الشرق الاوسط: فوز كبير لأردوغان قد لا يمنحه القدرة على تعديل الدستور

حقق حزب العدالة والتنمية الحاكم تقدما كبيرا جدا في مسعاه للحصول على غالبية تؤهله لتغيير الدستور وإعداد دستور جديد للبلاد يكون أول دستور "صنع على أيدي المدنيين"، بعدما اعتادت الانقلابات العسكرية على وضع دساتير الجمهورية العلمانية، لكن هذا التفوق الذي تخطى الـ50% من أصوات الناخبين لن يسمح له بتعديل الدستور منفردا، إذ تراجع عدد مقاعده في البرلمان إلى 327 مقعدا وفق نتائج الفرز الأولية مساء أمس، مما سيعني أن رغبته في تعديل الدستور لن تتحقق إلا بتحالفه مع أحد الأحزاب الأخرى، وإلا فإنه سيلجأ إلى الاستفتاء العام لتحقيق غايته، لأنه يحتاج إلى 330 صوتا في البرلمان للدعوة إلى الاستفتاء.

وأظهرت النتائج غير الرسمية مساء أمس بعد فرز 94 في المائة من الأصوات حصول حزب العدالة والتنمية على 50.56 في المائة من أصوات الناخبين، بتقدم عن الانتخابات السابقة التي حصل فيها على 46.4 في المائة، لكن النظام الانتخابي النسبي المعمول به في تركيا سحب منه 14 مقعدا كانت معظمها من حصة المرشحين الأكراد الذين كانوا أكثر الفائزين في هذه الانتخابات فعليا برفع عدد مقاعدهم إلى أكثر من 30 مقعدا مقابل 19 في البرلمان السابق.

ومثل حزب العدالة والتنمية فإن حزب الشعب الجمهوري، أكبر الأحزاب المعارضة، أصيب بخيبة أمل كبيرة رغم تقدمه في نسبة الأصوات من 20.8 في المائة إلى 25.6، وتقدم عدد مقاعده في البرلمان من 112 إلى 136، إلا أنه تعرض لخسائر فادحة أفقدته معاقله الأساسية، وأبرزها مدينة أنطاليا السياحية، مسقط رأس زعيمه السابق دينيز بايكال، محتفظا فقط بمعاقله على ساحل بحر إيجه والقسم الأوروبي من تركيا، بينما خسر ساحل المتوسط كاملا لصالح العدالة والتنمية الذي حقق مكسبا هاما آخر، هو تقدمه في مدينة أزمير، أكبر معاقل الحزب الجمهوري ليصبح حزب العدالة ثانيا بفارق 5 نقاط فقط عن الحزب الجمهوري الأول.

وقد أظهرت النتائج الأولية أن 4 أحزاب ستدخل البرلمان الجديد، هي: حزب العدالة والتنمية بـ50.56%، مما سيؤهله لنيل 327 مقعدا فقط، وحزب الشعب الجمهوري بـ25.6% (135 مقعدا)، وحزب الحركة القومية المتطرف بـ13.3% (57 مقعدا)، بينما سينتظر المرشحون الأكراد "المستقلون" نظريا انعقاد أول جلسة للبرلمان للإعلان عن انتمائهم إلى حزب "الديمقراطية والسلام" بسبب النظام الانتخابي الذي يمنع الأحزاب التي لا تنال 10% من مجموع أصوات الناخبين من التمثيل في البرلمان. وخاض رئيس الحكومة التركي، الذي حقق "ثلاثيته التاريخية" بضمانه تأليف الحكومة للمرة الثالثة على التوالي منفردا، معركته مع بقية الأحزاب التي اجتمعت على مخاصمته، مستعينا بكاريزما لافتة جعلته "الرجل الأول" في تركيا، ومكنته من انتزاع المكاسب واحدا تلو الآخر في حربه مع العلمانيين المتشددين ومع الجيش والقضاء.

كانت الانتخابات قد بدأت في الساعة السابعة من صباح أمس في المناطق الشرقية البعيدة، وفي الثامنة في بقية المناطق. وقد شهدت انتخابات هذا العام الكثير من التعديلات الجديدة، منها الصندوق البلاستيكي الشفاف بدلا من الخشبي، والسماح للناخبين بالإدلاء بأصواتهم ببطاقة الهوية، فقد تقدم الناخبون للتصويت بالبطاقة المدنية أو جواز السفر أو حتى رخصة قيادة السيارة أو شهادة تسجيل الزواج. وقد صوت رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في مركز مدرسة برهانية الابتدائية بمنطقة أسكودار بالجزء الآسيوي من إسطنبول، بينما صوت رئيس الحزب المنافس كمال كليدشار أوغلو في أنقرة على الرغم من أنه مرشح في إسطنبول عن الدائرة نفسها التي ترشح فيها أردوغان، بينما صوت رئيس الجمهورية عبد الله غل في أنقرة، وصوت وزير الخارجية أحمد داود أوغلو في مسقط رأسه في مدينة قونيا. واستُقبل أردوغان، برفقة زوجته، بالترحيب من أهالي المنطقة التي تعتبر تقليديا من الدوائر الانتخابية المؤيدة لحزبه، حزب العدالة والتنمية، بسبب طبيعة سكانها المحافظين. وبعد الإدلاء بصوته، تحدث أردوغان إلى الصحافيين قائلا: "إن هذا اليوم يوم جميل لتركيا؛ حيث يعبر الشعب عن إرادته من خلال صناديق الاقتراع"، واصفا الحملة الانتخابية التي خاضها بـ"المتعبة والممتعة في آن واحد". وأضاف أن تركيا "تشهد اليوم على إرادة الشعب في اختيار الحكومة المقبلة"، مشيرا إلى أن "على الجميع احترام هذه الرغبة". وختم بالقول: إن الأخبار التي تتوافد من جميع أنحاء البلاد تفيد بأن العملية الانتخابية "تسير بشكل سلس ودون أي عقبات".

وتم تسجيل بعض حوادث العنف بسبب اتهامات بالتزوير. فقد أفادت وكالة أنباء "الأناضول" بأن 5 من أعضاء الحزب الحاكم تعرضوا للضرب أمس بعد اتهامهم بمحاولة إدخال بطاقات انتخابية مزيفة إلى مركز اقتراع في ضاحية كيتشيورين بالعاصمة أنقرة. وذكرت الوكالة أن الشرطة أطلقت النار في الهواء لإنهاء الشجار، ونقلت 5 من أنصار الحزب الحاكم في حافلة رشقها أنصار المعارضة بالحجارة. وبعد ذلك هوجمت سيارة أمام مركز الاقتراع، للاشتباه بأنها تحمل بطاقات اقتراع مزيفة، مما دفع الشرطة إلى إطلاق الغاز المسيل للدموع لتفريق الحشود. وقالت الوكالة إنه تم احتجاز 14 شخصا. ووصف صالح كابوسوز، نائب رئيس حزب العدالة والتنمية، الحادث بأنه "استفزاز" من قبل أكبر قوتين معارضتين هما حزب الشعب الجمهوري وحزب العمل القومي. كذلك، قامت الشرطة، في باتمان، الواقعة في المنطقة الجنوبية الشرقية التي تسكنها غالبية من الأكراد، باعتقال 34 شخصا بتهمة تهديد الناخبين لجعلهم يدعمون اثنين من القوميين الأكراد يخوضان الانتخابات كمستقلين في المدينة، بحسب وكالة "الأناضول". واعتقلت الشرطة 4 أشخاص في مدينة سانليورفا في المنطقة نفسها بتهمة الاقتراع مرتين.

وعدا هذا، تم تسجيل وفاة سيدة ستينية في بلدة أنطاليا بعد وضع ورقة تصويتها في الصندوق مباشرة متأثرة بأزمة قلبية أصابتها وعطلت الانتخابات في هذا المركز لبعض الوقت.

السابق
القرارات الصعبة
التالي
قمار الطوائف على الطاولة السورية