطنية والقومية تجاه قضايا الأمة ودفاعاً عن وحدة الشعب والوطن، كونها تشكل عقبة كأداء في وجه المشاريع المطروحة لبناء «شرق أوسط جديد»، وفي نشر «الفوضى الخلاقة» التي «يبشرون» بها ويعملون على تعميمها في أكثر من مكان.

لكن تصدي سورية ومواجهتها لهذا الفصل من المؤامرة التي تحاول تشويه صورتها ومواقفها جعلهم يفقدون صوابهم مجندين في حملة دولية مسعورة هادفة إلى تقويض أمنها واستقرارها وضرب وحدة شعبها وإثارة الفتن والنعرات التي لم يعرفها تاريخ سورية على مر العصور.

إن سورية، وقد واجهت المؤامرة وتصدت لها ومضت قدماً في مسيرة التطوير والتحديث والإصلاح وأقرت إصلاحات كانت أكبر بكثير من حجم المطالب. أثبتت أنها عصية على التفتيت، وهي لا تزال على نهجها متمسكة بخياراتها رغم كل أشكال التدخل، بفضل وعي أبنائها وإدراكهم لما يخطط لهم، وما تصريحات الأمين العام للجامعة العربية ـ المنتهية صلاحياته ـ المستغربة وغير المتوازنة، إلا تجاهلاً فاضحاً لحقيقة ما تتعرض له سورية تحت ستار طموحاته الانتخابية واستجابة لضغوط القوى الدولية التي حركته الآن وتحركه في كل آن، بهدف تلبية أجندات الغرب الساعية الى استصدار قرار في مجلس الأمن وهي تحتاج إلى قناع الجامعة العربية لتمريره كذلك مخططاتها التي لا تخدم في النهاية سوى «إسرائيل»، ما دفع بالسفير يوسف أحمد مندوب سورية الدائم لدى الجامعة العربية الى الإعراب عن قلقه واستغرابه الشديدين من التصريح الذي صدر عن السيد عمرو موسى والرد عليه بما يستحق.

إن دخول «إسرائيل» والولايات المتحدة الأميركية ومعهما الغرب على خط الأزمة السورية بات واضحاً، وذلك بهدف الانتقام من مواقف سورية تجاه المقاومة، وفي سياق المخطط المعادي بعد تدمير العراق، لضرب كل مقومات الصمود والمقاومة في الأمة وتقطيع أوصالها من السودان إلى ليبيا واليمن مروراً بالبحرين وما يدبر للبنان من فتن وعدم استقرار. وما اشارت إليه صحيفة نيويورك تايمز الأميركية بأن الرئيس الأميركي باراك أوباما يقود مشروعاً عالمياً لإنشاء شبكة انترنت خفية وأنظمة هاتف محمول تساعد في تقويض الحكومات ممول من وزارة الخارجية الأميركية، مع شبكات لاسلكية سرية تمكن الأفراد من التواصل خارج نطاق سيطرة الحكومات، ما هو إلا جزء من المخطط الأميركي الجديد، إلى جانب شبكات تجسس داخل متجر في الطابق الخامس من مبنى داخل شارع وول ستريت في واشنطن حيث تقوم مجموعة من رجال الأعمال الشباب بتجميع معدات تبدو بريئة في ظاهرها لكنها في الحقيقة انترنت داخل حقيبة سفر. وبحسب الصحيفة أيضاً، فإن الخارجية الأميركية قدمت تمويلاً بقيمة مليوني دولار من أجل تطوير هذه الحقيبة التي يمكن إخفاؤها وتمريرها عبر الحدود بشكل سري، وما الاعترافات الموثقة بالصور لأفراد الجماعات المسلحة التي عاثت قتلاً وفساداً وإرهاباً داخل المدن السورية سوى خير دليل على ذلك.

إن الأكاذيب التي تطلقها أبواق الدعاية المعادية ووسائل الإعلام العربية قبل غيرها، وبث الصور المزيفة وتقديم المال والسلاح من دول الكون المعادية، إضافة إلى عمليات القتل والإجرام المنظمة على يد التنظيمات المسلحة. كل ذلك في إطار المخطط الأميركي «الإسرائيلي» الغربي الهادف إلى إضعاف جبهة المقاومة والممانعة، وها هي اذاعة BBC تضطر الى تكذيب خبر سبق أن نشرته عن استقالة السفيرة السورية في باريس، وها هي التنظيمات الإرهابية تخطف المواطن العربي السوري محمد سعيد حمادي (40 عاماً) من محافظة أدلب وتمارس عليه كل وسائل التعذيب لأنه دعا إلى حوار تحت سقف الوطن، وها هو وزير خارجية فرنسا آلان جوبيه «الذي يفكر طويلاً حتى يخطئ» كما وصفه مواطنه ونظيره السابق رولان دوما بداية هذا الأسبوع، لا يتوقف عن دس السم في أي طعام سوري… وها هي هيلاري كلينتون ترى ما يحدث في سورية، لكنها لا ترى ما حدث في العراق أو في البحرين، وها هو بان كي مون الغائب عن الوعي قد جاءه «الوحي»، وها هو أحدهم في صدر صحيفة لبنانية «ينعي الحزب الذي مات ولم يجد من يدفنه» «وينعي القيادة التي لم يتغير الكثير من وجوهها وكأن الأمهات لم تلد غيرهم» وكأن الحزب متحف لحفظ شخوص الماضي».

وها هو أحد الشعراء الذي استشعر وعرف «أن سورية أرحب وأغنى وأكبر من أن تختزل في حزب لأن التجربة فاشلة ولأنه أساء إلى الهوية». هذا الظلم والتجافي للحقيقة ما هو إلا خدمة للأعداء، فصمود سورية وممانعتها ووقوفها إلى جانب حركات المقاومة في العراق وفلسطين ولبنان، وبقاؤها الصوت الوحيد، لم يظهر لأولئك المطبلين الذين فتحوا صفحات إعلامهم كلها لمحاربة سورية، وسمحوا للأبواق الهدامة كلها وأفردوا لها كل مساحات القضايا والآراء وحتى الصفحة الأولى دون أن يتسنى لصوت واحد قول الحقيقة؟ إنها أموال قطر ومنابر عزمي بشارة التي تفوح رائحة العفن منها. لهؤلاء نقول أن الحزب لم يمت ولن يموت ما دام هناك فكر قومي عربي أصيل وما دام هناك دم يجري في العروق، وطالما أن هناك أمهات يلدن أبناء بررة يشربون من ثقافة الصمود والمقاومة ونهج الرسالة الخالدة، ولهم نقول أيضاً أن سورية صامدة وستبقى عرين البعث، وسورية ستصمد مستقبلاً لأن أبناء العرين هم حماة ديارها، وسورية ستبقى لأنها سورية المقاومة والصمود.
  

السابق
البناء: سليمان: الوزارة لبنانية مئة في المئة ميقاتي: المنتصر هو لبنان
التالي
الجمهورية: أبرز عناوين البيان الوزاري والكونغرس لوقف المساعدات المالية عن لبنان