المستقبل: رئيس الحكومة يعترف بأن صاحب السلاح هو صاحب الأكثرية في التشكيلة وأن بري عدّلها وحزب الله يعطي ميقاتي وزير دولة ويأخذ منه الدولة

بعد أقل من ساعة على ولادة حكومة الانقلاب، أجرى الرئيس السوري بشّار الأسد اتصالاً هاتفياً بكل من رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس مجلس النواب نبيه بري مهنئاً بولادتها وتجاهل الرئيس نجيب ميقاتي.

الحكومة المنبعثة بعد أكثر من أربعة اشهر ونصف شهر من المشاحنات والاتهامات والعقبات، جاءت بعد اجتماع رئاسي ثنائي دام نحو أربع ساعات جمع الرئيس سليمان والرئيس ميقاتي تحول ثلاثيا بانضمام الرئيس بري الى جزء منه، تخللته مشاورات واتصالات مع القوى المعنية في فريق الاكثرية أفضت الى تذليل عقد كانت لا تزال ماثلة في التشكيلة التي كان حملها ميقاتي الى بعبدا وفي مقدمها توزير فيصل كرامي في حقيبة الشباب والرياضة مقابل وزارة دولة الى حليفه النائب احمد كرامي الذي اشارت المعلومات الى "تضحية" قدمها الرئيس نبيه بري في هذا المجال بتنازله عن الوزير الشيعي السادس لمصلحة وزراء الرئيس ميقاتي، الأمر الذي احدث سابقة لم تعهدها الحكومات اللبنانية تمثلت بـ7 وزراء للطائفة السنية مقابل 5 وزراء للطائفة الشيعية كانت نتيجتها أن "حزب الله" وحلفاءه أعطوا ميقاتي وزير دولة وأخذوا مقابله الدولة برمّتها. اما الوزير الماروني السادس فجاء لمصلحة نائب جبيل السابق ناظم الخوري، فيما كانت المفاجأة بإعلان النائب طلال ارسلان الذي أُسندت إليه وزارة دولة، استقالته "من الحكومة التي يرأسها المدعو نجيب ميقاتي"، وقال "لا يشرفني أن أجلس على يمينه في الحكومة"، لافتاً إلىعملية "قرصنة في تشكيل الحكومة"، متهماً ميقاتي بـ"الكذب"، مضيفاً "آمل ان أكون مخطئاً، وأهنئ الشيخ سعد الحريري بهكذا خصم وآمل أن أكون مخطئاً وسيعود سعد الحريري على حصان أبيض(..)".
في هذا الوقت كان أنصار أرسلان يقطعون الطريق الرئيسي في منطقة خلدة باتجاهي بيروت والجنوب، مشعلين الأطر المطاطية. كذلك قاموا بتحركات مماثلة في عاليه وحاصبيا.

وجرت مساء اتصالات بأرسلان لتغيير موقفه، ولذلك تقرر تأخير انعقاد الجلسة الأولى لمجلس الوزراء 24 ساعة حتى يوم غد، بدلاً من اليوم، لبلورة نتائج هذه الاتصالات التي اذا لم تفلح فإن اسم مروان خير الدين المقرب من ارسلان مطروح ليحل مكانه.

المراسيم
وكان الأمين العام لمجلس الوزراء سهيل بوجي تلا من بعبدا مراسيم استقالة حكومة الرئيس سعد الحريري، ومرسوم تسمية ميقاتي رئيساً لمجلس الوزراء، ومرسوم تشكيل الحكومة، التي ضمّت 3 وزراء من حصة رئيس الجمهورية، وخمسة وزراء من حصة الرئيس ميقاتي، وأحد عشر وزيراً من حصة "تكتل التغيير والإصلاح" ووزارتين لكل من "حزب الله" وحركة "أمل"، ووزارة واحدة لـ "الحزب السوري القومي الاجتماعي" وثلاث وزارات لـ "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط وحقيبة واحدة للمعارضة السنية.

ومن المقرر أن تلتئم الحكومة غداً الأربعاء في أول اجتماع لها في قصر بعبدا بعد أخذ الصورة التذكارية.

وأوضحت أوساط سياسية واسعة الاطلاع على تأليف الحكومة لـ"المستقبل" ان الرئيس ميقاتي قصد قصر بعبدا حاملاً تشكيلة حكومة أمر واقع، على أساس ان استمرار الوضع بلا حكومة لم يعد يُحتمل لا سياسياً ولا اقتصادياً ولا اجتماعياً. واستمزج رأي الرئيس سليمان في الموضوع الذي أصرّ بدوره على ضرورة تشكيل الحكومة، وجرى اتصال بالرئيس بري للانضمام الى الاجتماع.

وبعد خروج الرئيس بري الذي لم يكن مرتاحاً حينها لتطور الموقف، أجرى اتصالات بأركان الأكثرية الجديدة، أفضت إلى إعطاء موقع وزير شيعي للسنّة للتمكن من توزير أحمد كرامي وفيصل كرامي معاً. فبعدما كان عدد الوزراء الشيعة ستة والسنّة ستة، بات الآن عدد الشيعة خمسة والسنّة سبعة.
وأصرّ رئيس الجمهورية أيضاً على توزير مستشاره ناظم الخوري على الرغم من عدم رضا تكتل "التغيير والاصلاح" على ذلك.

وكشفت الأوساط عن ان التأليف بعد التعثر والشلل اول من أمس، جاء نتيجة عوامل عدة من أبرزها إصرار الرئيسين سليمان وميقاتي على أن تصدر الحكومة أمس ووجود تمنّ اقليمي، وسوري تحديداً بتشكيلها.

فجرى تقديم تسهيلات من كل الأطراف لاسيما من الطرف الشيعي لانجاز عملية التشكيل.

وذكرت اوساط ديبلوماسية بارزة لـ"المستقبل" ان تأليف الحكومة اللبنانية جرى تحت تأثير ضغوط سورية "انعكست مونة على الشيعة". لذا، فإنّ دمشق، استناداً إلى المصادر، تحتاج إلى حكومة موالية لها في لبنان نظراً إلى الاحراج الذي تواجهه على مستوى الداخل السوري، إذ ان ثمة قلقاً سورياً من ان يكون أي مزيد من التأخير في تشكيل الحكومة يفوّت الفرصة على حكومة موالية لها، من شأنه أن يعيد طرح اسم الرئيس سعد الحريري لتولي هذا المنصب، وبالتالي لتفويت الفرصة على فريق الرابع عشر من آذار للعودة الى تأليف الحكومة.

ميقاتي
ومساءً، أكد الرئيس ميقاتي ان حصول حزب الله وحلفائه على اكثرية في الحكومة الجديدة "لا يعني ان لبنان بات في مواجهة المجتمع الدولي". وقال لوكالة "فرانس برس" ان "حصول حزب الله وحلفائه على 18 وزيرا في الحكومة لا يعني ان لبنان سيغرق في الخط المتصلب في مواجهة المجتمع الدولي".

وكان أطلّ بعد إعلان المراسيم معلناً "الاحترام والشكر للرئيس نبيه بري الذي لولا وطنيته وتضحياته لما أبصرت هذه الحكومة النور"، مشيراً إلى أنه "كان هناك تشكيلة جاهزة وجرى بعض التعديل عليها"، ومستبعدًا بالتالي "التحفظ على هذه التشكيلة". وإذ أوضح ردًا على أسئلة الصحافيين في القصر الجمهوري أنه "خلال الساعات الأخيرة" أخذ قراره "بالإقدام على تشكيل الحكومة لأن الأمور ساءت إلى درجة بات صعبًا تشكيلها بعد اليوم"، واعداً بأن تكون حكومته "حكومة كل لبنان" وأن لا تسلمّ "بمنطق المنتصر والمهزوم" ولا تنتهج "الكيدية السياسية"، داعيًا إلى عدم الحكم عليها بناءً "على النيات والأشخاص بل على الأداء والأعمال(..)".

تضحية بري
على صعيد متصل، أعلن علي حمدان المستشار الإعلامي للرئيس بري أن رئيس المجلس "ضحى بوزير من الطائفة الشيعية"، وقال "هي تضحية من بري ليدخل فيصل كرامي الحكومة"، موضحا أنه قام بهذه التضحية لـ"انقاذ الوضع الحكومي".

ارتباك
وسبق إعلان أرسلان استقالته، مواكبة إعلامية من إعلام 8 آذار عكس ارتباكاً كبيراً من هذه القوى حيال خطوة ميقاتي بإعلان الحكومة، من خلال زخات من الأخبار العاجلة أثناء انعقاد اجتماع قصر بعبدا الثلاثي، الذي غادره الرئيس بري "ممتعضاً" وفق محطة "الجديد" و"المؤسسة اللبنانية للارسال"، وقبل ذلك عبّرت كل من محطة "المنار" و"أو.تي.في" عن "تفاجؤ" الأكثرية النيابية المستجدة بخطوة ميقاتي، قبل أن يتدرّج منسوب استهجان مصادر "المنار" من إعلان "التفاجؤ" بلقاء بعبدا و"التخوف من حكومة الأمر الواقع"، مروراً بتأكيدها أنّ "عقبات تمثيل المعارضة السنية والنائب طلال ارسلان والمقعد الماروني السادس لم تُحل بعد"، إلى مستوى التبرؤ من حكومة ميقاتي عبر الإشارة إلى أنّ "إعلانه الحكومة من دون معالجة العقبات هو إعلان من طرف واحد".

كذلك، عُلم أن "تكتل التغيير والإصلاح" سيعقد اجتماعاً اليوم ليحسم موقفه من الحكومة.

واشنطن
وفي واشنطن، تعاملت الولايات المتحدة بحذر مع اعلان تشكيل الحكومة، معلنة انها ستقيم هذا الفريق الحكومي "بناء على افعاله". وقال مارك تونر المتحدث باسم الخارجية الاميركية "سنحكم عليها (الحكومة) بناء على افعالها"، مضيفا "المهم في نظرنا ان تلتزم الحكومة اللبنانية الجديدة الدستور في لبنان، ان تنبذ العنف، وخصوصا محاولات الثأر من مسؤولين حكوميين اخرين، وان تحترم التزاماتها الدولية بما فيها قرارات مجلس الامن الدولي والتزامها حيال المحكمة الخاصة".

السابق
الانباء: ميقاتي يعلن حكومة كلنا للوطن كلنا للعمل اللبنانية وآذار شككت في إمكان حصول مجلس الوزراء الجديد على الثقة بسبب ركاكة بنيانها السياسي
التالي
12 حزيران بين تركيا وإيران