الانباء: ميقاتي يعلن حكومة كلنا للوطن كلنا للعمل اللبنانية وآذار شككت في إمكان حصول مجلس الوزراء الجديد على الثقة بسبب ركاكة بنيانها السياسي

وأخيرا، وبعد جهد جهيد وتريث وانتظار وقراءات لأوضاع الداخل ومعطيات المحيط، ولدت الحكومة الميقاتية في قصر بعبدا ظهر أمس الاثنين، بأكثرية جديدة مطعمة بوزراء للرئيس ميشال سليمان وآخرين للرئيس نجيب ميقاتي مع طغيان ملحوظ لتيار العماد ميشال عون الذي استحوذ اضافة الى وزارات الاتصالات والطاقة والسياحة على «نصف» وزارة الداخلية ووزارة العدل ووزارة الثقافة.

وكان الرئيس السوري بشار الأسد أول المتصلين بالرئيس ميشال سليمان مهنئا بالحكومة التي ما كانت لتبصر النور لولا تنازل رئيس مجلس النواب نبيه بري عن المقعد الوزاري الشيعي الخامس، لممثل «المعارضة السنية» السابقة فيصل عمر كرامي، بعدما استحال على الثنائي الشيعي أمل وحزب الله إقناع ميقاتي بتوزيره من حصة السنة، مفضلا عليه حليفه النائب أحمد كرامي، بحيث باتت الحكومة الجديدة تضم 7 وزراء سنة و5 شيعة، وبالتالي بات فيصل كرامي ممثلا لاتجاه حركة أمل في مجلس الوزراء، أكثر مما هو ممثل لقاعدته الشعبية الطرابلسية.

ردود الفعل الأولية من جانب 14 آذار شككت في إمكان حصول هذه الحكومة على الثقة بسبب ركاكة بنيانها السياسي أمام الاستحقاقات والالتزامات التي عليها مواجهتها إقليميا ودوليا، وفي تقدير هؤلاء ان استعجال الحكومة على هذا النحو متصل باعتبارات المرحلة السورية الراهنة، بدليل حرص الرئيس الأسد على ان يكون المبادر بالتهنئة.

كما ان ثمة جانبا آخر يعكسه الرئيس نجيب ميقاتي، ويتمثل في ان استعجال الحكومة قبل جلسة الأربعاء النيابية التي حددها الرئيس نبيه بري لإجراء تعديل يمدد ولاية حاكم مصرف لبنان، استهدف الغاء مبرر عقد هذه الجلسة، كما حصل بالفعل.

وثمة هدف آخر يلمسه المعارضون الجدد ولا يعترف به الأكثريون، وهو انه بمجرد صدور مراسيم الحكومة الجديدة وقبول استقالة حكومة سعد الحريري، توقفت مهمة هذه الأخيرة في تصريف الأعمال، ما يعني ان القوى الدافعة لتشكيل الحكومة تحسب حساب المستقبل القريب سواء كان أمام الأمم المتحدة وعلاقتها بلبنان من خلال المحكمة الدولية أو أمام مجلس الأمن الناظر في العقوبات على سورية وفيه لبنان ممثلا للمجموعة العربية.

كلنا للوطن كلنا للعمل

الرئيس ميقاتي خرج من مولد الحكومة بشعار حكومة «كلنا للوطن كلنا للعمل».

وأضاف ان الحكومة ستكون حكومة كل لبنان، وستعمل من أجل جميع اللبنانيين، دون تفريق او تمييز بين من سيوليها ثقته او من سيحجبها عنها، ودون مسايرة لفريق على حساب آخر، او تسليم بمنطق المنتصر والمهزوم، او ممارسة كيدية او انتقامية، وستكون حريصة كل الحرص على المحافظة على العلاقات الأخوية المتينة التي تجمع لبنان مع كل الدول العربية الشقيقة من دون استثناء.

وتابع: «كل ما رافق هذا التشكيل من صعوبات وعقد ومطالب، تمكنا بتعاون صادق مع جميع المعنيين، وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، من تذليلها، فكانت هذه الحكومة التي نتطلع إلى أن تنال ثقتكم وثقة ممثليكم في الندوة البرلمانية، لتنصرف فورا الى العمل، وفق المبادئ والأسس التي أكدنا التزامنا بها مرارا، وأهمها التمسك بتطبيق دستور الطائف تطبيقا كاملا، والدفاع عن سيادة لبنان واستقلاله، وتحرير ما تبقى من أرضه محتلا من العدو الإسرائيلي، ومعاودة حوار وطني هادف وبنّاء حول المواضيع التي تتباين آراء اللبنانيين حيالها تحت سقف المؤسسات الدستورية، إننا على ثقة بأن هذه الثوابت التي يجمع عليها اللبنانيون، هي التي تحفظ وحدة لبنان واستقراره، وتحقق التضامن بين أبنائه، وتحمي صيغة العيش المشترك، وتلتزم الأصول والقواعد التي تميز بها لبنان، فنتمكن من مواجهة التحديات التي تنتظرنا، الداخلية والخارجية، بمسؤولية وطنية جامعة تستجيب لآمال اللبنانيين وطموحاتهم وتجعلهم يطمئنون الى ان غدهم سيكون آمنا ومستقرا.

وعن شعار الحكومة قال ميقاتي: «لقد اخترنا شعارا لحكومتنا «كلنا للوطن، كلنا للعمل» ليقيننا بأن اللبنانيين ملوا من الكلام ويتطلعون الى الاهتمام بما يعانون منه في حياتهم اليومية، اقتصاديا واجتماعيا وصحيا وتربويا.

وإذا كانت دول العالم منشغلة بأحداث ومتغيرات تشهدها دول عربية شقيقة، فإنها في الوقت نفسه تتابع ما يجري عندنا لتستكشف قدرتنا على حماية وطننا وتجنيبه اضطرابات سياسية وأمنية ومالية واقتصادية، وتمكينه من مواصلة دوره الرائد في محيطه والعالم، ودفاعه عن القضايا العربية العادلة وفي طليعتها تحرير الأراضي العربية المحتلة، وحق الشعب الفلسطيني الشقيق في العودة الى أرضه وقيام دولته المستقلة وعدم توطينه في الدول التي تستضيفه ومنها لبنان.

لذلك فإننا نؤكد ان هذه الحكومة، حريصة كل الحرص على المحافظة على العلاقات الأخوية المتينة التي تجمع لبنان مع كل الدول العربية الشقيقة من دون استثناء وستسهر على تنميتها وتطويرها في جميع المجالات، وهي تتطلع الى تعاون صادق مع هذه الدول يقوم على احترام كامل ومتبادل لسيادة كل دولة واستقلالها وسلامة أراضيها، أما وفاء لبنان بالتزاماته العربية والإقليمية والدولية، فهو من الثوابت في سياسة الحكومة التي ستحترمها بالتوازي مع تمسكنا بكرامتنا وحرية قرارنا النابع من المصلحة الوطنية العليا التي لا تهاون فيها او مساومة.

وختم ميقاتي قائلا: «ان هذه الحكومة، التي لي شرف رئاستها هي حكومتكم جميعا، في اي موقع كنتم، في الموالاة او المعارضة، او في الوسطية الفاعلة والمتفاعلة، وهي تدرك ان مسيرتها ليست مفروشة بالورود، ولا هي خالية من العوائق والأفخاخ والتحديات.. لكنها تدرك في المقابل ان إرادتكم الواحدة والمتضامنة، وإيمانكم بوطنكم، وقناعتكم بأنه لا بديل عن العيش المشترك، تشكل كلها جسر العبور الى نجاحها في التجاوب مع أمانيكم وآمالكم لمواجهة الأخطار الكبرى والأزمات وقطع دابر الفتن، بما يحفظ الوجود ويحمي الوحدة ويصون الكيان».

في هذا الوقت أعلن رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان «استقالته من الحكومة التي يرأسها المدعو نجيب ميقاتي».

وقال: «لا يشرفني ان أجلس على يمينه في حكومة يرأسها ولكني أكن كل الاحترام للوزراء الموجودين في الحكومة إلا أن نجيب ميقاتي تكاذب طيلة فترة 5 أشهر، وأحرج المقاومة مع كل الحلفاء، وهو كان يقول لكل اللبنانيين انه يوافق على منح أرسلان حقيبة شرط ان تأتيني إشارة من المقاومة (حزب الله)». وأضاف: «حصل تكاذب وقرصنة في تشكيل الحكومة وقد حاول ميقاتي معي كما حاول مع غيري مثل (رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال) عون والمقاومة، كما حاول أن يخلفنا مع (رئيس جبهة النضال الوطني النائب) وليد جنبلاط، ولا يشرفني أن أكون شاهد زور والآتي أعظم في ظل هذه الحكومة».

أرسلان، وفي مؤتمر صحافي تلا إعلان الرئيس نجيب ميقاتي تشكيلة الحكومة التي أسند إليه فيها وزارة دولة، قال: «هناك تعاط غير لائق وتمييز عنصري في حق الطوائف المشرقية في توزيع الحقائب وخصوصا بطريقة التعاطي مع الطوائف من الدروز والأرثوذكس والأقليات والطوائف المشرقية»، مشددا على أن هذه الأقليات «من حقها الطبيعي تولي الوزارات السيادية ويشرفون أي وزارة، وتصنيفنا كما يهوى ميقاتي بأن يقول هو تواطؤ على الدروز والعيش المشترك والميثاق الوطني».

وتابع في هذا الخصوص بالقول: «انطلاقا من وعدي وتمثيلي للدروز في الجبل فلا يمكن أن يأخذ ميقاتي توقيعي وهو متآمر على العيش المشترك والعقد الاجتماعي وقد اتخذنا قرارا في الحزب انسجاما مع قناعتي بأن نحجب الثقة عن حكومة ميقاتي وسأطلب من (رئيس مجلس النواب نبيه) بري أن أكون من أول المتكلمين في جلسة الثقة».

وإذ هنأ الرئيس سعد الحريري «بهكذا خصم»، قال أرسلان: «أعتقد أن الحريري سيعود على حصان أبيض»، معربا عن أمله في أن يكون مخطئا لهذه الجهة.

السابق
نجما الدهاء السياسي الجديدان:عون وفرنجيّة
التالي
المستقبل: رئيس الحكومة يعترف بأن صاحب السلاح هو صاحب الأكثرية في التشكيلة وأن بري عدّلها وحزب الله يعطي ميقاتي وزير دولة ويأخذ منه الدولة